ابتكر طلبة جامعيون بقسنطينة، آلة ذكية للتحكم الرقمي، تقوم برسم مختلف التصاميم على مواد صلبة مختلفة على غرار الحديد والنحاس والخشب والألمنيوم والذهب، مع تجريب هذا الابتكار على أرض الواقع لتكون النتائج مبهرة، ما يجعل المشروع جاهزا للتسويق في قادم الأيام، ليُوجه إلى أصحاب الحرف والمصانع وقطاع الصحة. وتمكّن فريق مشكّل من 6 طلبة بمعهد العلوم والتقنيات التطبيقية بجامعة الإخوة منتوري، ينتمون إلى هضبة تكنوبول قسنطينة، من ابتكار آلة ذكية تسمح بتجسيد كل الرسومات والتصاميم على مختلف المواد الصلبة، كما قاموا بابتكار توصيلات كهربائية ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وقال طالب الماستر، حاج مخناش زين الدين، للنصر، إن المجموعة ابتكرت آلات التحكم الرقمي، وتتمثل في تزويد أو إرسال صورة أو نموذج أو تصميم للآلة، لتُجسده على أرض الواقع سواء على حديد أو ذهب أو غيرها من المواد الصلبة، موضحا أن الجهاز يقوم بالرسم ثم التقطيع مهما كان نوع المادة المصنوعة منها القطعة. وأضاف المتحدث أن أي تصميم يتم تحميله من الانترنت ثم تحويله عن بعد للآلة الذكية من جهاز حاسوب أو هاتف ذكي، ليعمل بعدها التطبيق بعد استقبال الصورة لتجسيده على أي قطعة صلبة، وذلك في وقت قياسي. ويمكن لأصحاب الحرف، على غرار اللحامين، استعمال هذه الآلة من أجل رسم التصميم المطلوب من طرف الزبائن، ويمكن رسمه على قطعة حديد ثم تقطيعه، على غرار القطع التي تزين الأبواب الحديدية، كما هو الحال بالنسبة للنجار الذي يمكنه رسم أي تصميم مهما كان على قطعة من الخشب والاكتفاء بإلصاق الشكل المطلوب على النوافذ أو الخزائن وغيرها من الأثاث المنزلي.أما بالنسبة لصانعي الحلي، فيمكنهم أيضا استغلال هذه الآلة، حسب المتحدث، والذي أكد أن فريق العمل يحيّن طريقة استعمال الجهاز حسب الحاجة، فبالنسبة لمادة الذهب يمكن استعمال البلازما بدلا من الليزر، وذلك لعدم تضييع كميات من هذه المادة الثمينة أثناء النحت أو التقطيع، وتُمكن هذه الطريق حسب المبتكِر من نتائج فعالة ودقيقة. منتج ينافس الأجهزة المستوردة كما يمكن استعمال الآلة على مواد صلبة أخرى، على غرار الألمنيوم، خاصة وأن عشاق «الديزاين» الراغبين في تزيين سكناتهم، بإمكانهم الحصول على أي تصميم يرغبون فيه، يكفي فقط إرسال الصورة أو التصميم للآلة لكي يجسد على مادة الألمنيوم لتزيين الفواصل في المنازل أو النوافذ وغيرها من الأشياء المصنوعة من هذه المادة. وقال الشاب الحاج مخناش، إن هذا المنتج موجه أيضا إلى أصحاب الصناعة الميكانيكية ومصانع إنتاج قطع الغيار الخاصة بمختلف المركبات والآليات وغيرها، خصوصا أنه يتم اقتناء مثل هذه الآلة من الخارج وتحديدا من الصين بمبالغ مالية مرتفعة، في حين يمكن لهذا الابتكار أن يوفر عليهم كل تلك المصاريف، من خلال تصنيع ما يرغبون فيه هنا على المستوى الوطني، موضحا أنه وجب وضع الثقة في الشباب من خريجي الجامعات والإيمان بالمنتوج المحلي أكثر. وتتمثل قيمة هذا الابتكار في إمكانية استعماله من طرف عدة قطاعات، وأبرزها الصحة، أين يمكن للآلة الذكية أن تُستخدَم في صناعة مختلف الأدوات والوسائل المستعملة في الطب، كما يمكن استعمالها كطابعة لإنتاج الأعضاء الصناعية مثل اليد والقدم، خاصة أنه إيمكن تحويل الآلة إلى طابعة ثلاثية الأبعاد. كما يتيح الابتكار فرصة الإبداع بالنسبة لصانعي اللوحات الإشهارية، خاصة وأنها تمكّن من تصميم أحرف أو أرقام حسب الشكل المطلوب، كما هو الحال بالنسبة لأصحاب حرفة الخياطة، حيث يمكن تحديد التصميم أو الشكل على القماش مع التكفل بقصه بكل دقة وسرعة، ما يجعل الخياط يكتفي فقط بالخياطة. وأوضح الشاب أن أكثر ما هو إيجابي في هذا الابتكار، هو إتاحة فرصة التكوين لكل راغب في استغلال الآلة من أجل تعريفه بأساسيات وطرق الاستعمال، كما أن الفريق المبتكر يمكنه تحديد خصائص عملها حسب الحاجة، أي أن الآلة تتكيف مع أي مادة أو استعمال مرغوب فيه. جاهزية للتسويق وأضاف الطالب الجامعي، أن الفريق جاهز لتسويق هذه الآلة، خاصة بعد أن تم تجريبها من قبل على عدة مواد، على غرار الخشب والحلي وكذا على الزجاج، قائلا إن كل النتائج كانت ممتازة ما يؤكد جودة الابتكار، كما أفاد أن البطاقات الالكترونية المستعملة خلال عملية الطبع ثم القطع متطورة جدا، وتعمل بدقة عالية. وأوضح زين الدين الذي بدا فخورا بابتكار الفريق، أنه لم يتم التقدم إلى صندوق تمويل المؤسسات الناشئة بعد، وهو ما سيتم حسبه بعد فترة، مؤكدا أنه يتم صنع الآلة من الأموال الخاصة بأعضاء الفريق، والتي تكون غالبا عبارة عن إمكانات بسيطة، ويمكن تطوير هذا الابتكار أكثر في حالة توفر تمويل أو سيولة مالية. وتتمثل الطريقة الوحيدة التي لجأ إليها أعضاء فريق العمل من أجل تسويق المنتج، في استغلال صفحة خاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أين يقومون بعرض عملهم وشرح كيفيات استعمال الآلة، حسب المتحدث، الذي أكد أيضا أنه تم عرض الابتكار في معرض نظم بولاية أم البواقي، إلا أن التجربة لم تكن فعالة ولم تأت بنتائج جيدة، لعدم مصادفتهم للجمهور المستهدف خلال ذلك المعرض، موضحا أن هدف الفريق هو عرض العمل على المهتمين أكثر بهذا المشروع، على غرار ممتهني حرف النجارة ونجارة الألمنيوم وصناعة الذهب والتلحيم وغيرها من النشاطات. وأوضح المبتكر، أنه وحسب الإمكانيات البسيطة المتوفرة حاليا، فإنه باستطاعة الفريق إنتاج آلة واحدة كل أسبوع، أي 4 آلاف في الشهر، إلا أن توفر الوسائل المادية سيمكّن من توسيع أعضاء فريق العمل وبالتالي رفع الإنتاج أكثر، مضيفا أن الأهم حاليا هو توفر طلبات على المنتج، وهو ما يطمحون إليه في الفترة الراهنة، كما أكد أنه وزملاؤه مستعدون لإنجاز ابتكارات أخرى بعد التمكن من تسويق المنتج الأول والذي سيكون عبارة عن بوابة بالنسبة لهم من أجل البروز والتألق أكثر.