أصبح غاز أحادي أكسيد الكربون، بمثابة تهديد لحياة المواطنين، و يكبد نقص الوعي بخطورته، الجزائر تسجل سنويا حصيلة ثقيلة من الوفيات، وهو ما تحذر منه مصالح الحماية المدنية و سونلغاز بقسنطينة، بعدما سجلت ذات الجهات منذ بداية فصل الشتاء، حصيلة ثقيلة جرّاء استنشاق ضحايا بينهم عائلات بأكملها، للغاز المتسرب من مختلف أجهزة و وسائل الطهي والتسخين، و هو ما دفعها إلى دق ناقوس الخطر و إطلاق حملات توعية، لحث المواطنين على الصيانة الدورية لأجهزة الغاز، و اتباع إرشادات الحماية أثناء استخدام هذه الأجهزة. المدفأة المقلدة و رديئة الصنع خطر صامت زاد تداول أخبار الحوادث الفردية والجماعية الناجمة عن الاختناق بأحادي أكسيد الكربون، كثيرا في السنوات الأخيرة خاصة خلال فصل الشتاء، و السبب بالعموم هو سوء استعمال وسائل التدفئة، ناهيك عن غياب الرقابة الدورية لها و عدم صيانتها، ومن أسباب الاختناق بالغاز كذلك، اعتماد البعض على أجهزة التدفئة منخفضة الثمن، رغم ما تشكله من خطر حقيقي على الحياة، فالمدفأة زهيدة السعر عادة ما تكون مقلدة أو مصنوعة من مواد مغشوشة لا تراعي مقاييس السلامة، و قد تتحول بين عشية وضحاها إلى خطر يتربص بحياة مستعمليها دون أن يشعروا بذلك، فضلا عن أن الغالبية يقومون بتركيبها بمفردهم ولا يعتمدون على مرصص. يذكر أنه تم خلال الأيام القليلة الماضية، تم تسجيل وفاة 17 شخصا بكل من ولايات سطيف و المسيلة و مستغانم، في ظرف من 24 ساعة، جراء الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من مختلف تجهيزات التدفئة، حسبما جاء في حصيلة لمصالح الحماية المدنية، التي جددت دعوتها لاتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر من مخاطر القاتل الصامت. كما أعلن أيضا الأسبوع الماضي، عن وفاة ستة أشخاص من عائلة واحدة اختناقا بغاز أحادي أكسيد الكربون في منزلهم ببلدة الشراربة في العاصمة، يتعلق الأمر برب عائلة وزوجته وأطفاله الأربعة . أرقام صادمة وحسب المكلفة بالإعلام بمؤسسة سونلغاز « ناحية علي منجلي» وهيبة تاخريست، فإنه و تحسبا للموسم الشتوي 2022 -2023، فقد قامت مصالح الشركة بإعداد برنامج ثري لتحسيس السكان من أجل تجنب مخاطر سوء استخدام الغاز وذلك بهدف الحد من الحوادث وتقليل عدد ضحايا التسربات مضيفة، أنه تم وضع برنامج مكثف يستهدف 18 ألف عائلة عبر إقليم نشاط المديرية، بداية بمناطق الظل، إذ تم إحصاء 200 عائلة بيني يعقوب، و 200 بكرومة، و 100 عائلة بحواء و 25 بحواوسة على مستوى بلدية ابن باديس، إضافة إلى 75 عائلة بالحمايد بلدية عين سمارة، وما يفوق 70 عائلة ببلدية الخروب بمناطق الذهبية وبو داب وبن قانة بالإضافة إلى الأقطاب السكنية للمدن الجديدة بعين عبيد و التوسعة الغربية والجنوبية و ماسينيسا. ولفتت تاخريست، إلى أن هذه الحملة الإعلامية التحسيسية ستستهدف تنظيم أبواب مفتوحة على مستوى الأحياء والأماكن العمومية بالإضافة إلى الوكالة التجارية التابعة للمديرية أين سيتم توزيع المطويات التوجيهية لتفادي حوادث التسمم بالقاتل الصامت. وأكدت، أن مصالح سونلغاز علي منجلي، قد توجهت خلال الأيام القليلة الماضية، إلى بلدية عين عبيد لطرق الأبواب بحيي 300 مسكن و 4000 مسكن جديد، وذلك بالتنسيق مع مصالح الحماية المدنية، من أجل دعوة كل المواطنين إلى صيانة الأجهزة قبل استعمالها مجددا كالمدفأة، وكذا تغيير القناعة الطاردة للغازات السامة، خاصة ذات النوعية الرديئة و مراقبة تاريخ صلاحية الأنبوب المطاطي، والاتصال بمختص معتمد فور رؤية الشعلة الحمراء، التي تدل على وجود خلل وتسرب لأحادي أكسيد الكربون. وأضافت المكلفة بالإعلام، أن المناطق التي شهدت العام الماضي أكبر حالات اختناق بغاز أكسيد الكربون كانت بالمدينة الجديدة علي منجلي وتحديدا بالوحدة الجوارية 20 أين تم تسجيل 4 وفيات، إلى جانب 3 وفيات بالوحدة الجوارية 16، وحالتي وفاة بعين سمارة. مداخن جماعية لم تنظف من 20 سنة وأكدت، أن أهم مسبب للتسمم و الوفاة بغاز أحادي أكسيد الكربون، تبقى لامبالاة المواطنين والتهاون في القيام بالصيانة الدورية للأجهزة الغازية، وعدم تنظيف المداخن الجماعية على مستوى العمارات، وأَضافت في السياق ذاته أن مصالحها وقفت على الكثير من العمارات أين لم يقم السكان بتنظيف المداخن لأكثر من 20 سنة، ما أدى إلى انسدادها بسبب أعشاش الطيور والترسبات، وأيضا عدم ربط المدفأة ومسخن الحمام بالقناة الطاردة للغازات، ما يسهل تراكم الغاز القاتل في المنزل، وبالتالي تعرض حياة الأسر إلى التسمم. وأضافت المتحدثة، أن الفرقة التقنية للمؤسسة، سبق لها وأن توجهت إلى ثانويتين ببلدية عين سمارة ، من أجل تحسيس الطلبة بضرورة الاستعمال الآمن للغاز، و التوعية من خطر تسربات أحادي أكسيد الكربون، أين تم تقديم دروس بيداغوجية للتلاميذ وشرح طرق الإسعافات في حالة وجود ضحية بمعية أعضاء الحماية المدنية، كما تم توزيع مطويات توجيهية للحد من الحوادث المنزلية . وختمت المتحدثة، بالقول بأن برامج التحسيس ستتواصل إلى نهاية الشتاء، كما سيتم تنظيم أبواب مفتوحة بمختلف الوكالات التجارية وتقديم نصائح للمصلين خلال خطبة الجمعة بالتنسيق مع مديرية الأوقاف والشؤون الدينية لأجل الحد من حوادث الاختناق والوفاة . * المختص في الصحة العمومية محمد كواش هذه الأعراض تنذر ببداية التعرض لتسمم بالغاز قال المختص في الصحة العمومية محمد كواش، للنصر، إن غاز أكسيد الكربون يعرف بالقاتل الصامت، لأنه ناجم عن احتراق غير تام لمختلف المواد سواء كانت عبارة عن بلاستيك أو خشب أو مواد معدنية، فالغاز المنبعث في هذه الحالة ينتج غاز أحادي أكسيد الكربون، وهي مادة عديمة اللون والرائحة والطعم، وغير محسوسة بالنسبة للبشر ولا تظهر أعراضا في بداية التسمم، كالحكة في العينين، و انسداد الأنف، لذلك يطلق عليها اسم «القاتل الصامت». وأضاف الطبيب، بأنه فور استنشاق غاز أحادي أكسيد الكربون، فإنه يلتصق بكريات الدم الحمراء و بالضبط في «الهيموغلوبين» كون الغاز أخف من الأكسيجين، ولذلك يسبقه بالتلاحم بشكل سريع ما يعرض أنسجة وخلايا الجسم إلى التلف بفعل النقص الحاد في الأكسجين الذي يحتاجه الجسم، ما يودي بحياة الشخص إذ لم يتم إسعافه في أسرع وقت.و للوقاية من التسمم يجب بحسب الطبيب، الاهتمام بالتَّهوية بشكل مناسب، لأنه في حال وجود الأكسجين فإن غاز أحادي أكسيد الكربون يتحول إلى غاز ثاني أكسيد الكربون وهو أقل خطورة من النوع الأول، ويتضح ذلك من خلال ظهور الشعلة باللون الأزرق، وعند غياب التهوية تظهر الشعلة باللون البرتقالي أو الأحمر وهو ما يدل على أن غاز أكسيد الكربون لم يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون.وأكد المتحدث، أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة لحالات التسمم، لأنهم يتميزون بنبضات القلب السريعة وبسرعة التنفس، يليهم مباشرة كبار السن بفعل الأمراض المزمنة التي يعانون منها، وكذلك المدخنون لأن دمهم يحتوي على غاز أحادي أكسيد الكربون. وأضاف كواش، أن من بين أخطر مصادر غاز أكسيد الكربون المدفأة المنازلية و سخانات المياه و الحطب النافخ الذي يستعمل في التسخين، و السيارات و المحركات التي يتم تشغيلها في أماكن مغلقة مثل المآرب، بالإضافة إلى الآبار التي يتم تنظيفها عن طريق المحركات. و الضروري عند تعرض أي شخص للتسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون، أن يحظى بالإسعافات الأولية فوريا، و إبعاده عن مكان الحادث، وذلك حتى يستنشق الهواء النقي مع الاتصال بمصالح الحماية المدنية لنقله إلى أقرب مستشفى كي يستفيد من التنفس الصناعي لملأ الرئتين بالأكسجين. و في حال شعور الشخص ببوادر الإغماء بعد استنشاق الغاز يجب إغلاق مصادره، وفتح النوافذ كإجراء وقائي قبل فوات الأوان، لأن الغاز يصيب الشخص بشلل ويمنعه من تهوية المحيط. وأضاف كواش، أن هناك أثارا جانبية خطيرة تصيب الأشخاص الذين يتم إسعافهم بعد تعرضهم للاختناق، على غرار تخثر الدم و صداع مزمن و اضطرابات التوازن والذاكرة و الزهايمر أحيانا، ناهيك عن آلام في العضلات وأعراض أخرى متعلقة بالجهاز التنفسي وانعدام الأكسيجين لافتا، إلى أن الكثير من الأشخاص يعانون من إرهاق شديد ومشاكل في الرأس وغثيان ويجهلون بأن السبب هو تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون في المنزل بدرجات قليلة.