منارة مليانة عادة أصيلة تختزل 4 قرون من الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف تختزل منارة مليانة عادات وتقاليد تعود إلى 4 قرون من الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في هذه البقعة الضيقة من الأرض التي تتواجد على سفح جبل زكار وتتخذ أشكالا متعددة منها شكل أساطيل بحرية، مساجد أو صوامع ذات دلالات ومعاني عميقة. ويسرد عمي جريدي أحد أبرز الحرفيين بمنطقة مليانة أن بداية الاهتمام بصنع المنارات بالمنطقة يعود لقرون بعيدة. و لا زال الكثيرون أوفياء لهذه العادة التي يبدأ التحضير لها 3 أشهر تقريبا قبل موعد المناسبة، و ذلك من خلال جمع الألواح الخشبية و المستلزمات التزيينية التي تدخل في تجسيد التصاميم المعدة بعناية من طرف عشاق منارة المولد النبوي الذين يحرصون على تنويع أشكالها و يميلون بشكل خاص إلى الأساطيل البحرية كتعبير عن القوة البحرية التي كانت تتمتع بها الجزائر إبان العهد العثماني. كما يعود شكل المساجد و الصوامع بكثرة تماشيا مع البعد الديني للمناسبة. و استرسل محدثنا قائلا أن لكل بيت منارة كما توجد لكل حي منارته الخاصة التي يتنافس أبناء كل حي على إعدادها في شكل مميّز، ويذكر أنه يقوم بمساعدة كل من يرغب في صناعة هذه التحف الجميلة، كما يعكف هو الأخر مع مطلع كل مولد على صناعة ما يزيد عن 300 منارة يبيعها بأسعار رمزية للزوار القادمين من العاصمة و البليدة و أبناء المنطقة تحديدا من أجل الحفاظ على عادات و تراث المنطقة. و يشير الباحث في مجال التراث المادي و اللامادي عباس كبير /مدير متحف الأمير عبد القادر بمليانة/إلى مدى رمزية المنارة في جمع شمل السكان في عادة متجذرة منذ القدم والتي يعود الفضل في استعادة استعمالها في احتفالات المولد النبوي الشريف إلى السيد" قسطا علي" ابن مدينة مليانة ، الذي بادر إلى صنع منارة بشكل باخرة ذات مدافع إشارة منه إلى الأسطول البحري الجزائري الذي كان له صيت كبير في البحر المتوسط، حيث زاد طول التحفة عن المترين و نصف المتر و قام بتزيينها بشكل مثير للإعجاب قبل أن توّجهه بها في موكب جماهيري كبير في جولة بين أزقة المدينة و هو يرّدد و من معه أناشيد دينية تسمى "الجلالة" أمام مقرات السلطات الاستعمارية و وصل بها إلى غاية ضريح الولي الصالح سيدي أحمد بن يوسف. و أضاف موضحا أن منارة مليانة ليست عادة جديدة و إنما يزيد عمرها عن الأربعة قرون من الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف ، و أشكالها لها دلالات ومعاني و أبعاد روحية كثيرة. ويتم التحضير للاحتفال بالمولد النبوي الشريف بمدينة مليانة على المستويين الأول الشعبي لدى العائلات، أما الثاني فيتم على مستوى رسمي تتنافس خلاله العائلات و الأحياء على حد سواء في صنع المنارات وتخرج منارة الأحياء محمولة باليد أو على عربة بعد صلاة العصر في مسيرات تشارك فيها جموع غفيرة من المشاركين يتقدمهم سكان الأحياء و المدعوين إلى أن تصل الوفود بعد أن تجوب القوافل أهم الشوارع "كاسنبول "، و "الحديقة " مقام الولي الصالح سيدي أحمد بن يوسف، وبالمكان تقام الصلاة ثم ينطلق الحفل بالمدائح الدينية على وقع الزرنة لتوزيع الحلويات وغيرها من المأكولات و الأطباق التقليدية.