الرابطة الثانية هواة/الجولة 5: مستقبل رويسات ونجم بن عكنون يحافظان على الصدارة رغم تعادلهما    كينيا: الحزب الشيوعي يشيد بقرار محكمة العدل الأوروبية ويجدد موقفه الثابت والداعم للشعب الصحراوي    أكثر من 4ر1 مليون مغربي يعيشون في فقر مدقع وتردي خطير للحق في العيش الكريم بالمملكة    المخزن يواصل طرد المغاربة من منازلهم و أراضيهم لتسليمها للصهاينة    الدورة 149 للاتحاد البرلماني الدولي "فرصة رافعت خلالها الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية"    السيد بوغالي يشارك بجنيف في الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية للمؤتمر ال 6 لرؤساء البرلمانات    غليزان: إصابة أربعة أشخاص بجروح في حادث مرور ببلدية سيدي سعادة    أمطار رعدية مرتقبة على ولايات شرق البلاد بداية من ظهيرة اليوم الجمعة    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المؤتمر الدولي لأمراض القلب    الجمعية العامة للأمم المتحدة: اللجنة الرابعة تتبنى قرارا يجدد التأكيد على الإطار القانوني لقضية الصحراء الغربية    حماس تعلن إستشهاد رئيسها يحيى السنوار    باتنة..مشاركة أزيد من 500 مختص في الملتقى التاسع لأمراض الكلى    معرض المؤتمر الدولي للعلوم الغذائية بقسنطينة: المزرعة الذكية والمنتجات الغذائية غير الكيميائية أبرز الابتكارات المعروضة    ممثلو 90 شركة ناشئة جزائرية يتوجهون الى الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الاسبوع المقبل    الخطوط الجوية الجزائرية تلغي وتغير أوقات عدة رحلات مبرمجة    رئيس الاوروغواي يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا    بنك الجزائر: طالب يستقبل وفدا عن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك"    ربط أكثر من 40700 مستثمرة فلاحية بالكهرباء منذ 2020    الرئيس الأرجنتيني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    حيداوي يبرز دور الشباب في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ونقلها إلى الأجيال القادمة    وزارة الخارجية تُحيي اليوم الوطني للهجرة    وزيرا الثقافة والتجارة يفتتحان المعارض الفنية والإبداعية الخاصة بتظاهرة "كانكس ويكاند 2024"    اليوم الوطني للهجرة: تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    حوادث المرور: وفاة 12 شخصا وإصابة 505 آخرين في المناطق الحضرية خلال أسبوع    جيدو/ بطولة العالم العسكرية: المنتخب الوطني يتوج بثلاث ميداليات    تنس الطاولة/بطولة افريقيا: تأهل الثنائي جلولي وكساسي لنهائي الزوجي المختلط    8 منتخبات تضمن رسميا تأهلها    بداني يستقبل نائبا عن ولاية تيارت    إحباط محاولات إدخال 5 قناطير من الكيف    42 ألفا و409 شهيدا في غزّة    مجازر أكتوبر فضحت وحشية الاستعمار    والي بومرداس تعد بالتّكفل بانشغالات السكّان    إقبال كبير للنسوة على تخليل الزيتون    684 مليار.. ديون سونلغاز الجلفة لدى زبائنها    لا حلّ في ليبيا إلا بالانتخابات    150 مؤسسة تشارك في معرض بالدوحة    فرنسا تسمم زعماء إمارة أولاد سيدي الشيخ    الابتلاء من الله تعالى    إمكانية طرح مشاريع للاستكشاف عن المحروقات في البحر    رئيسة الهند تزور تيبازة    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية: مسرحية "تيرا مادري" للفرقة الإيطالية "تياترو بلو" أو نداء نجدة الطبيعة    النعامة.. وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    فتح باب الترشح للانضمام إلى قائمة الوسطاء    هذا سجل مشاركات الجزائر في كأس إفريقيا    هذا ما قالته أديداس عن قمصان الخضر ..    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    صحة: منصة رقمية لتسيير وتنظيم جميع مصالح الاستعجالات الطبية    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهندس بيتر ايزينمان

أشعر بالراحة في الأماكن التي لا تحمل أية هوية أو بيان
اجرت المقابلة معه اناتاسيو زبالببيسكوا- Anatxu Zabalbeascoa-
ترجمة فار س كبيش
مؤرخة وصحفية من يومية الباييس الاسبانية- مختصة في مجال العمارة ، تقترح أعمدة بمناسبة افتتاح المدينة الثقافية سانتياجو دي كومبوستيلا وبلوغ الجدال ذروته مع الإعلان عن كلفتها الإجمالية، كلفت الحكومة قرابة 400 مليون يورو بعد أن كانت الميزانية المخصصة لها لا تزيد عن 108 مليون يورو.. قبل إجراء المقابلة مع المعماري العالمي بيتر ايزنمان حضر محاضرته التى إلقاءها في "ديل سيركلو" على طلبة مدرسة مدريد للفنون الجميلة، حيث اعترف أن كثرة المعرفة دمرت له حياته، وانه لم يحدث له وأقام في منزل من تصميمه، لكن تعقيد أداءه المعماري متأت من الحقبة التى نعيشها، تعقيد في نهاية المطاف سببه العمارة. على هامش المحاضرة أجرت اناتاسيو زبالببيسكوا معه هاته المقابلة المطولة، كلها لحظات نادرة من العفوية والصدق والكثير من الفكر والحكمة.
- لكن هل يمكننا أن نفهم لماذا أداؤكم المعماري معقد؟
- هناك فرق بين الفن والحياة، اشعر براحة في مكان مجهول الهوية لا يحمل أية بيان. أفكر يوميا في هذا، لذا لم أن أخلق منزلي الشخصي، لكن التعقيد في عملي مصدره لحظة دخول العمارة كخيار مهني، أن أكون مهندسا معماريا حقبة خاصة بي أكثر من أن أكون لصيق مجال معين. لطالما تساءلت هل من الصعب أن يتمكن احدهم عن طريق العمارة إفشاء نمط مغاير من الشك من الريبة اتجاه العصر الذي نعيش به. أعتقد أني تمكنت من ذلك بفضل نصب الهولوكوست في برلين. الإحساس بالضياع بالتشتت فقدان البوصلة. الارتياب من الوجود ككل يجعلنا نأخذه محمل الجد. الكثير ممن خاضوا تجربة النصب التذكاري للهلوكوست، بعد الزيارة أصبحوا أكثر وعيا بوجودهم. هذا لم يكن متاحا لي في وقت باكر من حياتي لطالما قلت مع نفسي انه لن يكون لي مأوى، أن أكون يوما في منزلي الخاص، ثم حصلت المفارقة مطلع مسيرتي المهنية فقط لم يعد أمامي غير تصميم مساكن. كبرت وكبرت التطلعات.. النوتات أيضا موسيقي، لكن مقطوعة ليست أوبرا، في الأخير لا يمكن للمرء أن يطمح باستمرار إلى الأمر بعينه..
- أنتم مهتمون بفن الأوبرا؟
- لو أن المشروع له حجم كبير يمكنه مواجهة مشاكل حقبتنا. لقد سنحت لي الفرصة لوضع تصاميم مبان في سانتياجو دي كومبوستيلا تعاملت معها كأنها عدة أصوات تغني في الآن ذاته. أعتقد انه من الممكن لمدينة ثقافية أن تتحول إلى انجاز تاريخي، من المهم جدا أن يشعر الغاليسي أمام بداية التحول في اسبانيا بشيء آخر غير التردد والغضب. عندما قرأت التعليقات 3500 زائر في موقع المدينة على النيث حتى قبل ثلاثة أسابيع من افتتاحها الرسمي أجمعوا على إحساسهم بالمكان، أن له هيبة ما، شعرت حقيقة بالفخر لذلك، كون هذا جزء مما طلبته لجنة المسابقة..
- تعتقد أن الكاتدرائيات لا زالت تشعر بالفخر لمكانتها المحفوظة؟
* أعتقد أن مدينة الثقافة تبحث عن خلق فضاء صرحي نصب تذكاري علماني في مكان تاريخيا يتسم بطابع ديني. ثلاث مقاطعات وكل واحدة منها لها لغتها الخاصة، خلفيتها الثقافية المميزة، لاغاليسيا لا تملك صناعة ولا ثقافة كاتالونيا أو إقليم الباسك، إنها منطقة فلاحيه وفقيرة تعوزها بنية ثقافية على غرار جيرانها، فكرة التصميم كانت إنشاء مدينة ثقافية، وقت الإعلان عن المسابقة الظروف الاقتصادية كانت مغايرة منطقة لاغاليسيا قررت استثمار أموالها في هذا المشروع بدلا من هدره. اليوم لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يكون عليه الغد. في وقت سالف فقدت المنطقة الكثير من سكانها وكيف لها أن تستردهم دون بنية تحتية ثقافية تتماشى مع حقبتنا هاته..
- انتم تقولون بان مدينة الثقافة يمكن أن تزج بمنطقة لا غاليسي في الحقبة الحالية؟
* طبعا من المؤكد سوف تساعد المنطقة ككل على السير قدما صوب الحاضر. في حين سيبتعد عنها الحنين الماضوي تلقائيا..
- يقال أن الأفكار لا تشيخ. ماذا عن مدينة الثقافة؟
- نفكر دوما في تصميم شيء عظيم. وسأظل مؤمنا بهذا. يتعين للمواطنين تفهم التغير الطارئ على الغلاف المالي للمشروع، والسبب أن برنامج المشروع بذاته تغير، انطلقنا العمل مع 60.000 متر مربع وانتهينا عند 150.000 متر مربع، كان للمكتبة أن تضاعف سعة استيعابها مما تسني لنا خلق فضاء لاحتضان قرابة مليون كتاب. هذا إن كانت لديهم كتب! المسألة لا تخصني.. المشروع يكلف 2200 يورو عن المتر مربع على كل حال هو نصف ما يطلبه المعماري هرتسوغ ومورون دي مونيو..
- مهندس معماري يتساءل ما الضروري للحصول على حيز؟..
- يتساءل البعض ما إذ كان ما نفعله أخلاقي. إن كان هذا السؤال بريئا فهنالك أسئلة اخرى إن لم يكن عملنا مثيرا للاهتمام يجب طرحها هنا، وفي جميع أنحاء العالم نجد الكثير من العمارة، أكثر من 80 بالمائة مما ينتج اليوم لا علاقة له بالمجال ولا بالسياسة ولا بالمعطيات الاجتماعية. في ميلانو ونحن نقوم بجولة في مسكن من هذا النمط. الحق، فعلا تصميهما مطابق تماما مع التشريعات المعمول بها وأيضا مع رغبة الزبون الذي أراد استغلال كل متر مربع. ننجز هذا من قبل التحدي، وطبعا لدعم الموارد المادية للوكالة كي تستمر. لكن لا أحد يفكر في خلق عمارة عظيمة. القديس جاك ليس من هذا النوع. ذكرى المحرقة أبدا. هل كانت ضرورية ؟ اعتقد أن الطموح الأعظمي هو الضرورة الأبدية.
- كم من مرة يمكن للمعماري توقيع عمل يعكس توجهه الايدولوجيا؟
- مرات قليلة، هذا إن لم اقل نادرا.. مكونات الايدولوجيا العصرية: مساكن وبنية تحتية، للأسف ضاعت في سوق المضاربات، قلة قليلة من الناس يفضلون الانتقال الآن إلى مراكز التسوق، شباب اليوم يبدو لي أنه فقد فرصة المشاركة في رسم معالم المشاريع التى بوسعها تغيير العالم. ما هي الإمكانية اليوم لخلق عمارة مغايرة، عمارة بإمكانها تحقيق التوافق الاجتماعي، من خلال المتحف أو حتى المنزل، مراكز تجارية مصممة بشكل مغاير تماما لما لا، لكن العمارة لا تضيف الكثير من الوظائف التجارية أنها لا تحقق إلا الفورمات، عندما اشتغلت لدي غروبيس كانت وكالتهم للتصميم المعماري الأفضل. بنفس المستوى لميس فان دي رهوش، هناك احتمالات كثيرة وكانت لأعمالنا روح خاصة، لم يكن الأمر متعلقا بالموظفين كان الإلهام. كل شيء كان عاديا صراحة، لم تكن هناك موهبة حقيقية لدي غروبيس، لم تكن لديه رؤية وهذا ما كان يحيرني إلى أن توصلت إلى الإجابة أن غروبيس لم يكن له أي مشروع غير إرضاء غروره الذاتي..
- تعتقد اليوم انه يوجد اليوم معماريون كثر يهتمون لشأن آخر غير الأنا الخاصة بهم؟
* اليوم أكثر من أي وقت مضى، ريم كولهاس لديه جنون عظمة لا يصدق، رافائيل مونيو يختلف عنه، الأمر مغاير معه، كونه مهتم بأمور أخري مثل فانتورى والعديد من المعماريين الشباب. اسبانيا واحدة من أفضل البلدان التى تكون طلبة عمارة كي ينتجوا لاحقا أعمالا ذات معني ومسؤولية أخلاقية..
- ما هو إحساس المعماري عندما لا يؤخذ عمله بعين الاعتبار من قبل غالبية الناس فيما يعتبره هو واحد من روائعه؟
- إذ كان الجميع فعلا أحبه فلا شك هناك أمر ليس على ما يرام. ما دمت شخصية عامة يتعين عليّ تقبل النقد. السؤال الذي يطرح مع كل مشروع على نفسه : هل بالإمكان القتال دفاعا عن أفكاره وتحمل تبعات ذلك، أنا لا اسعي لإرضاء الجميع، اطلب فقط منهم الذهاب إلى سانتياجو دي كومبوستيلا اعتقد لا احد يمكنه الذهاب إلى هناك من غير الإحساس ببراءة العاطفة التى اشتغلت بها في هذا العمل. من المؤكد يكون الحكم خاطئا وغير عادل انطلاقا من معطيات الأزمة الاقتصادية الراهنة. لا تستطيع تقييم مشروع انه كبير أو انه كلف الكثير، النقد يكون من زاوية أخرى. لاغاليسي بحاجة إلى صرح من هذا المستوى..
- هل سيمكننا الزمن من فهم مشاريعك بشكل أفضل؟
- النصب التذكاري للهلوكوست في برلين واجه معارضة شديدة. هذان المشروعان: في لاغاليسي وبرلين هما أيضا إضافة إلي كونهما مشروعين معماريين هما اشتغال على المناظر الطبيعية؛ خلق أمكنة تسمح لأي شخص كان أن يشعر أنه خارج الزمن. السير على درب يقودهم من الساحة الخارجية إلى جزء من سقف المبني، ومن حق أيا كان التساؤل أي نسق معماري يجيز أمر كهذا؟ درب صاعد لا يفضى في النهاية إلى أي مدخل، ولا إلى أي مكان. انه في الواقع ليس منحدرا إنها الأرضية التى ترتفع بشكل طفيف..
- لماذا؟..
- لماذا! لأن الناس ليس جميعهم من هواة الارتقاء، قلت لي لا أعرف ؟ ومع ذلك إنهم هناك يلتقطون الصور الفوتوغرافية الصورة تلوى الأخرى للمبني، انه ليس المبني الذي يستمر ليصبح جزء من المكان، انه المكان المنتج للقوة. الزوار هم هاته القوة. فجأة أضحى الموقع ذو شعبية واسعة، ما الذي يشدهم إليه؟ لا اعرف ربما اليقين! ربما الإحساس باللا توازن!..
- تسألون هل لا يزال الشك مهما في الهندسة المعمارية عندما توقفتم عن بناء مساكن لأجل التحليل النفسي الذاتي، هل فعلتم امرا كهذا خلال 20 سنة الماضية ؟
- الناقد مانفريد وتافوري انتقداني، كوني حاولت الطيران مثل ايكاروس، بعد 20 سنة من التحليل النفسي تعلمت ما كنت أعرفه من قبل، أردت فعلا الاقتراب جدا من الشمس، لكن لم يتمكن أحدهم من شرح طريقة لي، أبلغ بها الشمس وأنا على الأرض..
- ماذا تعلمتم من التحليل النفسي؟
- سأحاول أن أكون صريحا. ما جنيته من التحليل النفسي هو وضع حد لعلاقتي الزوجية، زوجة لم أكن لأقدر يوما على كسرها. إلى نهاية حياتي الأكاديمية وقراري ممارسة الهندسة المعمارية وصولا إلى الزواج مرة أخرى. فكرتي فيما يخص الخلق تغيرت، عشت محاطا بالمحللين النفسانيين كان لي جد من جهة والدي يطرق باب محلل نفساني، كان زبونا دائما لجاكسون بولوك، وعائلة زوجتي الأولي غالبية أفرادها زاروا محللين نفسانيين، أنا أيضا لفترة طويلة كان لدي محللان نفسانيان. الأول من لوس انجلوس، الآخر من نيويورك..
- كما في الأفلام..
- اجل. لطالما أحسست أني مندفع على متن قارب وسط نهر محاط بضباب كثيف ويتناهي إلى مسمعي نداءات من الضفة الأخرى.. وهكذا في النهاية كل عائلتي عرضت نفسها على التحليل النفسي، زوجتي أطفالي من زوجتي الأولى..
- ثم..
- التحليل النفسي لا يجعلك بوضع أفضل، لكنه يمنحك فرصة فهم لماذا أنت كما أنت. إنه لا يعالجك، وعلاوة على هذا هناك من يقول أن الأكثر جنونا هم المحللون النفسانيون بذاتهم. مجال كله مجانين، على كل حال انه يمنحك الحرية لتقبل نفسك كما هي..
- وأنت من تكون؟..
- الشخص الذي لا يجب أن يكذب..
- وتفعلها!.
- لم أكن في مؤمن كي أقول ما أؤمن به. استطيع أن أوقع سلاما مع ماضيّ. وفعلت هذا، فعلته مع جذوري اليهودية من خلال مشروع النصب التذكاري لمحرقة اليهود.. لقد نشأت في كنف أسرة علمانية حيث أننا كنا نقتني شجرة الميلاد لم أكن أبدا على علم بجذوري اليهودية حتى سن الحادية عشر بما.. عندما قال طفل لي أنه لا يمكنني اللعب معك لأنك يهودي. منذ ذلك رفضت أن أكون أنا، تعقدت.على يقين أن ما قدمه التحليل النفسي لي هو قول من أكون:-أنا من أصل يهودي.-غير ملتزم –، تعلم الشيء الأصعب في العالم كله قول الأشياء التى تحرق أعماقك، بمعني آخر أحيانا الظروف تجعلك تقول ما لا تريد قوله.عادة يكون هو الأساس..
- ما ينطبق أيضا على العمارة؟
- في محاضرة "ديل سيركلو " للفنون الجميلة حاولت قول ما يحرق الأنا. ما هي الايدولوجيا اليوم. أريد أن أعرف ما هي العمارة اليوم لا اعرف، الإجابة ربما أن لا تذهبوا لإجراء حوار هكذا..
- سيكون مانشيتا رائعا" مصمم مدينة الثقافة يصرح انه لا يعرف ما العمارة"..
- تماما هذا أنا. أو كما قلت أنا في حاجة دائمة إلى فهم كل هذا..
- تشعرون أنكم أحرار؟
- اعتقد انه لا احد اليوم يعرف ما هي العمارة اعرف انه لأمر غير متعلق بتجميل الايدولوجيا كما حاول النازيون فعله. من ناحية أخرى لو أن العمارة أداة سياسية ما هو دور العنصر الجمالي بها؟..
- تأخذون بعين الاعتبار النواحي الجمالية إذن..
- المدينة جميلة لكن جمالها عرضي، غير متوقع وهو ليس الهدف على كل. كم من مشروع مهم يمكننا انجازه خلال حياة واحدة.كم من مشروع ضروري سانتياجو دي كومبوستيلا مرة واحدة وانتهي. واحد من أهم مشاريع حياتي كلها. أنجزت ما يربو عن 30 عملا من غير الممكن على أي وجه أن يكون جميعها مهما..
- كيف عرفتم أن سانتياجو دي كومبوستيلا و نصب الهولوكوست سيكونان من الأعمال المهمة؟
- في برلين النصب التذكاري للهلوكوست أساسي. حالما كنت في مواجهة أمر غاية في الصعوبة فان النصب التذكاري سيظل من الأهمية لوقت طويل. ونحن قمنا بذلك جيدا. التاريخ هو من يقول لنا أن سانتياجو دي كومبوستيلا مهم. من الأهمية إنهاء المشروع أولا، اذ انه لا زال يفتقر إلى الطرقات لتحويل التجمع إلى مجال. في النهاية يفتقر إلى متحف، المبني الذي من المفترض أن يشرع النظر في أمره سبتمبر المقبل- الماضي- هناك أيضا قاعة محاضرات سيكون لها تأثير قوي عندما تنتهي الأشغال بالمشروع كلية حينها للتاريخ الحكم..
- هل تحبون مانويل فراغا؟..
- نعم. رحب جدا بالمشروع. رؤيته خلالا حفل الافتتاح وقبلته وقد ضمني إليه. تجاملنا اعتقد انه مهم جدا لأجل تاريخ اسبانيا..
- هل تعرفون بالضبط ماذا يمثل في تاريخ اسبانيا؟
- كان أستاذا لامعا خلال سنوات السبعينيات. سعى إلى دمقرطة النظام. l"opus وضعه في الحكومة ثم أصبح سفيرا بالمملكة المتحدة. وهو صديق فيدال كاسترو. وهذا يزعج مؤتمر المندوبين المفوضين جدا. خلق البارادوريس وشارك في تأسيس آلباييس. اعتبره أهم بكثير من سواريز، على الأقل هو بالنسبة لي شخصية محورية. الآن متحمس جدا لمدينة الثقافة..
- إنها نصبه إذن؟
- يرى هذا ويريد إكماله. بإمكانك أن تسأله هو عن هذا. انه مؤثر ويريد أن يستمر كذلك رجل قوي انه واحد من أهم الذين تعاملت معهم في حياتي. انه بفهم العالم بوضوح.
- بعد أن أمضيت سنوات في تصميم المدينة ما الذي تغير في وكالتكم للتصميم المعماري؟
- أكثر سرعة من ذي قبل. مر عقد من الزمن، كنت اعتقد إن حدث ونقص حجر فإن الأرض ستنهار، اليوم أجد حجرا آخر لأخذ مكانه. كم نتعلم من بعض الأحداث، اعتقد أن الاختلاف في الأذواق يمكن أن يطور المبني، من غير ان نتمكن من تصور شكله النهائي بالمرة.
- بما أنكم من نيويورك ماذا تودون فعله لأجل النصب التذكاري 11/9؟ الموقع لا يزال شاغرا منذ قرابة عشرية..
- شارت في المسابقة ولا أحب أن اظلم. النصيب التذكاري البرليني كان أفضل 10 هكتارات وغلاف مالي قدر في حدود 50 مليون يورو، فيما مشروع نيويورك قدر غلافه المالي بحوالي 500 مليون، مبلغ فاحش من المال! من الممكن أن ننجز نصب تذكاري مقابل عشر هذه القيمة..
- حفاظا على القيمة التاريخية للمنطقة؟
- تماما، يجب أن نختار بين البيزنس والذاكرة. في برلين كانت كل الأمور واضحة تماما..
- تعتقدون أن مدينة الثقافة هي الخاتمة بالنسبة لكم؟
- المجتمع دائما بحاجة إلى مشاريع مثيرة، خاصة المجتمعات قيد النمو، أننا بحاجة إلى رموز معمارية، المعالم كرمز ضرري، مؤمن بهذا، مهم أن تكون هنالك مشاريع مماثلة، ما أتمناه لأجل الأجيال اللاحقة. وأن تكون اهتماماتنا على النقيض تماما من الإشكاليات المطروحة حاليا، أين نحن؟ هل لكل شيء نهاية، وأن العالم سينتهي من بعدنا؟ طلابي أكثر جاهزية من أي وقت مضي ليس لديهم فرص اقل من الأجيال السابقة في طرح مقترحاتهم التى أراها شخصيا الأفضل لكنها لا تأخذ بعين الاعتبار..
- لا أحد من أولادك امتهن الهندسة المعمارية..
- الهي شكرا.. لا، احدهم اتجه إلى السينما، الآخر المحاماة وأصغرهم لا يزال طالبا..
- ضمن عائلتكم ليس هنالك مهندس معماري آخر غيركم، كيف أردت أن تكون كذلك؟..
* عن طريق الصدفة. لقد نشأت في عائلة من علية الطبقة المتوسطة. أبواي كانا أكاديميان. والدتي سليلة عائلة يهودية ألمانية ثرية هاجرت إلى أمريكا منتصف القرن التاع عشر..
- ماذا كانت تفعل؟
- لا شيء على الإطلاق. كانت تلعب الورق طيلة ساعات النهار، تنشئتها كانت قائمة على أن لا تفعل أي شيء. خادمة سوداء هي التى أشرفت على رعايتي. تنشئتي العاطفية أتت من هذه السيدة، أحببتها جدا وفي هذا السياق دخلت الجامعة لأنه ما كان يتعين على شخص بمثل مكانتي فعله، لم يكن لدي أي خيار آخر في الحياة. حتى وقت متأخر جدا. مثلا دخلت جامعة كورنيل لأنني لم أكن مهيأ نفسيا ولا اجتماعيا لدخول هارفارد لكنه كان مزعجا لي الانتقال من طرف لآخر. لم أكن أعي شيئا ولا أقرر بخصوص أي امر، والدي أختار برنامجي الدراسي الكيمياء لأنه كان كيميائي وألماني ولو لم يشاهد مستشارا أكاديميا كيف صنعت مجسما لما كنت اليوم مهندسا معماريا.. وهكذا قررت صناعة مجسمات..
- وماذا عن والدك، تفهم هذا الخيار؟
- كان الأسبوع المقدس، تقريبا لا احد يتكلم لم أكن ارغب في قول أي شيء ولا دراية لي كيف أعلن الأمر. لكنني فعلتها وأصغي إلي والدي تلك المرة فقط، قادني إلى حجرة لم نستعملها أبدا من قبل. أخذ صبغة رسمية أعلاني له عن رغبتي في أن أكون معماريا. سألني إن كان الأمر متعلقا بمزحة أجبته بالنفي. منحني مهلة عام كامل للبحث عن وظيفة وإن لم أوفق علي نسيان الأمر. أن لا أفكر به أبدا، في وقت لاحقا هو من تراجع..
- متى قررت أن تكون مهندسا معماريا معقدا؟
- عندما اشتغلت لدى غروبيوس خرجت برفقة امرأة تكبرني بسبع سنوات كانت امرأة قوية، ذات تعليم رفيع وثرية جدا، ابنة رئيس شركة للحديد والصلب من الشمال الأمريكي. جمعتنا علاقة غرامية. بعد الذي رؤيته في وكالة غروبيوس أخبرتها قلت لها أنني أود الذهاب إلى بريطانيا لمتابعة دراستي، سألتني لماذا فأخبرتها بحاجتي إلى ذلك، كي أصبح مهندسا معماريا كبيرا كما أنني لست مستعدا بعد للزواج منها، بعد شهرين انتحرت. لم تكن لتسمح لي. لم أكن اعرف أني فعلا مهم بالنسبة لها وأنني سأصبح مهندسا معماريا كبيرا. حاولت خوض تجربة إمكانية أن أكون كذلك، فقط.
- تحاول أن تكون كبيرا من خلال التعقيد!؟
- لا أرى أي طريقة أخرى. لكنني لا أدعي أنني معماري كبير. اذ ليس لدي بريزكير بعد..
- يقلقكم هذا ؟
- لست منتم إلى هذا النادي. أنا منتم إلى آخر، بحال ج. جويس وبورخيس لم يحصلا على نوبل. قبل أن تمنح البريزكر إلى ريم كولهاس كان ينبغي أن تمنح لي أولا، وقبل زهاء حديد أيضا..
- مضي 20 عاما الآن.
- حقيقة أزعجني الأمر.. اليوم؟ لا.. لا، أبدا أحب الحياة. لو أنهم منحوني يوما البريزكير مقابل أن أتخلى عن ذاتي فلن أقبل بها..
- لو حصلتم على الجائزة هل كانت ستغير حياتكم؟
- من غير شك كنت اليوم شخصا ومهندسا معماريا أكثر شناعة. أحب أن أكون حريصا فضوليا في حالة تأهب.. استمتع بالتدريس وبعلاقاتي مع الشباب. أنا في ذروة أدائي وبوسعي قول ما أريده وقتما أريد قوله. أن أفكر عندما أكون بحاجة إلى ذلك. أشعر أني حرّ على العكس من بعض زملائي الذين تنازلوا عن حريتهم..
- عندما قارنتم العمارة بالموسيقي أشرتم أنكم تحبون فاغنر لكنكم لا تستسيغون شويزنبيرج أليس كذلك؟..
- أحب الأعمال الفنية الشاملة. الموسيقي العظيمة الكتب العظيمة. أنا مؤمن بالعظمة في المشاريع الكبيرة التى يمكن أن تعيد اختراع الأشياء. مصر لديها مشروع عظيم روسيا، الصين..أمريكا! لست متأكدا أنها يمكن أن تحذو حذو هاته الدول، لكن اسبانيا من المؤكد..
- في 78 من العمر. تعتقدون أن نظريات من ميادين أخري مثل الأدب مثلا يمكن أن تطبق في العمارة..
- لطالما فكرت في هذا، طبعا من الممكن جدا، من جهتي لم استطع القيام بذلك يجب البحث عن نظرية خاصة بالعمارة، لها خطابها الخاص بها..
كرونو.ترجيكتوار.
1932 : مواليد الولايات المتحدة الأمريكية.
1955 : بكالوريوس في العمارة من جامعة كورنل درجة ماجستير
1963: دكتوراه من جامعة كامبردج.
1967: المشاركة في تأسيس معهد العمارة والعمران
1980: انشأ وكالته الخاصة للدراسات المعمارية والعمرانية.
بيتر ايزينمان- Peter Eisenman :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.