تلقى تجارة المصبرات التقليدية وفي مقدمتها الزيتون، رواجا في ظل تنوع كبير أبدعت ربات بيوت في إيصاله للزبائن بطريقة احترافية تقوم على طريقة الجدات في التصبير. مع موسم البرد، ووصول موعد جني الزيتون، تشمر سيدات على السواعد لتحضير ما يعرف بالعولة الخاصة بتصبير أو كما يقال "ترقاد" الزيتون و الفلفل الحار الصغير المعروف ب"الطرشي"، في وقت يشكل الموسم بداية نشاط سيدات أخريات اخترنه ليكون عنوان مشاريع مصغرة من البيوت، تمثل باب رزق لعوائل بأكملها. السيدة جميلة واحدة من هؤلاء النسوة، تحدثنا عن تجربتها مع تصبير وتخليل الزيتون ومختلف أنواع الخضار، تقول إن نجاح وصفاتها المنزلية التي تلقى إعجاب كل من يتذوقها، قد شجعها على تحويل ذلك إلى نشاط تجاري، بحيث تقول إنها بدأت في تحضير كميات أكبر وبيعها للأقارب فقط، إلا أن وصول منتوجاتها لأناس كثر زاد من حجم الطلب عليها، و هو ما أكدت أنه دفعها لتوسيع مشروعها قليلا إلى أن أصبح بعد 3 سنوات مشروعا عائليا تشاركها فيه بناتها وحتى زوجها. بركة الزيتون تجمع الأسر في نشاط موحد و تؤكد السيدة جميلة أنها تقتني الزيتون من المزارع ليكون بسعر معقول، وتستعين أيضا بنصيب زوجها من الزيتون القادم من ولاية جيجل، لتحول بيتها الصغير إلى ورشة لا تشم فيها غير روائح هذه الثمرة المباركة مع مختلف أنواع الخضر التي تزين بها قارورات الزيتون التي تبيعها للزبائن، أما عن الطريقة التي تتبعها في التصبير، فقد أكدت أنها تقليدية أصلية، بعيدا عن المواد الكيميائية المعتمدة لدى مصانع الزيتون الكبرى، و هو ما أكدت أنه السبب الرئيسي في نجاح منتوجاتها. السيدة صبرينة، ربة بيت أخرى تحترف تصبير الزيتون على الطريقة التقليدية، و لأنها تعشق تحضير المأكولات القسنطينية والتقليدية، فقد راحت لتخليل الزيتون و "الطرشي" و كذا تحضير الهريسة بمواد طبيعية وبتوابل تسيل لعاب كل من يشتمها، وقالت السيدة صبرينة إنها هي الأخرى بدأت بشكل تدريجي قبل أن تتحول لتسويق مختلف منتوجاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي قالت إنها ساهمت في الترويج لها ووصولها لأبعد نقطة في قسنطينة. ربات بيوت يبعثن تقاليد الأجداد على نطاق واسع وعن المواد الأساسية في هذا النشاط، تؤكد السيدة صبرينة أنها تحرص على انتقاء أجود أنواع الزيتون، و كذا الخضر، و تنظيفها بشكل جيد، مع تعقيم كلي للأواني المستعملة، مضيفة أن هذا ما أكسبها ثقة الزبائن الذين يطلبون زيتونا تقليديا محضرا بالملح والماء، كما أنها تسعى جاهدة لتطوير نشاطها من خلال تحضير وصفات الزيتون العصري بمواد طبيعية 100 بالمائة كالزيتون المكسر الذي يلقى إقبالا كبيرا من طرف الزبائن. السيدة شوتي ماجدة مختصة هي الأخرى في صناعة مختلف الأكلات التقليدية بقسنطينة، تقول إنها تحترف هذا النشاط الذي تربت عليه منذ سنوات عديدة، و توفر زيتونا من أجود ما يكون للزبائن، وبطريقة تقليدية تمتزج فيها نكهات زيت الزيتون، مع الثوم، و الكرفس و ال"الطرشي" ومختلف أنواع الخضار الطازجة، مضيفة أن كل نوع من الزيتون يفرض طريقة معينة خاصة بالنسبة للنوع البنفسجي الذي لا يتحمل التصبير لمدة طويلة، مؤكدة أن جميع منتوجاتها وبناء على الطريقة التقليدية تحفظ لمدة طويلة تصل إلى غاية سنة كاملة بفضل الليمون والملح، اللذين يساعدان على ذلك بشكل كبير، أما بالنسبة لزبائنها، فتقول إنهم من مختلف شرائح المجتمع، مشيرة إلى فئة خاصة يمثلها كبار السن الذين يقولون إن منتوجاتها تذكرهم بتقاليد الأسرة الجزائرية القديمة التي قالت إن الكثير من جيل اليوم لا يعرفها. أما السيدة سعاد، المختصة في صناعة مختلف الأطباق التقليدية الجزائرية، قالت إن تخليل وتصبير الزيتون والخضر يشكل نشاطا موسميا بالنسبة لها، يبدأ مع موعد جني الزيتون، و ينتهي بانتهاء موسم الجني، أين تتفنن في تحضير مختلف أنواع الزيتون الصغير والكبير، و مزجه مع أنواع مختلفة من الخضر، و الحرص على أن يخزن لأطول مدة، معتمدة في ذلك على طريقة الجدات، التي تعتبرها الأفضل على الإطلاق، أما بالنسبة للأسعار، فقد أجمعت السيدات على أنها تبقى في متناول الجميع خاصة بالنظر لجودة المواد ونظافتها وطريقة تحضيرها المضمونة، و هو ما يؤكدن أنه يزيد من انتشار هذه المنتوجات التي يزيد الإقبال عليها مع موسم البرد خاصة بالنسبة للهريسة، في مقابل تراجع الإقبال على مثيلاتها المصنعة بحسب زبائن أكدوا لنا أن وعيهم بمخاطر المواد الكيميائية المضرة للصحة غيّرت توجهاتهم الاستهلاكية. إ.زياري