القوى الكبرى تعترف بالدور الريادي للجزائر في منطقة الساحل والصحراء أكّد خبراء ومختصون أن الجزائر لعبت وتلعب دورا رياديا في ضمان الأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، وان دولا كبرى اعترفت لها بهذا الدور كان آخرها قائد "الأفريكوم" الفريق أول وليام وورد الذي زار الجزائر قبل أيام. تناول مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية في الندوة التي نظمها أمس موضوع استراتيجيات القوى الكبرى في منطقة الساحل والصحراء وهو موضوع له أهمية كبرى بالنسبة للجزائر في خضم التنافس الاستراتيجي الكبير بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا على هذه المنطقة كما أكد المتدخلان في هذه الندوة صالح سعود وسالم برقوق أستاذان بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر. فقد أكد الأستاذ سالم برقوق أن الجزائر استثمرت في منطقة الساحل أحسن استثمار وقامت بدور ريادي في الحفاظ على الأمن وإدارة الكثير من الأزمات في منطقة الساحل باعتراف دول كبرى كالولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبية، وكان مسؤول قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا الأمريكي وليام وورد قد أكد قبل أيام قليلة بالجزائر انه لا يمكن الاستغناء عن دور الجزائر الواضح في الحفاظ على الأمن والاستقرار بهذه المنطقة نظرا للإمكانات الكبيرة التي تملكها والخبرة التي تتوفر عليها. من جهته أكد زميله الأستاذ صالح سعود أننا معنيون مباشرة بالأمن في منطقة الساحل والصحراء لأنه إما أن نتحرك أو نتلقى تهديدات، منبها في هذا الصدد إلى أن الجزائر تتعرض في بعض الأحيان لابتزاز من نوع خاص من طرف دول بالمنطقة أو دول كبرى التي تلح على أن تقدم لها الجزائر المساعدات المطلوبة أو تصبح ملاذا للإرهابيين. وفي الحديث عن نفس الدور التي تقوم به الجزائر أكد كمال رزاق بارة الرئيس السابق للمرصد الوطني لحقوق الإنسان والمستشار برئاسة الجمهورية أن الجزائر تنتظر زيارة وفد من الترويكا الأوروبية في الأسابيع المقبلة للتأكيد على هذا الدور.وتوقف كلا من سعود وبرقوق اللذان قدما مداخلتين حول السياسة الفرنسية والأمريكية في منطقة الساحل والصحراء على التوالي عند عوامل عدة تتميز بها هذه الناحية كونها منطقة رخوة نظرا لانتشار الفقر والجوع والفساد السياسي والمالي والإداري بها، وصعوبة الجغرافيا والمناخ وهو ما يجعل التنافس عليها يخضع بالدرجة الأولى لمن يقدم أكثر، لذلك فان حساسية المنطقة تتطلب منا كجزائريين القيام بدور طلائعي وكبير. وعند الحديث عن الإستراتيجية الفرنسية في الساحل والصحراء، قال الأستاذ صالح سعود أن المنطقة تعتبر منذ سنوات عديدة منطقة نفوذ فرنسي بالدرجة الأولى ومنطقة عبور أيضا، لأن اغلب الدول المشكلة لها كانت محتلة من طرف فرنسا وهي تتكلم في غالبيتها اللغة الفرنسية، وان فرنسا أصبحت تبني سياستها اتجاه منطقة الساحل على أسس المصلحة وليس على أساس المبادئ والولاء كما كان الأمر في السابق، وعلى أساس التوازن والتواصل كعقيدة أمنية جديدة مبنية على ترابط المصالح مع المحلي والدولي، وكذا على إستراتيجية التوظيف والمشاركة ودفع الأجر للآخر كي يقوم بمواجهة المشاكل المطروحة مقابل دعم عسكري وامني ولوجيستي، وخلص إلى أنه ليس هناك أي تنافس بين فرنسا وأمريكا حول المنطقة في الإستراتيجية العامة بل هناك توزيع ادوار بينهما. أما سالم برقوق الذي استعرض الخطوط العريضة للإستراتيجية الأمريكية في المنطقة فأوضح أنها تقوم على جعل هذه المنطقة رسميا فضاء لمكافحة الإرهاب والإجرام وذلك منذ سبتمبر 2001 والدعوة إلى عمل جماعي في هذا المنظور، لكن هذه المنطقة في الإستراتيجية الأمريكية الحقيقة هي منطقة طاقوية حيوية لان إفريقيا هي احد أهم موارد الطاقة بالنسبة للأمريكان الذين لا يقبلون بأي منافسة أوروبية أو من أي طرف آخر فيها لذلك فهم يعتمدون على مقاربة استباقية لعدم تكرار ما حدث في السودان الذي استولت فيه الصين على اغلب موارد الطاقة. وفي ظل هذا التنافس تساءل المتدخلون عن الدور الذي يمكن للجزائر لعبه وما مدى استفادتها في النهاية؟.