تحتضن مساحات هامة من غابتي «القعقاع» و«الطاقة» بتبسة مشروعين سياحيين مهمين، يعدان اللبنة الأولى في طريق تطوير السياحة الجبلية و الغابية بالمدينة، خصوصا في ظل إجراءات الاستغلال المشجعة التي أقرتها السلطات بمعية محافظة الغابات، لأجل تثمين الفضاء الغابي و إنشاء منتجعات و مشاريع ذات طابع بيئي،على شاكلة المنتزهين، اللذين تحولا إلى قبلة للاستجمام والترفيه و متنفسا حقيقيا للعائلات التبسية. شباب و عائلات، اختاروا منتزهي القعقاع و الطاقة، ليكونا قبلة صيفية تكسر روتين الأيام الطويلة المتشابهة، خصوصا المواطنين الشغوفين بالطبيعة و جمالها، والباحثين عن الهدوء و الهواء العليل و عن فضاء للراحة و ممارسة الرياضة، إذ سمح المشروعان بفك العزلة نوعا ما عن المدينة بمختلف بلدياتها، و أصبحا منذ افتتاحهما مقصدا للتبسيين، خاصة خلال فصل الصيف، وأيام العطل والمناسبات، وذلك بالنظر لما يتوفران عليه من خدمات ترفيهية كان المواطن التبسي، إلى وقت قريب، يشد الرحال نحو مدن أخرى للحصول عليها. ولا يختلف اثنان في ولاية تبسة، على أهمية المشروعين، اللذين تعول عليهما السلطات، لدفع عجلة الاقتصاد و تشجيع الاستثمار المماثل، وفك العزلة عن قاطني المناطق القريبة، كما أن فكرتهما في حد ذاتها تعتبر تثمينا للثروة الغابية و سبيلا لحمايتها بالنظر إلى توفر شرطي الحراسة و الصيانة فيهما، ويأمل المواطن التبسي، في أن يزيد عدد هذه المشاريع وأن يتسع نطاقها ليشمل مناطق أخرى بالولاية، خاصة وأن الفضاءات الصالحة للاستغلال متوفرة بشكل كاف. غابة «القعقاع» بديل عن الشواطئ يعد المنتزه العائلي، بغابة «القعقاع» التابعة إداريا لبلدية بئر مقدم، مرفقا ترفيهيا ومنتجعا سياحيا بامتياز، وهو الخطوة الأولى في طريق تشجيع السياحة الجبلية بالولاية، و كان قد فتح أبوابه في السابع أكتوبر من سنة 2021، ودخل حيز الخدمة خلال العام الجاري، قبل أن يتوقف لمدة و يستأنف النشاط في شهر جوان، وحسب صاحب المشروع موسى بعلوج، فإن الاستثمار في هذا المجال ضرورة فرضتها الحاجة الماسة، خاصة في ظل افتقار العائلات التبسية، إلى مثل هذه الفضاءات التي تكاد تنعدم بالولاية، رغم توفر المساحات الغابية المناسبة للتوسع السياحي البيئي، مشيرا إلى أن المنتزه العائلي القعقاع يقترح على زواره عدة أنشطة ترفيهية، كما يقدم أخرى فكرية وألعابا مختلفة، وكذا عروضا مسرحية موجهة للأطفال تنشطها فرق من داخل الولاية ومن خارجها، كما يضم عدة أجنحة بينها مطعم للوجبات التقليدية الجزائرية و التونسية، حيث يوظف المنتزه حاليا 16 عاملا، وهو رقم مرشح للارتفاع، كما ينتظر أن يتدعم بخدمات وأنشطة جديدة، نزولا عند طلب زواره، وهو ما سيسمح باستقطاب عدد أكبر منهم، و بخاصة القاطنين في البلديات القريبة من تبسة، وكذا بلديات الجنوب الغربي للولاية. وذكر المستثمر، بأن المنتزه، صار مقصدا للعائلات، وقد ساهم موقعه في توافد الكثيرين على هذه الغابة التي تعد من بين أعلى المرتفعات بولاية تبسة، فضلا عن توسطها لعدد من البلديات، خاصة تلك القريبة من عاصمة الولاية والإقليم الغربي. «الطاقة» وجهة الراغبين في ممارسة السباحة والتسلق يبعد المنتزه العائلي بغابة الطاقة، 06 كيلومترات عن مقر بلدية الحويجبات، وقد دخل حيز الخدمة عام 2019، غير أن نشاطه سرعان ما انحصر، بسبب التداعيات الصحية لجائحة كوفيد 19، ليعود مجددا بعد بانقشاع سحابتها، حيث يشهد إقبالا كبيرا للعائلات والشباب، الذين وجدوا فيه فضاء سياحيا، يلبي طموحاتهم في مجال السياحة الجبلية. و يقول صاحب الاستثمار شرفي أحمد، بأن مشروعه استحدث قرابة 20 منصب شغل، علما أن نشاطه موجه بشكل أكبر لخدمة العائلات بالإضافة إلى توفير أنشطة أخرى ترفيهية شبانية متنوعة، بما في ذلك رياضتي السباحة والتسلق، إلى جانب متعة السياحة الجبلية، وقد خصصت أجنحة فيه للعائلات، و به مسبح يعد الأول من نوعه في هذه المنطقة، حيث يتوافد على المكان المئات من الزوار يوميا، قادمين من بلديات تبسة و ما جاورها ومن المناطق الحدودية. مشروعان آخران ينتظران الموافقة أكدت رئيسة مكتب الجرد، والتهيئة و المنتوجات الغابية، بمحافظة الغابات بتبسة، شامي ريمة، أنه في إطار الاستثمار في مجال السياحة الجبلية، وتطبيقا للمرسوم التنفيذي، رقم 06/368 المؤرخ في أكتوبر 2006، و المتضمن تحديد النظام القانوني، لرخصة استغلال غابات الاستجمام، وكذا كيفية وشروط منحها للمستثمرين، فقد أعدت محافظة الغابات بالولاية، دراسات مستفيضة للممتلكات الغابية، تم من خلالها اقتراح أربعة مناطق للاستثمار، أعدت بطاقات تقنية ووصفية عنها تتضمن معالمها وحدودها وخصائصها، كما أعدت دفاتر شروط للراغبين في استغلالها، وذلك لمدة تقارب 20 عاما قابلة للتجديد ورفعت تلك الملفات إلى السلطات المركزية، أين تمت الموافقة على فتح غابة القعقاع، ببلدية بئر مقدم، لإنجاز مثل هذه المشاريع، وذلك على مساحة ثلاث هكتارات، كما تمت الموافقة، على الاستثمار في غابة الطاقة، التي تنتمي إداريا إلى بلدية الحويجبات الحدودية، وذلك على مساحة 4.75 هكتار، ومنحت صلاحية الاستثمار لأصحابها، بعد الإعلان الذي أصدرته محافظة الغابات في إطار المنفعة العامة، كما اقتطعت من غابة الخنقة ببلدية بكارية، مساحة 30 هكتارا، و تم اقتراحها كمنطقة قابلة للاستغلال بعنوان السياحة الجبلية، وبالموازاة مع ذلك اقترحت مساحة 30.89 هكتارا من غابة الزيتون بمرتفعات بلدية تبسة، و أتمت لصالح استغلالها دراسة جدوى تخص مشروعين مختلفين، كما أعد ملف وصفي وتقني لذات الغرض، وحول إلى المديرية العامة وكذا وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، غير أن المشروعين الثانيين لم يشرع فيهما، في انتظار الموافقة المركزية وصدور قرار بشأنهما في الجريدة الرسمية، وتحرص الإدارة المعنية حسبها، على الحفاظ على النسيج الغابي والممتلكات الغابية، بحيث تفرض على المستفيدين من مثل هذه المشاريع، المحافظة على الطبيعة الإيكولوجية للغابة، والتقيد بدفتر الشروط، واستخدام وسائل ترفيهية تكون صديقة للبيئة، وفي مقدمة ذلك الكراسي ومقاعد الجلوس والطاولات، مع العمل على تحديث هذه المنتزهات، بما يجعل منها رافدا تنمويا بالمنطقة، ومتنفسا للعائلات غير القادرة على الانتقال إلى المناطق الساحلية وخارج الحدود لأجل الاصطياف، إذ تعد مثل هذه المنتزهات بمثابة بديل مناسب للهروب من صخب المدينة، ومن ضغوطات الحياة اليومية و هي فضاءات تسلية مناسبة للأطفال. تجدر الإشارة إلى أن العديد من المستثمرين، وأصحاب رؤوس الأموال، قد أبدوا رغبتهم في دخول مغامرة الاستثمار، في المنتجعات والسياحة الجبلية، غير أن بعضهم يعتقدون بأنه يمكنهم الاستفادة من أي فضاء غابي، في حين لا يتم طرح هذه الفضاءات، إلا بعد دراستها من طرف محافظة الغابات، والموافقة عليها من قبل الوصاية، وفي هذا السياق، حظي الاستثمار السياحي داخل الممتلكات الغابية والجبلية بأهمية كبيرة، في السنوات الأخيرة، وهو ما شجع الكثيرين على النشاط فيه، مستغلين في ذلك إلى مثل هذه الفضاءات الترفيهية، وقلة وسائل الترفيه والتسلية بأغلب البلديات، بالرغم من توفر الولاية على العديد من الغابات. ويجري حاليا الحديث عن إمكانية تهيئة ثماني غابات بكل من تبسة والمزرعة والشريعة و الونزة وأم علي لذات الغرض، حيث ستدعم بألعاب للأطفال و وسائل للترفيه، ويأمل المواطنون في مضاعفة عدد هذه الفضاءات الترفيهية، ومراجعة أسعارها بما يسمح باستفادة الكثيرين من خدماتها، وبالخصوص محدودي الدخل.