تشهد محلات بيع ملابس الأطفال إقبالا كبيرا، تحسبا لعيد الفطر، فقد بدأت التحضيرات باكرا هذا الموسم، رغم الارتفاع الجنوني في أسعار الكسوة ، مع تسجيل محدودية في العرض، رافقها تراجع واضح في جودة الألبسة الموجهة للأطفال بين 04 إلى 14 سنة، ناهيك عن غرابة التصاميم التي لا تتناسب تماما مع هذه الفئات العمرية. هدى طابي الاستعداد للعيد، سبق أوانه هذه السنة، و التهافت على شراء الكسوة كان كبيرا في العديد من المحلات بقسنطينة، خصوصا خلال الفترات المسائية، التي تعرف زيادة في الحركية، خصوصا على مستوى فضاءات التسوق بالمدينة الجديدة علي منجلي، أين تراجعت الأجواء الرمضانية، لتحل محلها أجواء التحضيرات لعيد الفطر، مع تدني الإقبال على الأواني المنزلية و لوازم الطبخ، ليتصدر نشاط بيع الألبسة المشهد، و السبب، حسب عديد المواطنين، راجع إلى اعتبارات لها علاقة بالأسعار، التي ترتفع بشكل كبير في آخر أسبوع من رمضان، كما هو معروف. والملاحظ أن التجار واكبوا الحركية بشكل كبير، و سارعوا إلى عرض جديدهم، رغم محدودية الخيارات و تشابه السلع إلى حد بعيد، فنفس المنتج يسوق في مختلف نقاط البيع تقريبا، و تعرف ألبسة العيد هذه السنة، تراجعا كبيرا في الجودة بشكل واضح، سواء من ناحية خامات و أقمشة قطع الملابس، أو في ما يتعلق بنوعية الأحذية، و يكفي أن تحمل القطعة و تتفحصها لتدرك بأن نوعيتها متوسطة أو رديئة نسبيا، و لا تتماشى بأي شكل من الأشكال مع الأسعار التي قفزت بنسبة تزيد عن 20 بالمئة و أكثر، إذ ينطلق سعر البذلات الخاصة بالذكور بين سن عامين إلى 11سنة، من 4500دج إلى 7 آلاف دج، فيما تتراوح أسعار فساتين و ملابس البنات بين 5 آلاف دينار إلى مليون سنتيم و أكثر، و قد لاحظنا خلال جولتنا بين المحلات، بأن نفس الفستان الذي لم يكن سعره يتجاوز 3500 دج العام الماضي، وصل هذه السنة إلى 6000دج، أما القطع المنفصلة « بنطال أو تبان أو تنورة « ، فلا تقل أسعارها عموما عن 2500 إلى 3000دج. و كانت الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين قد أشارت في وقت سابق، إلى الارتفاع الكبير في أسعار ملابس العيد، مقارنة بالعام الماضي، و قدرت الزيادات بين 15 إلى 20 بالمئة، مع التأكيد بأن كسوة ثلاثة أطفال تتطلب من 40 إلى 50 ألف دج، وهو رقم يؤكد بعض من تحدثنا إليهم من المواطنين، بأنه قد يرتفع بمعدل 10آلاف دج، إذا تعلق الأم بملابس ذات جودة عالية، فسعر الحذاء الإيطالي الخاص بطفل عمره سنتان لا يقل عن 6000دج، أما أسعار الأحذية الإسبانية و التركية، فتتراوح بين 3500 دج إلى 6 آلاف دج، فيما نجد الأحذية الصينية بأسعار تنطلق من 2000 دج إلى 3000 دج. الإكسسوارات تقفز إلى الضعف حسب عبد العالي، موظف التقينا به بأحد المراكز التجارية بالمدينة الجديدة علي منجلي، فإن كسوة كل واحد من أبنائه الثلاثة، كلفته قرابة مليون سنتيم بين الحذاء و البذلة، و هو أمر لم يكن يتوقعه، فقد صدم، كما أخبرنا بأسعار الملابس و تفاجأ بنوعيتها الرديئة، لكنه اضطر لشراء ما يلزم لأبنائه، نظرا لحلول العيد و لولا ذلك، كما قال، لتوجه إلى الملابس المستعملة، لأن الجديد لم يعد في متناول الجميع، على حد تعبيره. و قالت سيدة، بأن كسوة صغيرتها البالغة من العمر عام واحد، كلفتها مبلغ 6000 دج، أما كسوة ابنتها البكر صاحبة 5 سنوات، فقد تعدت مليون سنتيم، باحتساب حقيبة اليد و أكسسوارات الشعر وغيرها، وهي قطع قالت بأن أسعارها صادمة هذا الموسم، الأمر الذي تأكدنا منه خلال جولتنا، فأسعار أربطة الشعر و بعض قطع الزينة الأخرى، تتراوح بين 150دج إلى 500دج، بزيادة قدرها بين 30 إلى 50 بالمئة في سعرها مقارنة بالعام الفارط . تصاميم تشوه ذوق الصغار و البديل في الإنترنت وملابس الميزان شدتنا خلال جولتنا، نوعية تصاميم الفساتين و البذلات الخاصة بالأطفال، والتي لا تتناسب تماما مع أعمارهم، بل تميل أكثر لتناسب الكبار، على اعتبار أنها نماذج مصغرة عن ملابسهم، وهو أمر اشتكى منه الكثير من الأولياء و قالوا، بأن خياراتهم جد محدودة وأن المعروض لا يتماشى أبدا مع أذواقهم و لا يشبه ما اعتادوا على شرائه لأبنائهم، لأن ملابس الأطفال يجب أن تناسب أعمارهم وتكون بسيطة، بعيدة عن البهرجة و الإيحاء، وهو شرط لا تستوفيه الملابس هذه السنة. وأمام هذه المعضلة، قال بعض من تحدثنا إليهم، بأنهم يفكرون في التسوق عبر الإنترنت لطلب ملابس تناسب أبناءهم أكثر، فيما قالت سيدة بأنها قررت القيام بجولة نحو مدينة سطيف أو العاصمة، علها تجد ضالتها في محلات العلامات التجارية الكبرى الموجودة في بعض المراكز التجارية هناك، خصوصا وأن أسعار الملابس البسيطة و حتى ذات النوعية الرديئة، أصبحت تضاهي أسعار الماركات هذا العام. و قال لنا زوجان التقينا بهما في « بازار» لملابس الأطفال بوسط مدينة قسنطينة، بأنهما اشتريا لأبنائهما الأحذية فقط، و قررا انتظار عشية العيد، لاقتناء ما تبقى من كسوة، لعل الأسعار تتراجع نوعا ما بفعل الوقت. و أخبرتنا سيدة أخرى، بأن ميزانيتها لا يمكن أن تكفي لشراء كسوة ثمنها 5 آلاف دج، لهذا تفضل البحث عن خيارات أقل تكلفة بمحلات البيع بالميزان. توجهنا إلى محل للبيع بالميزان بحي بوالصوف، فأكد لنا صاحبه ، بأنه يسجل إقبالا كبيرا للأولياء على هذه الملابس، بالنظر إلى ملاءمة أسعارها التي تتراوح بين 500 دج إلى 2000دج للقطعة الواحدة، كما أنها ملابس أوروبية المصدر. تركياوالصين تتقاسمان السوق والمنتج المحلي غائب تبين لنا خلال هذا الاستطلاع، بأن المنتجات التركية غزت السوق هذه السنة و التهمت حصة الأسد، وهو ما أكده بعض التجار الذين سألناهم عن مصدر سلعهم. حسب بلال، تاجر ملابس شهير بوسط مدينة قسنطينة، فإن منتجات الصين تراجعت هذا العام، مقابل هيمنة شبه مطلقة للمنتجات التركية، و السبب، كما أوضح، هو ميل أغلب الوسطاء و الموزعين للتعامل مع الورشات و المصنعين الأتراك، كونهم يقدمون فرصة الدفع بالتقسيط، حسبه، كما أن جزائريين يملكون مصانع ألبسة في تركيا هم نفسهم يزودون السوق الجزائرية بمنتجاتهم. أما حيدر، وهو صاحب مجمع تجاري بالمدينة، فقال بأنه ليس راضيا على نوعية البضائع الموجودة هذه السنة، لكنه اضطر كغيره من التجار إلى القبول بها، بالنظر إلى محدودية البدائل، فالمنتج الصيني قليل جدا و سعره مرتفع ، فيما يكاد المنتج المحلي ينعدم تماما، و بالتالي فإن الحل الوحيد، كما أكد، هو القبول بما يعرضه الوسطاء، لأن ارتفاع سعر الصرف صعب جدا من عملية الاستيراد المباشر، من دول مثل فرنسا و إسبانيا و إيطاليا، وهي وضعية قال، بأنها تعقدت أكثر منذ بداية الجائحة و تقييد الاستيراد و لا تزال مستمرة إلى غاية اليوم.