وزير المجاهدين "غير متحمس" لإصدار قانون يجرم الاستعمار قال وزير المجاهدين محمد شريف عباس، أمس، انه “غير متحمس” للمصادقة على مشروع قانون يجرم الإستعمار، داعيا إلى صب الجهود لصالح استرجاع الأرشيف الوطني حول الثورة التحريرية لكونه “سيكشف حقائق حول تاريخ الجزائر”. و أوضح عباس في تصريح للقناة الأولى للإذاعة الوطنية أن السعي وراء الموافقة على مشروع قانون تجريم الإستعمار الذي جاء حسبه كرد فعل لمصادقة البرلمان الفرنسي سنة 2005 على قانون يمجد الإستعمار “سيلهينا عن الإهتمام بقضايا أكثر عمقا و أهمية من شأنها خدمة مصلحة الوطن”. و أوضح وزير المجاهدين، أنه ليس من المتحمسين للمصادقة عليه وقال” إن استرجاع ما سلب لا يأتي عن طريق سن قانون فلابد أن تكون هناك توعية و قناعة عند عامة الناس لأن وجهات النظر تختلف، و النظرة الفاحصة و الثاقبة للماضي نستشف منها الطريق للمستقبل وهناك من يقول خلف البحر إنه لا حوار إلا بعد رحيل جيل الثورة و هذا خطأ لأن الجيل الذي حارب الاستعمار ليس هو الجيل الذي تم احتلاله فأجدادنا وآباؤنا رحلوا قبل الثورة و لي ثقة في جيل المستقبل الذي يحمل جينات الثورة و الذي يكون أكثر وطنية و إحساسا و مجابهة للاستعمار”، و أضاف أنه “في حالة عدم المصادقة على هذا المشروع فان مخيلة الجزائريين لن تمحى منها فظاعة الإستعمار الفرنسي الذي نهب خيرات الجزائر و قضى على أهم رموزها” وتعد هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها وزير المجاهدين عن “عدم تحمسه لاستصدار قانون يجرم الاستعمار” وهو المطلب الذي أكدته المنظمة الوطنية للمجاهدين في مؤتمرها الذي اختتم أمس، وكان الوزير قد اتهم في وقت سابق، البرلمان بإفشال مشروع قانون تجريم الاستعمار، وقال في ندوة صحفية عقدها الوزير على هامش الاحتفالات المخلدة للذكرى ال 66 لمجازر 8 ماي 45 بقالمة، بأن البرلمان لم يتوصل إلى صيغة توافقية وإجماع حول مشروع القانون الذي لم يصل إلى الحكومة وانتهى أمره بالمجلس الشعبي الوطني. وأضاف الوزير، حينها، بأن الحكومة ليست مسؤولة في تعطيل القانون، وذهب شريف عباس إلى القول بأن البرلمان فشل في اختيار الوقت المناسب لتمرير القانون 23 فيفري 2005 الممجد للاستعمار حيث كان من الممكن جيدا تمرير القانون المجرم للاستعمار والاستجابة لمطلب الشعب الجزائري مضيفا بأن البرلمان الجزائري تأخر في الرد على قانون تمجيد الاستعمار واستفاق متأخرا في ظل متغيرات دولية وإقليمية لم تمكنه من الحسم في الموضوع وتمرير القانون. وخلال مراسم إعادة دفن رفات شهداء بالمدية شهر ديسمبر الماضي، صرح وزير المجاهدين، أن “الدعوة لتجريم الاستعمار مطلب شعبي شرعي وسيظل قائما ما دامت الجهات الرسمية الفرنسية لم تتحمل هذه المسؤولية”. وأضاف الوزير أن “ هذه الدعوة ليست نهاية في حد ذاتها ولا وسيلة لبلوغ هدف سياسي معين بل هي تصرف شرعي” مؤكدا أن “ المسألة الأساسية اليوم تكمن في أنجع طريقة لتجسيد هذا المطلب”. وشدد الوزير على ضرورة العمل على استعادة الأرشيف، وأكد في حديثه الإذاعي، على ضرورة الإهتمام أكثر و العمل من أجل استرجاع الأرشيف الوطني الذي تحوز عليه عدة دول، واسترسل شريف عباس قائلا “سنخضع الأرشيف الوطني بعد استعادته من الدول التي تحوز عليه، على غرار تركيا وبريطانيا وفرنسا ومصر، إلى دراسة علمية تحليلية دقيقة بغية ضمان الاستفادة القيمة منه”. و بهدف جمع تفاصيل أكثر حول الثورة التحريرية في ظل استعداد الجزائر لإحياء الذكرى ال50 للإستعادة استقلالها دعا عباس جميع المجاهدين إلى كتابة مذكراتهم حول ما عايشوه من أحداث مهمة خلال حرب التحرير و التي “ستجمع في كتب لتكون بمثابة رسالة لأجيال المستقبل”. و في رده على سؤال حول رأيه من إقدام بعض القنوات الفرنسية مؤخرا على بث شريط وثائقي حول الثورة التحريرية أثار جدلا أكد وزير المجاهدين أن هذا الفيلم هو “فيلم سياسي وليس تاريخي موجه لخدمة اتجاهات معينة و يدخل في إطار الحملة الإنتخابية للرئاسيات الفرنسية التي عادة ما يقحم فيها السياسيون الفرنسيون ملف الجزائر خدمة لمصالحهم”. وأضاف الوزير في السياق ذاته انه كلما حلت مناسبة الإنتخابات في فرنسا و خاصة الرئاسية منها إلا و تكيف حملتهم في جزء كبير منها بما له علاقة بالجزائر و “هذا يعود إلى عدد الجالية الجزائرية هناك والتي تتجاوز المليون و نحن نطالب بأن تكون المعاملة مناصفة بيننا و بينهم” . كما تطرق الوزير إلى التفجيرات النووية في رقان و الآثار التي خلفتها، وأكد الشريف عباس أن وزارته “لا تتوفر في الوقت الراهن على العدد الحقيقي لضحايا هذه التجارب التي لا تزال آثارها مستمرة إلى الآن مشيرا إلى أن هذا الموضوع يحتاج إلى متابعة دقيقة و مطولة”. و قال “إن هذا الموضوع يحتاج وقتا طويلا للحديث عنه و هناك تفجيرات أخرى بالجزائر، ونحن نطالب الاعتراف..وهم يرفضون و لا أشك في أنه سيأتي اليوم الذي يعترفون فيه بجرائمهم “. كما تطرق الوزير إلى برنامج الاحتفال بخمسينية استرجاع الاستقلال له خصوصية إذ تبدأ الاحتفالات من 05 جويلية 2012 و تستمر لمدة سنة كاملة، مؤكدا أن هناك برنامجا مكثفا بالمناسبة تحت شعار “عيد الجزائر”. وقال في هذا الخصوص “إن 19 مارس مناسبة خالدة ومحطة من محطات تحول الجزائر تم في هذا التاريخ اعتراف المستعمر بحق تقرير المصير للشعب الجزائري” . و كشف محمد الشريف عباس أنه وبمناسبة الاحتفال بخمسينية استرجاع الاستقلال الوطني أعدت عدة وزارات نشاطات واسعة وكذا المؤسسات الوطنية للسمعي البصري و الدواوين الوطنية و أن لوزارة المجاهدين مشروعا لإنجاز بعض الأفلام التي تبرز بعض رموز ثورة التحرير و كذا المحطات الكبرى منها . وأشار المتحدث إلى أن تقديم التاريخ في صور مكبرة أي تحويل المادة التاريخية إلى أفلام و أشرطة وثائقية يتطلب كفاءات عليا حتى تكون لها مكانة داخل و خارج الوطن و “تبقى خالدة الأفلام التي أنتجت سابقا من طرف مخرجين عباقرة أما أفلام الهواة فإنها لم تلق رواجا”.