بادر عديد المستثمرين في قطاع الفلاحة إلى توسيع المساحات المخصصة لإنتاج البقوليات، لا سيما بالمناطق المعروفة بهذه المحاصيل، من بينها الولايات الجنوبية، تجسيدا لقرار الدولة بتحقيق الأمن الغذائي والحد من فاتورة الاستيراد، لا سيما ما تعلق بالمواد الغذائية الأساسية. عمد كثير من المنتجين مع بداية الموسم الفلاحي الحالي إلى تسخير وسائل إضافية لتعزيز إنتاج البقوليات، بدعم من السلطات المحلية التي قامت بتهيئة مساحات إضافية لفائدة المستثمرين في القطاع، بغرض استغلالها في رفع كميات المحاصيل الخاصة بالبقول الجافة، بهدف تغطية احتياجات السوق والقضاء على الاستيراد. وأكد في هذا السياق رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة محمد يزيد حمبلي في تصريح «للنصر»، بأن العمل على توسيع المساحات المخصصة لإنتاج الحبوب والبقول الجافة انطلق قبل حوالي خمس سنوات، وأن الاهتمام بهذه الشعبة أصبح بارزا لدى الكثير من الفلاحين، إلا أن الجفاف الذي سيطر على عديد مناطق الوطن في الفترات الأخيرة حال دون تحقيق النتائج المرجوة. وشدد المتدخل على توفر الإرادة لدى الناشطين في القطاع الفلاحي لرفع التحديات التي تواجه البلاد، لضمان الأمن الغذائي، مؤكدا بأن الجهود المبذولة في مجال تحسين مردود البقوليات والحبوب لا يستهان بها، وأن العمل الذي قام به الفلاحون أدى إلى رفع كميات المحاصيل، لا سيما بالنسبة لمادة العدس، فقد بلغ الإنتاج المحلي في السنوات الأخيرة ما يقارب 250 ألف قنطار، ما يمثل نسبة 40 بالمائة من الطلب الإجمالي على هذه المادة، المقدر سنويا بحوالي 700 ألف قنطار. أوضح المتدخل بأن العائق الأساسي الذي يواجه المنتجين يتمثل في ظاهرة الجفاف، التي ألقت بظلالها على القطاع الفلاحي وأثرت على نوعية وكمية المحاصيل الزراعية في السنوات الأخيرة، لكنه أكد بأن ذلك لم يمنع من تسخير وسائل الإنتاج لفائدة المستثمرين، خاصة ما تعلق بالبذور والأسمدة والعتاد، بعد أن أضحى إنتاج البقوليات من تقاليد القطاع الفلاحي في بلادنا. ويرى رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة بأن تحقيق الاكتفاء الذاتي من البقوليات ليس بالهدف البعيد، إذ يكفي فقط القيام باستثمارات إضافية في مجال المياه المخصصة للري، لتجاوز إشكالية الجفاف، خاصة في ظل الوعي التام لدى الفلاحين بأهمية هذه الشعبة، وبضرورة رفع التحدي لتأمين غذاء الجزائريين دون الاعتماد على الاستيراد. وتعتبر الكثير من الولايات مجالا خصبا لإنتاج البقول الجافة، على غرار عين الدفلى والشلف وتيارت بالناحية الغربية للوطن، وميلة وقسنطينة وقالمة وسوق أهراس في الناحية الشرقية، ويضاف إليها مناطق أخرى في الوسط، يؤكد المصدر. كما تفكر الدولة عن طريق وزارة الفلاحة في توسيع المساحات المخصصة لإنتاج البقوليات في المناطق الصحراوية، وذلك بتوسيع المساحات المسقية عن طريق تحلية مياه البحر في الشمال، وكذا معالجة المياه المعالجة بمناطق أخرى، ومنح تراخيص لحفر آبار عميقة. ويؤكد رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة بأن الاستهلاك الوطني للبقول الجافة ليس بالحجم الذي يعجز المنتجون عن تلبيته، وأن بلوغ الاكتفاء الذاتي ليس بالأمر المستحيل، بدليل ما حققه الفلاحون فيما يخص مادة العدس، التي يتم إنتاجها بكميات هامة وبنوعية جيدة، دون الافراط في استعمال الأدوية والأسمدة. رفع إنتاج البقوليات سيؤدي إلى كسر أسعارها في السوق وأضاف من جهته رئيس المنظمة الوطنية للفلاحة والأمن الغذائي كريم حسان، بأن أسعار البقوليات تعرف ارتفاعا ملحوظا في الأسواق الخارجية، بسبب تراجع مستوى الإنتاج عالميا، واتجاه أغلب الدول المنتجة إلى تأمين غذائها، مما أصبح يفرض علينا تعزيز المنتوج المحلي. ودعا الخبير في الفلاحة والأمن المائي إلى ضرورة اعتماد المنتجين على الدورة الزراعية، من أجل رفع مستوى خصوبة التربة، بتخصيص المساحات المزروعة بالحبوب لإنتاج البقول الجافة في السنة الموالية، لتفادي الاستعمال المفرط للأسمدة، موضحا بأن رفع كميات إنتاج البقوليات سيسمح بخفض أسعارها في السوق. وتعتبر المناطق الصحراوية الفضاء الأكثر ملائمة لإنتاج البقوليات من حمص وعدس وفاصولياء، بفضل توفر الأراضي الخصبة والمياه الجوفية، وشدد المصدر في هذا المجال على ضرورة ترشيد استعمال المياه الجوفية خلال عملية السقي، حفاظا على هذا المورد الطبيعي الهام. ويؤكد رئيس المنظمة الوطنية للفلاحة بأن التحكم في استهلاك المياه أساس النهوض بالقطاع الفلاحي، وأن تحقيق الأمن المائي يؤدي إلى ضمان الأمن الغذائي، خاصة ما تعلق بالبقوليات التي تعد من العناصر الغذائية الأساسية لغالبية الأسر الجزائرية. كما نبه المتدخل إلى ضرورة الاعتماد على الكفاءات وأهل الاختصاص من قبل المستثمرين في القطاع، قائلا إن لكل مجال أهله، وأن الإشكال الذي يواجه عديد الفلاحين يتمثل في عدم الاستعانة بالمختصين، من أجل التحكم بشكل أفضل في المسار التقني. كما يعتبر التحكم في إنتاج البذور محليا من أسباب النهوض بإنتاج البقول الجافة والحبوب، بعد أن تم استحداث بنك وطني للبذور حفاظا على الجينات الأصلية، ويؤكد رئيس المنظمة الوطنية للفلاحة والأمن الغذائي في هذا السياق، بأن إنتاج بذور محلية مقاومة للجفاف تتلاءم مع طبيعة المناخ في بلادنا، إلى جانب توفير الأسمدة محليا، سيؤدي إلى رفع مستوى إنتاج البقول وكسر أسعارها في السوق. لطيفة بلحاج