* ينبغي إشراك المتعاملين الاقتصاديين في تدريس المقاييس تطرقت مسؤولة هضبة قسنطينة بجامعة صالح بوبنيدر الدكتورة وداد صالحي في حوار للنصر، إلى أهم المميزات التي تحوز عليها «التكنوبول» بحيث تساعد على تسهيل عمل أصحاب المؤسسات الناشئة، معتبرة بأنها صرح علمي واقتصادي، ومكسب بالنسبة للجامعة والراغبين في الولوج إلى مجال المقاولاتية، كما ثمنت صالحي القرار الوزاري رقم 1275 المتعلق بالحصول على شهادة مؤسسة ناشئة وشهادة براءة اختراع، و وصفته بالثورة في مجال التعليم العالي، كاشفة عن قرب إطلاق مشروع لمنصة رقمية تسعى لمرافقة الطلبة مهنيا وربطهم بالشريك الاقتصادي. حاورها: إسلام قيدوم بداية، هلا قدمت لنا لمحة تعريفية عن هضبة قسنطينة على اعتبار أن هذا الفضاء جديد على العديد من الطلبة؟ «تكنوبول» هضبة قسنطينة أخذت تسميتها من كونها متواجدة في أعلى قمة بجامعة صالح بوبنيدر، وهي عبارة عن فضاء يستحوذ على أكثر من 400 مقر ويتكون من ثلاثة أجنحة، كل منها يضم مجموعة من المكاتب التي تحتضن مؤسسات في تخصصات التجارة الإلكترونية، الذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة، كما سيتم احتضان المزيد من المؤسسات وهي العملية التي ستتم خلال هذا الشهر بعد دراسة الملفات، ذلك أن الاستراتيجية تهدف إلى احتضان الأجنحة لمجالات متقاربة من أجل خلق المنافسة والاستفادة، فمن خلال اجتماعاتنا الدورية لاحظنا أن بعض المؤسسات هي زبائن لمؤسسات أخرى. فضاء بأزيد من 400 مقر وأجنحة للإيواء تحتوي هضبة قسنطينة أيضا على فرع للصندوق الجزائري لتمويل المؤسسات الناشئة، «فابلاب» وهو جهوي وتابع لمسرعة المؤسسات الناشئة، حيث سيتم تنصيب المسؤولين على هذين المرفقين نهاية الشهر الحالي، كما أن الهضبة موجهة لجميع حاملي المشاريع الابتكارية في ولاية قسنطينة. نقصد بهذا أيضا حاملي علامة مؤسسة ناشئة أو مشروع مبتكر المتحصلين عليها من وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، لكونه قطبا مشتركا بين الوزارتين، ويضم أيضا محطة تكنولوجية للنمذجة العكسية لدعم المؤسسات الناشئة تابعة لمركز البحث في الميكانيك، وجناح تابع لمركز البحث في البيوتكنولوجيا. هل هناك امتيازات لفائدة أصحاب المؤسسات على مستوى الهضبة؟ تمثل هضبة قسنطينة جزءا من النظام البيئي لدعم المؤسسات الناشئة لتواجدها بالوسط الجامعي بالقرب من المدارس العليا والكليات ومراكز البحث، وكذا مخبر البحث في العلوم الصيدلانية، لذلك تعتبر مكانا للاحتكاك فيما بين المؤسسات الموطنة على مستواها وكذا مع الباحثين والطلبة، وبالتالي خلق شبكة مهنية لهم. هناك نقطة مهمة أيضا تتمثل في حصول أصحاب المؤسسات بالهضبة على مقرات أو مكاتب مجانا لمدة سنة قابلة للتجديد، زيادة على وجود أجنحة للإيواء مجانا كذلك للقاطنين خارج الولاية بسعة 140 غرفة مقسمة بالتساوي لكلا الجنسين، وهذه الإجراءات تندرج في إطار تسهيل وتخفيف العبء على المعنيين للانطلاق في تجسيد مشاريعهم، كما أشير إلى جزئية توفر الأمن من منطلق أن الهضبة تعمل على مدار الأسبوع ولمدة 24 على 24 ساعة، وهي تستحوذ على حوالي 60 بالمائة من المساحة الإجمالية للجامعة، بالإضافة إلى امتيازات جبائية ضريبية. كيف يتم التنسيق بين الهضبة ودار المقاولاتية؟ الواجهات الجامعية بها دار المقاولاتية، مركز الدعم للابتكار التكنولوجي، مكتب الربط بين الجامعة والمؤسسات، والحاضنات الجامعية، وهي تتعامل مع الطلبة، بينما التكنوبول تتعامل مع المؤسسات أو حاملي المشاريع الابتكارية من طلبة جامعيين متحصلين على علامة مشروع مبتكر أو ممن أنهوا دراستهم. الورشات التكوينية ذلّلت العقبات من خلال دفتر الشروط الممضى أدرجنا مواد تُلزم أصحاب المؤسسات الناشئة بالمشاركة وتأطير الطلبة، من أجل مساعدة دور المقاولاتية والحاضنات على مرافقتهم، وبالتالي العمل يتعلق بالمرافقة القبلية من مرحلة التحسيس بأهمية المقاولاتية، استقبال الطلبة وتوعيتهم بما يعينه المجال، ثم إجراء دورات تدريبية لفائدتهم على سبيل المثال حول كيفية بلورة الفكرة، بينما الهضبة يتمثل عملها في المرافقة البعدية، أي عند تجسيد الفكرة التي يريد تطبيقها المعني لتصبح مؤسسة ناشئة واقعيا، فمنذ أول لقاء مع المؤسسات الناشئة مثلا لاحظنا امتلاكها لأفكار مبتكرة لكنها غير محمية، فقمنا بتنظيم يوم تكويني حول طريقة حماية براءة الاختراع. كيف تقيمون المشروع الذي أتى به القرار الوزاري 1275 لحد الآن؟ القرار 1275 يعتبر ثورة في مجال التعليم العالي، وقفزة ملموسة و واقعية لا توجد لها سابقة، وهذا يُلاحظ من خلال مدى اهتمام الطلبة به، ومدى انخراطهم ضمنه، لأنه من المعروف أن الطلبة يطرحون العديد من التساؤلات عند الوصول للسنة الدراسية الأخيرة، تتعلق بما سيحدث في المستقبل ومصيرهم بعد التخرج، وكيفية الحصول على منصب عمل، وهو الأمر الذي يعتبر عسيرا مع نقص الخبرة لديهم. القرار منح للطلبة فرصة بداية التفكير في إنشاء مؤسسة خاصة بهم من خلال إعداد مذكرة في هذا الإطار عوض المذكرة الكلاسيكية، ومنه فالطالب الذي استطاع أن يصل بفكرته إلى مستوى معيّن من النضج سيمر مباشرة إلى التجسيد، أو سيقوم بعد المناقشة ومن خلال ما يتم التطرّق إليه خلال ذلك بمشاركة الشريك الاقتصادي بتحسين جوانب في المشروع بشكل يسمح بتطبيقها، وهو ما سيؤدي إلى تقليص مشكلة البطالة، فالقرار استطاع نشر ثقافة المقاولاتية في فترة قصيرة جدا لم تتمكن دور المقاولاتية من تحقيقها منذ سنة 2006. سعي لتوسيع الشراكات مع الهيئات المحلية أرى أن ثمار القرار ستبدأ في الظهور هذه السنة من خلال تخرج الدفعة الأولى للطلبة من حاملي المشاريع الابتكارية، وستكون له آثار مستقبلية من خلال تجسيد أفكار المؤسسات، خاصة وأن الكثير منها وصل إلى مرحلة متقدمة من النضج بحكم حصولها على النماذج الأولية وعلامة مؤسسة ناشئة تتماشى مع احتياجات السوق. ما هي الخطط والأهداف التي تعمل عليها الهضبة حاليا؟ نهدف إلى نشر ثقافة المقاولاتية بشكل كبير، ولجعل الطلبة المتخرجين لا يعانون من مشكلة البطالة عبر مساعدتهم على إنشاء مؤسسات، وهم بدورهم يساهمون في خلق مناصب شغل والمساهمة في تطوير وتنمية الاقتصاد الوطني. هذه المؤسسات ستلبي احتياجات معينة وتسمح بتقليص الاستيراد وتؤدي إلى خلق مناصب شغل، وهذا هو الهدف العام للقرار 1275. ومن جهتنا في هضبة قسنطينة نسعى لخلق نظام بيئي حقيقي يشجع إنشاء المؤسسات، كما نهدف إلى استقطاب أكبر عدد ممكن منها خاصة بالنسبة للطلبة الجامعيين، أيضا لدينا استراتيجية لتوسيع الشراكات مع هيئات محلية ومؤسسات أخرى بغية تلبية احتياجات المؤسسات الناشئة، وأيضا السعي إلى تطويرها. ندرّس المقاولاتية منذ السنة الأولى نتمنى بعد انتهاء فترة التوطين أن تغادر هذه المؤسسات الهضبة وهي في مرحلة معينة من التطور، كما أتوقع أن يزيد الإقبال على الانخراط في هذا التوجه بشكل أكبر، انطلاقا مما لاحظته من انفتاح الطالب على ثقافة المقاولاتية وتغير ذهنيته في هذا الجانب، ولأنه يعتبر كذلك فرصة لحصوله على منصب شغل مع الامتيازات التي تمنح له. ما التحديات التي يواجهها الطالب في هذا الإطار؟ الطالب في حد ذاته هو الإنسان المقاول الذي يتجه إلى مجال المقاولاتية، ويواجه تحدي تحقيق الذات من خلال الوصول إلى الاستقلالية وتجسيد الفكرة التي تبناها، وفي سبيل ذلك عليه أن يتصف بمجموعة من الصفات على غرار الصبر، ذلك أن المؤسسة لابد لها أن تمر بمراحل معينة والفشل هو خطوة للنجاح، أيضا عليه التحلي بروح المبادرة والمسؤولية وهذه تعتبر تحديات، وحتى نحن كأساتذة ومؤطرين لدينا أفكار لمشاريع مبتكرة قمنا بتقديمها للطلبة ورفعنا بذلك تحديات لأجل رؤيتهم يصلون إلى مرحلة النجاح، فضلا عن تحدي إنجاح المشروع في حد ذاته. يمكن القول إن المرافقة والتوجيهات التي تمنح للطلبة من خلال الورشات المنظمة من قبل اللجنة الوطنية لمتابعة الابتكار وحاضنات الأعمال الجامعية، والتي أدرجت في إطار التحسيس والتعريف بهذا التوجه، ثم تدريب المدربين وتقييم أفكار الطلبة حول مدى قابلية التجسيد ومنحهم التوجيهات، وأيضا تحصلهم على تكوين للتقدم في العمل، ذلّلت الكثير من العقبات للطلبة، وبالتالي كانت لتشكل عقبات لولا وجود المرافقة والتوجيه، فالنظام كانت له رؤية استباقية بحكم أن الأشخاص الموجودين في اللجنة يعتبرون خبراء وباحثين ولهم اطلاع بما يمكن أن يواجه الطلبة في سعيهم لتجسيد أفكارهم، من خلال وضع آليات تنفيذ مساعدة. يحتاج الطالب إلى تكوين في كيفية إدارة المؤسسة، ما الذي تقومون به في هذا الجانب؟ هذه نقطة مهمة. ستكون هناك دورة تدريبية بعد 15 يوما وتدوم ل5 أيام في كيفية إدارة المؤسسة وفريق العمل، تحت إشراف مكونين من الوكالة الوطنية لدعم المقاولاتية وهم في الأصل مدربون معتمدون من مكتب العمل الدولي، وتتضمن الدورة التعرف على إحدى أهم المشاكل التي تواجه المؤسسات الناشئة وأيضا أبرز مقومات النجاح للمؤسسة المتمثلة في توفر فريق عمل متكامل وكيفية إدارته. هذا يعيدنا للحديث حول المرافقة القبلية والبعدية، إذ إن هذه الجزئية هي من بين التكوينات التي سيتلقاها أصحاب المؤسسات الموطنة على مستوى «التكنوبول»، بالإضافة إلى أن المرافقة ستستمر حتى بعد الانطلاق، وهنا على صاحب المؤسسة أن يتعلم كيفية التنظيم وهيكلة المؤسسة من خلال إدراك أن لكل شخص مهام معينة، وأيضا السرعة في اتخاذ القرارات، لأن الوقت عدو للمؤسسة الناشئة بحكم اعتمادها على الابتكار، الذي قد يزول أو يتغير بسرعة، فإذا لم يتخذ المقاول قراره بسرعة ولم يدخل السوق ويعرف بنفسه، قد يأتي منافسون يبتكرون أشياء أحسن من التي لديه. ألا ترين أنه صار لزاما تدريس مقياس المقاولاتية في فترة مبكرة من التكوين الجامعي؟ أجل، هذه من بين الإصلاحات التي تم التطرق إليها خلال الورشات المحلية لعصرنة قطاع التعليم العالي، من خلال الدعوة إلى تدريس المقياس منذ السنة الأولى وإلى غاية التخرج، وبشكل تطوري وعملي، عبر إعداد الطلبة دراسات مالية وتقنية للمشروع، والاحتكاك بأصحاب المؤسسات والتطرق لأهم المحاور الأساسية التي لها علاقة بالتسويق، نموذج العمل التجاري، وحتى كذلك مقياس الملكية الفكرية، وبالتالي بمجرد وصول الطالب لسنة التخرج يكون جاهزا ومكونا لإنشاء مؤسسة ناشئة. ماذا عن تعزيز التكوين التطبيقي؟ يمكن أن يتم ذلك من خلال تعزيز العلاقة مع الشريك الاقتصادي، عبر إدراجه في تدريس بعض المقاييس وحتى إعداد المحتوى الخاص بها، وأيضا من خلال التربصات التطبيقية المهنية، وإدراجها كمقاييس منذ السنة الأولى في التكوين، وهو ما يساعد الطلبة على اكتساب مهارات والتخفيض من ضعف التكوين في المجال التطبيقي. دورات تدريبية حول كيفية إدارة المؤسسة في رأيك، كيف ينبغي على الطلبة المتخرجين حديثا التعامل مع هذه المرحلة، خاصة أن إنشاء مؤسسة ناشئة ليس متاحا للجميع؟ ليس بالضرورة يجب إنشاء مؤسسة ناشئة، فبالإمكان إنشاء مؤسسة مصغرة. كيفية التعامل مع مرحلة التخرج حديثا تحتاج في الحقيقة إلى مرافقة أيضا منذ السنة الأولى، في كيفية تسهيل الاندماج المهني للطلبة من خلال التعرف على سوق الشغل، وتطوير مهاراتهم المهنية خاصة من خلال التربصات والأعمال الجمعوية. في هذا الإطار تم العمل على مشروع لإنشاء منصة إلكترونية تسمى «أفتر ستادي» قمت باقتراحها على طالبة لدي في إطار القرار 1275، وسيتم إطلاقها تجريبيا قريبا جدا، لتقييم وتوجيه ومتابعة خريجي الجامعات خاصة حديثي التخرج، فمن خلالها يمكن للطالب تقييم وتحسين مستواه المهني وربطه بالشريك الاقتصادي، كما ستكون هناك عروض عمل على مستوى المنصة، بحكم أن الطالب يحتاج إلى مرافقة في هذا الإطار.