بدأ الخناق يضيق فعلا على فرنسا في مناطق نفوذها القديمة في إفريقيا حيث باتت تواجه العديد من التحديات والمتاعب التي تحول دون نجاح مخططاتها الاستراتيجية في الساحل، وفق ما أفادت وسائل إعلام اليوم الثلاثاء. و"تصاعدت مشاعر الغضب والاحتقان ضد الوجود الفرنسي في إفريقيا، حيث اندلعت خلال الفترة الأخيرة احتجاجات حاشدة في بوركينا فاسو، مطالبة بانسحاب القوات العسكرية الفرنسية وإنهاء الاستعمار من المنطقة"، يقول مقال لموقع قناة "تي ار تي" التركية. و أشار ذات المصدر إلى الدعوات الإفريقية بإنهاء الاستعمار "الذي بدأ يتخذ في المنطقة أشكالا مختلفة واستنزف ثرواتها طيلة عقود وزاد في عمق أزماتها، ولم يوقف خطر الجماعات المسلحة واعتداءاتها، الذي كان المبرر الرئيسي الذي ادعته باريس وراء وجودها في تلك المناطق". وفي السياق، شهدت بوركينافاسو منذ يوم الخميس مظاهرات دعت إلى إنهاء التواجد العسكري الفرنسي في البلاد، حيث يرفض البوركينابيون "إعادة الاستعمار الفرنسي لإفريقيا"، محملين إياه مسؤولية تأزم الأوضاع الأمنية و استنزاف مواردهم الطبيعية. وتظاهر آلاف الأشخاص في بوركينافاسو احتجاجا على مرور قافلة كبيرة تابعة للجيش الفرنسي إلى النيجر المجاورة، وجاءت هذه المظاهرات تلبية لدعوة من تحالف الوطنيين الأفارقة في بوركينافاسو، بعد تمكن المتظاهرين في منع القافلة الآتية من ساحل العاج والمتجهة إلى النيجر من التقدم يومي الأربعاء والخميس الماضيين. و ازداد الوضع سوء بعد الهجوم الذي شنته الجماعات المسلحة أول أمس الأحد والذي أسفر عن مقتل تسعة دركيين على الأقل وحوالي عشرة مدنيين في فوبيه، شمال البلاد، كحصيلة أولية، وفق ما أعلنه وزير الأمن البوركينابي ماكسيم كون، فيما أكدت العديد من المصادر الأمنية في وقت لاحق أن عدد القتلى ارتفع إلى نحو 30. وتقول "تي ار تي" التركية : "بدأ الدور الفرنسي يتآكل تدريجيا خاصة مع التحفظات الأمريكية على التدخل الفرنسي في إفريقيا وعدم منح مجلس الأمن التفويض المطلق للعمليات العسكرية في القارة السمراء". وتراجع الدور الفرنسي في الساحل بعد إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في شهر جوان عن "تغيير عميق" في الوجود العسكري الفرنسي بالمنطقة، حيث سيتم إنهاء مهام عملية "برخان" العسكرية، ليصير الوجود الفرنسي جزء من القوة الدولية "تاكوبا". وأوضح أن الانسحاب سيعني إغلاق القواعد الفرنسية والاقتصار على القوات الخاصة التي ستركز على عمليات "مكافحة الإرهاب" في إطار قوة "تاكوبا". ورغم تشكيل قوة عسكرية إقليمية وانتشار آلاف الجنود من قوة "برخان"، تتكرر هجمات المسلحين في منطقة الساحل خصوصا في ماليوالنيجر وبوركينا فاسو.