أمزج في لوحاتي صوت الشارع برؤيتي الفنية استطاع الرسام الغرافيكي، الشاب توفيق صبيحي أن يحوّل بأنامله الذهبية الجدران الصماء إلى لوحات فنية تضفي البهجة والسعادة على المارة والزائرين، تُحاكي من خلال ريشته الشخوص والأشكال و النماذج، في صورها الطبيعية، الخيالية والتعبير عنها بطريقة واقعية. وفي حديثه للنصر أكد الفنان البالغ من العمر 27 ربيعا، أن الرسالة التي يريد إيصالها من خلال جهده في تزيين الشوارع هو الخروج بالفن من القاعات المغلقة، ووضعه بشكل مباشر أمام الجمهور، والتعبير عن القضية التي تشغل الرأي العام بالألوان الحيوية، بعيدا عن النمط العادي الذي يسيطر على المشاهد اليومية للمجتمع. وأكد الشاب أن الجدران الفارغة تغريه كثيرا وتدفعه لكسر جمودها ومزج الألوان لبعث الروح فيها، إذ يعتمد بشكل أساسي في رسوماته أصباغا متعددة الألوان، يستعملها بخفة وبكل دقة على الجدران العامة لرسم لوحات يمتزج فيها صوت الشارع برؤيته الفنيّة. علاقة توفيق، بالرسم بدأت في سن مبكرة حيث كان يرسم لوحات يعجب بها كل من يراها، وفي سنة 2011، قرر أن يحمل أفكاره وموهبته وأدواته، ويخرج بهما إلى الشارع، وينطلق في ممارسة الفن الغرافيكي، تماشيا مع تطلعات الشباب، لتكون أول لوحة فنية يرسمها تتعلق بفريق شباب قسنطينة لكرة القدم، والتي أعجب بها آنذاك كل من شاهدها. محدثنا ذكر، بأنه توقف عن ممارسة هذا الفن الذي يحتاج إلى أنامل ذهبية لنثر الجمال على الجدران الكبيرة لفترة، ليعود إليه سنة 2014، وهي سنة الانطلاقة الحقيقية، حيث تفرع لممارسة فنه بكل حب وشغف، واستطاع خلال سنوات قليلة من تغيير نظرة المجتمع، لهذا الفن من كونه فنا يحرض على العنف، إلى داعم ومشارك فيه يعبر عن أفكار مجتمعه، ويجسد كل ما يدور فيه. أستغرق 8 ساعات في رسم جدارية الشاب أكد، بأنه لا ينتمي لأي فريق غرافيكي، بل يمارس هذه الهواية وحده، وبإمكانياته الخاصة، وبكل ما يجده أمامه من وسائل في الشارع، مضيفا أن الوقت الذي يستغرقه في رسم لوحة حوالي 8 ساعات. ولفت المتحدث، إلى أنه متخصص في رسم لوحات بورتريه عن شخصيات خيالية وأخرى معروفة، مؤكدا أن ما يميز لوحاته، التفاصيل الدقيقة والواقعية للشخصيات التي يرسمها. ومن أشهر أعماله التي نالت شهرة وإعجاب واسعين، جدارية أحمد باي، وأخرى تتعلق بفتاة رسمهما في وسط المدينة، حسبما أكده الفنان، متابعا بأنه لم يتعلم أساسيات الرسم بل طور نفسه بنفسه لأنه يمتلك الموهبة واللمسة ، مشيرا في ذات السياق بأنه خلال كل الأوقات يشعر فيها بالرغبة في الرسم بالأخص عندما يكون هناك موضوع يتحدث عنه المجتمع للتعبير عن أفكارهم. وأضاف المتحدث، بأنه يسعى حاليا إلى تطوير موهبته وإبرازها بشكل لائق، للمجتمع القسنطيني المحافظ، الذي يرى بأنه انقسم إلى فئتين، فئة متقبلة لهذا الفن ومعجبة به، وأخرى تراه جديدا وغريبا، مشيرا في ذات السياق، إلى أنه يختار الجداريات المتواجدة بوسط المدينة، لكي يراها أكبر عدد من المارة ليتعرفوا على هذا الفن الذي بدأ يتطور وينتشر منذ سنة 1980. مساهمة في تنمية الحس الجمالي للفرد وأوضح توفيق، بأن الأعمال الفنية الجدارية تساهم في تنمية الحس الجمالي للفرد، والارتقاء بذوقه عند إدراكها والاستمتاع بها، كما تعمق الوعي الثقافي للمجتمع، خصوصا وأنها تتضمن المعاني والأفكار الأيديولوجية، فالأعمال الجدارية في نظره رمزا أو عدة رموز تحمل معاني وأفكار مختلفة يكون مضمونها ظاهرا أو متضمنا، وكلاهما يكمل الآخر. وأضاف الغرافيكي، بأن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت كثيرا في شهرته، إذ بفضلها تمكن من جذب العديد من العملاء بينهم مؤسسات وأفراد يطلبون منه تجسيد جدارية على مستوى المكان الذي ينتمون إليه.