تعرف المحلات التجارية ومكتبات بيع الأدوات المدرسية، نشاطا كبيرا مع اقتراب موعد الدخول المدرسي، حيث يقبل الأولياء بشكل ملفت على شراء المآزر والمحافظ التي يتم عرضها بأشكال وأحجام مختلفة و تتميز هذه السنة، بتنوع المنتج المحلي و تحسن جودته، فيما تطرح قوائم الأدوات من كراريس و كتب وأقلام، مشكلا حقيقيا بالنسبة للكثيرين بسبب حمى الأسعار. خلال جولة استطلاعية قامت بها النصر، في كل من سوق « البودروم» بالدقسي ووسط المدينة، لاحظنا أن معظم المتسوقين يقصدون بدرجة أولى المحلات التجارية التي تبيع المآزر والمحافظ، الأمر الذي دفع بالتجار تنويع العرض. في طريقنا نحو سوق البودروم بحي الدقسي، وقفنا بداية عند نقطة بيع بالكيلومتر الرابع، حيث لفتت انتباهنا المآزر و المحافظ المعروضة خارج المحل، أين تم تعليق البعض منها على الجدار الأيسر فيما علقت أخرى بسلال معدنية إلى جانب مقلمات تقليدية الصنع سعرها 150 دينارا، تقربنا من البائع، لنستفسر عن أسعار المنتوجات المعروضة، فأخبرنا أن السعر يختلف باختلاف الجودة والنوعية، فسعر المئزر الواحد لأطفال الطور الابتدائي هو 1400 دينار، فيما يتراوح سعر القطعة الواحدة من المآزر محلية الصنع بين 600 دينار و 750 دينارا، وقال لنا المتحدث، أن أسعار المآزر قد ارتفعت ب 200 إلى 300 دج عن الموسم الماضي مؤكدا، أن هامش الربح في القطعة الواحدة هو 250 دينارا. ورشات بالأحياء الشعبية تغذي السوق الفوضوية وتابع قائلا، إن المحافظ التي يعرضها المحل يعود بعضها إلى مخزون الموسم الماضي، وأن تزايد الطلب دفعه لاقتناء مخزون إضافي مؤخرا، من أسواق الجملة بعين فكرون وكذا العلمة، مشيرا إلى إن الأمر يتعلق بمنتج مستورد، لكن جودته أقل، بحيث يتراوح سعر المحفظة بين 1200 و 1500 دج، مؤكدا أن المحافظ ذات الجودة العالية لا تلقى إقبالا من سكان المنطقة بسبب أسعارها ولذلك يفضل هذا النوع. خلال جولتنا لاحظنا بأن باعة الخضر والفواكه وملابس الكبار، الذين يحتلون الأرصفة القريبة من ابتدائية ابن سينا، قد حولوا نشاطهم إلى بيع المآزر محلية الصنع و قد تكرر نفس المشهد في أروقة سوق البودروم، فقرب موعد الدخول المدرسي، حول بيع مستلزمات الدراسة إلى نشاط رائج، يمتهنه أصحاب المحلات التجارية التي كانت إلى وقت قريب، متخصصة في بيع الملابس الصيفية والشتوية و ملابس الكبار، وهي تجارة تعرف منافسة قوية من قبل الباعة الفوضويين وأصحاب طاولات الأرصفة. بمجرد دخولنا إلى السوق من بابه المحاذي لملعب الحي، لمحنا تاجرا، يقوم بتعليق المحافظ على أحد الجدران فيما ثبت الأخرى إلى جانب المآزر على سياج حديدي، كما استعمل سلتين معدنيتين من الحجم الكبير لعرض مقلمات بأشكال وألوان مختلفة. وفي حديثنا إليه، علمنا بأنه يشتري المآزر من محلات البيع بالجملة التي تنشط بوسط المدينة و تحديدا «برحبة لجمال»، بأسعار متفاوتة تتراوح بين 37 و47 دينارا لعيد بيعها عن طريق التجزئة، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من المنتوج تصنع في ورشات صغيرة تتوزع بين منطقتي بكيرة وبن الشرقي. 600 دج هامش ربح وحسب البائع، فإن زوار السوق يفضلون اقتناء المآزر محلية الصنع، و شراء المحافظ المستوردة التي يتم تصنيعها في الصين، كونها أكثر متانة وصلابة حيث يدوم استخدامها لفترة طويلة، مضيفا، أنه مع اقتراب الدخول المدرسي يتوجه نحو أسواق الجملة «بالعلمة» لإحضار أنواع مختلفة من المحافظ، مؤكدا، أن تجار الجملة قد رفعوا من السعر هذا الموسم بهامش ربح يفوق 600 دج. وتتميز المحافظ المعروضة كما قال، بتصاميمها و بقماشها السميك، كما أدخلت عليها تفاصيل تثير اهتمام التلاميذ، كأن تزين الجيوب الجانبية بقماش « التول» أما واجهتها الأمامية فإما مرصعة بالأحجار البراقة أو طبعت عليها رسوم أو كتابات لاتينية، ناهيك عن تزيين أنواع أخرى بزخارف وصور كرتونية بأبعاد ثلاثية تم طباعتها على أسطح بلاستيكية لماعة. و أخبرنا التاجر موسى، وهو صاحب محل لبيع ملابس الأطفال على مستوى الرواق رقم 8، أنهم يحضرون المآزر من محلات الجملة برحبة لجمال وعين فكرون و العلمة، مضيفا، أن أسعار المآزر قد ارتفعت مقارنة بالسنة الماضية بقيمة تتراوح بين 2000 إلى 3000 دج، خصوصا المستوردة منها، وهو ما جعله يمتنع عن اقتنائها حاليا، والاكتفاء بمخزون الموسم الفارط، مضيفا أن المآزر محلية الصنع تلقى إقبالا كبيرا من المواطنين نظير أسعارها المنخفضة والتي تناسب مختلف العائلات. أولياء في حيرة من جهة أخرى، تعرف بقية الأدوات المدرسية من كراريس و أقلام وأغلفة ومقلمات، زيادة كبيرة في أسعار البيع، الأمر الذي اشتكى منه العديد من الأولياء معبرين عن رفضهم لمثل هذه الزيادات. توجهنا إلى مكتبة الشافعي بوسط المدينة، لنقف على تحضيرات الدخول المدرسي، فشد انتباهنا فور دخولنا التوافد الكبير للزبائن وبالأخص الأمهات، الفتيات المقبلات على اجتياز شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط، و اللائي كن يبحثن بين الرفوف عن الأقلام الجافة و أقلام اللباد وكذا القصاصات الورقية الملونة التي أخذت أشكالا مختلفة على غرار القلب و المربع و الأسهم وغيرها هذا العام، وعند حديثنا إليهن قلن بأنهن يشترين هذه الأدوات كونها تساعدهن على تنظيم دروسهم و إعداد الملخصات. انتقلنا بعدها إلى القاعة المقابلة، أين توجد خزائن تحتوي على كتب وأدوات مدرسية مختلفة، وما لفت انتباهنا هو عدد العلب الكرتونية التي وضعت فوق بعضها البعض بشكل غطى أرضية القاعة فلم تبق إلا مساحة صغيرة يمر من خلالها الزبائن، كما توجد سلال بلاستيكية وضعت على طول الجانب الأيسر للقاعة، بحيث تحتوي كل سلة على نوع معين من المقلمات التي تباع بأسعار مختلفة حسب جودة كل قطعة. لاحظنا تذمر الأولياء من الأسعار التي وصفها بعضهم بالخيالية، معبرين عن حيرتهم تجاه الظرف الحاصل وكيف لهم أن يلبوا كل احتياجات صغارهم، خصوصا بالنسبة للأسرة التي تضم أكثر من تلميذ واحد، وقد كانت سيدة تقوم بحساب تكلفة الأدوات المدونة على ورقة في يدها، وذلك باستخدام تطبيق الحساب على الهاتف النقال. تحدثنا إلى زبونة كانت منهمكة في اختيار ما تحتاجه من أدوات، فقالت لنا، أن الأسعار هذا الموسم خيالية، و تفوق قدرتها الشرائية، رغم كونها موظفة إلى جانب زوجها، خصوصا وأنها أم لتلميذين الأول في الطور الابتدائي والثاني في المتوسط، وهو نفس الموقف الذي تكرر مع رفيقتها التي قالت، بأنها تعجز عن تحمل تكاليف التجهيز للمدارس مع أنها موظفة أيضا. زيادة بثلاثة أضعاف في أسعار الكراريس أخبرنا بائع بمجمع الشافعي، أن أسعار الكراريس زادت بثلاثة أضعاف عن سعرها المعتاد، وأن سعر كراس 64 صفحة ارتفع إلى 65 دج، بعدما كان يكلف 25 دج، أما سعر كراس 96 صفحة فقد قفز من 30 دج إلى 90 دج، و ارتفع سعر كراس 288 صفحة، من 180 دج إلى 280 دج، فيما يعرض كراس 120 صفحة مقابل 115 دج. وأرجع العامل هذه الزيادة في الأسعار إلى أزمة الورق التي يشهدها العالم ككل وليست الجزائر فقط، ما تسبب حسبه، في توقف إنتاج الكراريس لفترة، إلى جانب مواجهة المستوردين لمعوقات شتى، منها التأخر في الحصول على التراخيص إلى غاية نهاية جويلية، إلى جانب ارتفاع تكاليف النقل من الصين نحو الجزائر. وأضاف المتحدث، أن الارتفاع الأكبر شهدته المستلزمات الورقية من كراريس الكتابة والرسم والأوراق بصفة عامة، قائلا، أن حزمة الأوراق البيضاء التي كانت تباع في وقت سابق بسعر 450 دج أصبحت تكلف 850دج، مشيرا في نفس الوقت، إلى أن بقية الأدوات عرفت ارتفاعا في الأسعار قدره ب 20 إلى 30 بالمئة. رميساء جبيل