بادر مؤخرا مفتش التغذية المدرسية ببلدية بئر العاتر ولاية تبسة نور الدين لبري إلى تكريم عامل الإطعام المدرسي المتقاعد عمي بشير رحّال، البالغ من العمر 85 سنة، الذي قضى قرابة 40 سنة، في المطعم المدرسي بمدرسة قلبي بلقاسم، يقدم الوجبات الغذائية لأجيال من التلاميذ الذين تعاقبوا على المدرسة، ولا يزال الكثير منهم يحتفظون بذكريات طيبة عن عمي بشير. حفل التكريم الذي احتضنته مدرسة جلايلية محمد، المتفرعة عن مدرسة قلبي بلقاسم الأصلية، حضره قدماء تلاميذ، إلى جانب معلمي و مدراء المدرسة، من بينهم المدير المتقاعد شرف الدين عمارة. حفل التكريم، ورغم بساطته إلا أنه كان مفعما بمشاعر الودّ التي يكنها الحاضرون من عدة أجيال، درست بالمدرسة لعمي "بشير"، الرجل الذي احتفظ له جميع من لبوا الدعوة، بصورة الإنسان الطيب الذي جعل من تلاميذ مدرسة " قلبي بلقاسم" بمثابة أبنائه طيلة ما يقارب الأربعين سنة، لقد كانت هذه المناسبة مساحة صغيرة من الزمن، انهمرت فيها ذاكرة من كانوا زمن عمي " بشير" تلاميذ في مدرسة قلبي بلقاسم، ذاكرة كادت أن تختفي في إحدى زوايا النسيان لولا هذه اللفتة الحضارية الراقية. الحضور الذين توافدوا على المكان، حمل كل متدخل منهم قصة لطيفة مع هذا الرجل الذي أدى واجبه و أكثر، ثم انسحب في صمت، و قال أحدهم و قد اغرورقت عيناه بالدموع" كان عمي بشير يعطينا كل يوم مفتاح سعادة في لقمة طعام، أو في رشفة حليب صباحية، نتسابق إليها بلهفة البراءة التي لا تعرف حدودا"، في حين قال أحد أبنائه " كان والدي يتجه إلى عمله مع نجوم الفجر الأولى، ولا يعود إلى البيت إلا والقمر في كبد السماء.. ". و تم تكريم عمي بشير في جلسة مفعمة بتاريخ البساطة و البهجة، و أشاد مفتش التغذية المدرسية في كلمته بالمناسبة، بما قدمه المحتفى به خلال مسيرته الطويلة في الإطعام المدرسي، حيث كان نعم الأب للتلاميذ، و كان يدرك أن هدف التغذية المدرسية لا يقتصر على تحقيق حالة بيولوجية للتلاميذ، بل يمتد إلى زرع القيم والعادات الحميدة لدى الطفل، من خلال مراقبة سلوكيته داخل المطعم مع زملائه والعمال والأساتذة، وهو ما كان يقوم به أثناء عمله، حسب من عاشروه من المديرين والمعلمين، مؤكدا أن عمي بشير كان يقوم بدورين"تربوي وغذائي"، إلى جانب اهتمامه بالنظافة والصحة. أما موسى عليوات، مدير متوسطة متقاعد، فقال أنه كان أحد التلاميذ الذين يعرفون عمي بشير جيدا، عندما كان يعمل بالمطعم المدرسي، و أكد للنصر " إن تكريم العاملين ممن أفنوا أعمارهم في خدمة المجتمع والبلاد، وبالأخص حين يخدمون المدرسة والتلاميذ، واجب على المجتمع عموما، و الطبقة المتعلمة خصوصا، وهي أجيال متعاقبة استمتعت بخدمات هذا الصنف المتميز، طباخي المطاعم المدرسية، ومنهم في بلدتنا عمي بشير رحال، الذي عرفته وأنا تلميذ سنة 1970 بمدرسة جبل العنق 0نذاك،حيث كان هو الطباخ وهو من يوزع علينا أيضا الوجبات، وكم كان لطيفا ورفيقا وذا خلق وأدب.. فنحن التلاميذ كنا نريد جميعا طرف الخبزة " القرن"، لحشوه بالعدس أو اللوبيا أو الحمص، أو حتى بشربة الأرز اللذيذة، ورغم كثرة الطلبات، لكنه كان يحاول إرضاء الجميع بنبله وصبره، ولم يكن يتأفف أو يضيق صدره بطلبنا.." للتذكير، تم بهذه المناسبة أيضا، تكريم المفتش الولائي للتغذية المدرسية المتقاعد و 3 حراس مخازن المطاعم المدرسية، من بينهم متوفى، و طبيبة بيطرية تعمل بمكتب حفظ الصحة ببلدية بئر العاتر، يعود لها الفضل في مراقبة و حجز 9 قناطير من لحم الدجاج الفاسد، كانت موجهة للمطاعم المدرسية في شهر رمضان الماضي.