" ربما ستكون فرنسا في حالٍ أفضل لو ذهب المتمسّكون بالنمط الإسلامي فيها إلى بلدان إسلاميّة كما فعل بن زيمة"! هذا ما خلص إليه زعيم "الجبهة الوطنيّة" جوردان بارديلا، في معرض تعليقه على ارتداء كريم بن زيمة الزيّ السعودي في العيد الوطني للمملكة، لأنّ اللّاعب في نظر السيّاسي اليميني المتطرّف "متصالحٌ مع نفسه" حتى وإن كان يُروّج للإسلاموية. و يأتي هذا التّصريح في وقتٍ تشهد فيه فرنسا حربًا رمزيّة تدور حول العباءة التي منعت الحكومة ارتداءَها في المدارسِ باعتبارها من الرموز الدينيّة التي تتناقض مع علمانيّة الدولة ومؤسّساتها. ويُترجم هذا المنع مخاوف أثارها اليمين حول مستقبل فرنسا و أوروبا التي تشهد تغيّرا ديموغرافيا هائلًا، سيأتي مع مرور الوقت على ثقافتها وطابعها الديني كما تقول بذلك نظرية "الاستبدال الكبير" التي أطلقها "رونو كامي" وطوّرها إيريك زمور، والتي تحذّر من تحوّل الشعوب الأصليّة في أوروبا إلى أقليّة أمام موجات الهجرة المتواصلة من شمال إفريقيا ودول الساحل والصحراء، ويقدّم زمور في مرافعاته لوقف الهجرة معادلة تقوم على زيادة معدلات الهجرة مع تراجع معدل الخصوبة بين الفرنسيين والأوروبيين وارتفاعه بين القادمين من الجنوب، وهو ما يعني أنّ أوروبا الحالية ستختفي بعد ظرف وجيز، لأن الوافدين المسرفين في التكاثر يرفضون التخلي عن ثقافتهم وعاداتهم الإسلاميّة. لذلك يقترح تقييد الهجرة وفرض نمط يقوم على الاستيعاب، أي تذويب المهاجر في ثقافة البلد، بداية من فرض اسم فرنسي على مواليد فرنسا ومرورا بالقطائع مع ثقافة بلد "المنشأ". هذه النظرية العنصريّة، بمقاييس البلد نفسه، تشير وقد تمّ تبنيها على نطاقٍ واسع، إلى "عقم" يعادل العقم البيولوجي الذي يخشى عواقبه إيريك زمور، هو العقم السيّاسي الذي يُعيد أممٍ عظيمة إلى مرحلة الصراع البدائي قافزة على القيّم التي طالما كانت تستخدمها كعنوان فخرٍ وتباهٍ. وقد تعكس(النظرية) إن صحّت مكر التاريخ الذي قد ينتقم لشعوبٍ استعبدت وأُبيدت ونُهبت ثرواتها لقرون، وها هي الأمم النّاهبة تقف في نهاية القصّة عاجزة أمام المنهوبين القادمين بحرًا مسلّحين بيأسٍ يعفيهم من التفاوض وبخصوبةٍ تجعلهم قابلين للاستنبات في أيّ تربة. وحقّ لمصطفى سعيد أن يقهقه ويقول لزمور ما تتنبأ به اليوم، قُلته قديمًا يا صاحبي، حين "جئتكم غازيًا".