حين قرأت مخطوط (حوار مع مترشح افتراضي لرئاسيات أفريل 2009) للدكتور محمودي عبد القادر، تساءلت: ماذا لو نشرته (مطبعة ما) ووزعته قبيل الحملة الانتخابية الرئاسية، ألا يكون دليل المترشحين لإعداد برامجهم وتصوراتهم ومفاهيم للسلطة وعلاقتها بالمواطن. * يتساءل محمودي في إجابته عن سؤال افتراضي: * "هل انتخاب رئيس جديد هو مرادف بالضرورة للبديل السياسي؟ وهل الرئيس الحالي في حال ما يعاد انتخابه لا سبيل له إلا مواصلة السياسة نفسها والمنهج نفسه؟" * ويطرح مفهومه لدور الرجل في التغيير الذي هو في الثقافة الغربية »صانع التاريخ« وفي الثقافة الاشتراكية هو القادر على »تسريع التاريخ« دون أن يتوقف عند الثقافة العربية التي تعطي للصدفة دورا أكثر من الرجل السياسي. * وهذا المخطوط شجعني على تقمص »الشخصية الافتراضية« لكل مترشح، لأقدم صورة عنه للقارئ حتى يتمكن من »الاختيار المناسب في الوقت المناسب«. * * المرشح الأول: للحديث بقية في الدستور! * * صحيح أنني من منطقة كبار السياسيين، وكبار الإرهابيين سابقا، وترعرعت في ولاية كبار المسيحيين الجزائريين، ودخلت الجامعة، وعملت موظفا بالمطار، ولهذا اخترت الدفاع عن الفقراء والمساكين، أتمسك بأفكار سقطت مع سقوط جدار برلين، دخلت السجن مرتين، وتعلمت مثلما تعلمت صديقتي حدة عزام، وصديقي محمد بن شيكو، وعلي فضيل، وسعد بوعقبة، وغيرهم ممن دخلوا السجون »أن الحرية تنتزع ولا تعطى«. لا أعرف الأمازيغية، ولكنني أطالب بترسميها مثل بقية المترشحين. وأعرف الفرنسية والعربية ولكنني أفضل الحديث بالدارجة فهي لغة من أخاطبهم في حملتي، جددت عهدتي في البرلمان، والرئيس يذكرني، أطال الله في عمره، في مناسبات عديدة. * أحمل شعار »حل البرلمان« لكنني لم أجرؤ على الانسحاب منه، صادق البرلمان بغرفتيه على مشروع قانون بيع المحروقات، ولكن الرئيس سحب الوثيقة، والفضل يعود لي، قد تسألونني كيف؟ ربما حين أصير رئيسا، وأعينه على رأس لجنة حكماء من السابقين سأبوح بالسر. * قد يقول لي البعض أنني عجزت عن جمع 75 ألف توقيع عام 1999، بالرغم من أنني كنت أمثل الفيس، ولكنني دخلت معركة الرئاسيات عام 2004 وحصلت على نسبة أقل من عدد أصابع اليد بكثير، وهاجسي الوحيد ألا يتكرر السيناريو، لأنني أستقيل من رئاسة حزبي. مثلما فعلت سيغين روايال حين استقالت من رئاسة الحزب الاشتراكي، لأن الفرق بينها وبين نيكولا ساركوزي أقل مما تحصلت عليه أنا شخصيا. * إذا لم تنتخبوني رئيسا اليوم فسألتقيكم عام 2014 وأذكرهم بذلك. * * المرشح الثاني: أمنحكم ثقتي! * * لا أريد أن أعرف بنفسي، فأنا من دخل البيت السياسي صغيرا، وسأعطيكم ثقتي إذا ما انتخبت رئيسا عليكم. وأعدهم بما في اللون الذي أحمله شعارا لحملتي. أعترف بأنني لا أؤمن بالأحزاب وحزبي الوحيد هو الشعب، أشعر بأنني قدمت الكثير للجزائر، ولم تقدم لي سوى المشاركة في الرئاسيات، لست من أنصاف الحلول، ولا ممن يحملون وعودا كاذبة، تلقيت طعنات كثيرة والتزمت الصمت لكنني هذه المرة لن أصمت إذا لم أنتخب رئيسا. * مشكلتي هي كيف سأتعامل مع من يريدون يوم 9 أفريل يوم حداد، وضعوا أعلاما سوداء فوق أحزابهم، ولو كانوا يعرفون التاريخ الإسلامي، وهو أن الرسول كان من أعلامه اللون الأسود، وأن من أعلام الشيعة يوجد اللون الأسود، لكن الكنيسة كذلك فيها اللون الأسود. * لا أعتقد أنهم يسيئون لعلم بلادي لأنهم لا يملكون موقفا ثابتا، شاركوا في الحكومة الأولى للتعددية وترشحوا للرئاسيات وفشلوا، واختاروا الأسود لاستفزاز المترشحين وأنا واحد منهم، لكن الفرق بيني وبينهم أنني أحمل شعار »مواصلة الإنجاز واستمرارية الدولة«، أنهم لا يختلفون عن بعض قيادات الفيس. * إذا انتخبت سأكون أول رئيس ينقل السلطة من »النظام الافتراضي« إلى الواقع، سأختار نظاما رئايسا بعد فشل النظام الحالي في الجزائر، وربما أختار الحكومة ممن ترشحت معهم وسأبقى المرشح الحر لعام 2014، فانتخابي اليوم أفضل من انتخابي في العهدة القادمة. * * المرشح الثالث: الوصايا الأبدية! * * بالرغم من أنني مع التغيير وحملت علمه، إلا أن حلمي الحقيقي هو الجزائر، لا أطمح في منافسة الرئيس وإنما في كسب »ثقتكم في«. * تجنبت في حملتي الحديث عن »النظام القائم« ولكنني نوهت بإيجابياته وكشفت سلبياته، لم ألجأ إلى الوعود الكاذبة مثل بعض المترشحين، لأن مشروعي التغيير لا يعني الأشخاص وإنما النظام، وتغيير النظام يأتي من القواعد الشعبية. * أعترف أنني أدخل الرئاسيات، لأول مرة، لا أملك الوسائل المادية لتغطية جميع الولايات، لا يهمكم إسمي وإنما مشروعي في التغيير السلمي. * مسقط رأسي الجبال الشامخة، ومهنتي أدخلتني إلى جميع البيوت، واليوم أدعو إلى تحرير »اليتيمة«، وتحرير الأحزاب والجمعيات. * لا أدعوكم إلى التصويت عليّ فأنتم لا تعرفون صورتي، ولكن أدعوكم إلى التصويت على المشروع الذي تجدون فيه ما تريدونه لمستقبل أبنائكم. * »لست براحا وإنما أنا مجرد جراح« لجثة نظام أخشى أن تتعفن، ولي 12 وصية سجلتها في آخر تسجيل تلفزيوني لحملتي الانتخابية، ولا أطمح في غير التأسيس لمفهوم جديد للتغيير السلمي، يسمح لي ب»المواطنة« ولغيري بحب الوطن. * * المرشح الرابع: المعارضة أساس الحكم! * * ها أنذا أترشح لأول مرة، لكنني موجود في البرلمان ومستقبلي مضمون. أعترف بأنني كنت أبالغ أحيانا في تجمعاتي، لأنني أتوجه لجمهور يحب الفضيحة، أشعر أنني قدمت الكثير من أجل الوصول بالحملة إلى بر الأمان، ولا أفكر في الدور الأول وإنما في الدور الثاني من الرئاسيات. والمواطنون بايعوني قبل التصويت فهل أنسى جميلهم، سأحقق حلم »اجتماع أحزاب المغرب العربي للمعارضة في الجزائر«، لا أعرف الأمازيغية ولكني كبقية الزملاء أدعو إلى ترسيمها لغة ثانية للبلاد، يعود الفضل لي في ترسيم 18 فيفري كيوم وطني للشهيد، ولم أكن أدري أن شهر مارس هو شهر الشهداء. * لن أتخلى عن انتقاد النظام حتى ولو صرت رئيسا لكم، لأن النظام هو الذي يختار الرؤساء والنظام لا يريدني رئيسا فهل تنتخبون النظام أم تنتخبوني رئيسا بشرط في الدور الثاني. * * الرئيس الخامس: يوم آخر للحزن! * * لن أكون حزينا على خسارتي في رئاسيات 2009 وإنما على وضعية البلاد التي لم تختر إبنها المتشبع بمبادئ ثورة أول نوفمبر، لا أعترف كيف اختفى والدي واسألوا أمي فهي التي تجيبكم، خضت رئاسيات 2004 ولكنهم انتقموا مني فجاء ترتيبي الأخير، أمنيتي أن أتجاوز هذا الترتيب وهي أمنية جميع المترشحين في رئاسيات 2004، والتي كان التقدير فيها خاطئا وعدت الجميع بزيادة الأجور. وإذا أصبحت رئيسا سأكمل ما بدأه الرئيس الحالي من تضخيم الأجور لإطارات الدولة. * لم أحمل شعارا في حملتي الانتخابية لأنني وفي لشعاري الأول، ولن أقول بأن ما منحتنا الدولة كان كافيا للحملة مثلما سمعت من بعض الزملاء، وإنما أقول: هل من مزيد. * وهاجسي الأول هو ألا يتكرر سيناريو 2004. * * المرشح السادس: سأمحو أثار من سبقوني! * * لست مرشح حزب فأنا مرشح حر، صحيح أنني كنت رئيس حملة مرشح سابق، ولكنني سأمحو ما بقي منه. أدخلت إسمي في قائمة »المرشحين للرئاسيات« وعندما أصير رئيسا سأدعو العدالة إلى منح الحزب لمؤسسه الأول، وأكون مرشحا حرا في رئاسيات 2014. * أنا أؤمن بالتداول على السلطة على طريقة »المؤامرات العلمية« التي لم أستطع تحقيقها مثل عبد القادر حجار، وإنما حققت حلمي، ولا أخفي عليكم أنني الوحيد الذي يطالب النظام بأن يسلمه الرئاسة مثلما سلمني حزبا سابقا، وقلتها صراحة »على المسؤولين أن يتنحوا ويعيّنوني رئيسا عليهم« والرئيس ينافسني حتى في اختيار مواعيد حملتي. * إذا نتخبتم عليّ رئيسا سأعيد الاعتبار لجميع حركات التقويم والتصحيح، بما فيها 19 جوان 1965 التي ألغاها الرئيس الحالي. لكنني أخشى ألا أحصل على عدد التوقيعات التي جمعها لي من لا يريد »اللحمة بين الأحزاب«. * * آخر الكلام * * جميعنا رفعنا يدنا اليمنى في مواجهة الشعب، البعض منا نسي أصابع يده مفتوحة حتى يمر الهواء بينها. * جميعا لجأ إلى الاتصال الجواري من الأعيان ورجال المال والأعمال إلى النادل في المقهى وحارس المقبرة. البعض يسمي الانتخاب قطيعة مع 47 سنة من استرجاع السيادة، والبعض يراه حلا للأزمات والكل »يخوّن« من يقاطع الصناديق * هؤلاء الرؤساء الافتراضيون سيحكم واحد منهم اليوم الجزائر وربما يدعو في حفل تنصيبه بقية زملائه. لكن المؤكد أن الشعب الجزائري لن يتغير بتغيّر الأشخاص وإنما بتغير النظام السياسي، والكل تجنب الحديث عن المؤسسات الحاكمة في البلاد خوفا منها أو تقربا إليها.