دعا أمس مؤرخون وناشطون خلال مشاركتهم في لقاء حول «استرجاع الممتلكات التاريخية والثقافية الجزائرية المنهوبة من طرف فرنسا خلال فترة الاحتلال»، إلى تنسيق وتكثيف جهود جميع الجهات المعنية، الرسمية، منها، ومنظمات المجتمع المدني من أجل استعادة الممتلكات التاريخية والثقافية للشعب الجزائري، التي نهبها الاستعمار الفرنسي. وخلال مشاركتهم في منتدى الذاكرة الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، في مقر المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 في إطار إحياء الذكرى ال 61 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960، شدد مؤرخون وناشطون، وممثلون لمنظمات المجتمع المدني، وبينهم عدد معتبر من أفراد الأسرة الثورية، في التوصيات التي خرج بها اللقاء، على ضرورة السعي لاستعادة هذه الممتلكات التاريخية والثقافية الجزائرية من المتاحف الفرنسية. وفي هذا الصدد تم توجيه الدعوة لكل الفاعلين في المجتمع المدني والمثقفين والمؤرخين والقانونيين في الداخل والخارج خاصة أفراد الجالية الوطنية الجزائريةبفرنسا والإعلاميين والنخب الجزائرية في كل مواقعها، للعمل مجتمعين ‹›من أجل تحقيق هذا المسعى الوطني النبيل لنكون أوفياء لعهد الشهداء»، وأيضا ‹›دعما لمساعي السيد رئيس الجمهورية في تطبيق برنامجه في هذا المجال››. كما دعا المشاركون في ذات اللقاء، فرنسا إلى الالتزام باحترام القوانين الدولية والداخلية في استرجاع الممتلكات التي تم نهبها والسطو عليها خلال الحقبة الاستعمارية من الجزائر. وأسهب محررو التوصيات بالمناسبة في الإشارة إلى الكم الهائل من التراث الثقافي والتاريخي الذي تعرض إلى السطو من طرف الاحتلال الفرنسي الذي عمل على إبادة سكان الجزائر ومحاولة محو ثقافتهم ودينهم، من خلال قام بسرقة الممتلكات وكذا الرموز الثقافية والتراثية التي تعبر عن أصالة هذا البلد. وأشاروا في هذا السياق إلى عدة قطع أثرية تعرضت للنهب من بينها ‹›مدفع بابا مرزوق›› وكذا منتوجات تقليدية أصيلة وتحف فنية، وكنوز أثرية مختلفة، إلى جانب جماجم العديد من شهداء المقاومة الشعبية الموجودة في متحف الإنسان بباريس. وأكد المشاركون في هذا اللقاء على ضرورة استكمال استرجاع هذه القطع التاريخية والثقافية وجماجم الشهداء، معتبرين ذلك بالواجب الوطني للحفاظ على الذاكرة الوطنية. وتضمنت ذات التوصيات التنديد بالنهب المنظم الذي قامت به إدارة الاحتلال والمستوطنون الفرنسيون عنوة، على مدى سنوات الاحتلال الاستيطاني الفرنسي لبلادنا الذي دام 132 سنة وسرقتها لممتلكات وكل الرموز الخصوصية الثقافية والتراثية وكل ما يرمز إلى الشخصية الوطنية الجزائرية، مع الإشارة إلى أن ما تم السطو عليه أو أخذه عنوة تمثل إجمالا في ‹› الأسلحة ذات الدلالات التاريخية وفي مقدمتها مدفع بابا مرزوق، إلى جانب ونهب المصنوعات التقليدية والمصوغات التقليدية الثمينة والمنتوجات والإبداعات والأرشيف››. ولم يكتف المستعمر بنهب الماديات حيث سجل تقرير التوصيات التي خلص إليها اللقاء أن اليد الإجرامية للمستعمر المستدمر، قد طالت الإنسان ذاته، فقطع الرؤوس ونقلها وبدأ بجماجم القادة التي مازالت شاهدة أسيرة بمتحف الإنسان. وبهذه المناسبة حيى محرّروا التوصيات ‹›دبلوماسية الذاكرة التي انتهجها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون التي مكنت من استرجاع جماجم قادة المقاومة الشهداء وماله علاقة بحق الجزائر التاريخي من ماديات وأرشيف››. وفي ذات الإطار، أشاد الباحث في التاريخ، الدكتور محمد لحسن زغيدي، خلال تلاوة نص التوصيات، بجهود رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في استرجاع جماجم الشهداء، قادة المقاومة الشعبية، داعيا المجتمع المدني والمثقفين والمؤرخين إلى «دعم مسعى رئيس الجمهورية في تطبيق برنامجه في مجال التاريخ واسترجاع الأرشيف الوطني وحماية الذاكرة الوطنية». من جهتها، دعت المحامية، الناشطة، فاطمة الزهراء بن براهم إلى ضرورة استرداد ما نهب من طرف الاستعمار في إطار قانوني واضح المعالم، مبرزة أهمية إحصاء هذه الممتلكات المسروقة من طرف مسيري المتاحف الجزائرية للتعرف عليها لتسهيل مهمة استرجاعها من المتاحف الفرنسية المتواجدة بها حاليا. ودعت بن براهم إلى وضع آليات لاستعادة كل ما سلبته وسطت عليه فرنسا من ممتلكات ثقافية وتاريخية، من الجزائر، على مر سنوات الاحتلال التي دامت 132 سنة، ‹›حفاظا على التراث الوطني الأصيل والذاكرة الوطنية وتاريخ هذه الأمة››، خاصة وأن كل ملكية تابعة للمتحف تتطلب طبيعة قانونية لاسترجاعها إلى بلدها الأم››، وأشارت بن ابراهم إلى أن قانون اليونسكو لسنة 2008 يتكلم على استرجاع كل الممتلكات المادية وغير المادية الثقافية والعسكرية التي استولى عليها الاستعمار من البلدان التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار وقالت أن هذا النص محوري وله أهمية كبيرة، كما أشارت إلى الإرادة السياسية التي كان قد عبر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الطلبة في جامعة، بالعاصمة البوركينابية، ‹›واغادوغو›› أين أعرب عن استعداد فرنسا في تسليم ما أخذه الاستعمار الفرنسي من ممتلكات إذا كانت متوفرة فيها الشروط ‹› في ظرف 5 سنوات ‹›داعية إلى الإسراع في استغلال هذه الإرادة للمطالبة باسترجاع كل ما أخذته فرنسا من الجزائر سيما وأن فرنسا قد صادقت وأمضت – كما ذكرت - على المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة بهذا الشأن. ع.أسابع