عرض 2500 منزل للكراء وأصحاب الفنادق يشتكون المنافسة لا يكاد الزائر لمدينة جيجل أن يشعر بدخول موسم الإصطياف لولا بعض الزوار الذين يأخذون صورا في معالم المدينة التي تتوفر على مقدرات سياحية كبيرة، أو عند تناول فنجان قهوة بسعر مرتفع قليلا عنه في بقية المناطق(25 دج)، أما في المطاعم فشهرة الطبخ الجيجلي تقابلها أسعار ملتهبة لا يقوى عليها سوى العابرون للمدينة من أصحاب الحاجات في ميناء جنجن، و لكنهم لا زالوا قليلين. على الشواطىء بقت نفس الملامح و العادات و التقاليد ترسم صورة الموسم الاصطياف الجديد، الذي لن يكون مختلفا عن المواسم السابقة مع فرق واحد هو الغلاء هذه المرة في كل المنتجات و الخدمات، الكل يتفق على أن الأمور لن تعرف التغيير المنشود، الذي يتماشى مع المخزون السياحي للولاية هذا الموسم أولا بسبب قصر فترة موسم الاصطياف بين العطل المدرسية التي تبدأ بإعلان نتائج الباكالوريا و امتحانات الأطوار الأخرى و بين شهر الصيام الذي يتقدم كل عام عشرة أيام ليقلص أكثر من فرصة الترويج للطاقات الترفيهية لمدينة جيجل و شواطئها العشرين. البعض يروج للطابع المحلي للاصطياف في جيجل المعروف في مناطق الشرق بأنه مصيف محافظ يقضي فيه أفراد العائلات أياما داخل بيوت يتم تأجيرها لغرض الاقتراب من البحر، بينما آخرون يعتبرون الظروف العامة لا تزال تعمل لصالح تكريس الوضع القائم رغم محاولات وزارة السياحة تنظيم عمليات إيواء المصطافين في بيوت الخواص. روبورتاج:عمر شابي تصوير الشريف قليب عملية كراء بيوت الخواص تتم بإجراء شكلي يقول مدير السياحة لولاية جيجل منصور نور الدين أن الفكرة تم عرضها للمناقشة و لن تكون حيز التنفيذ هذا الموسم، كما أنها ستكون شكلية حيث يطلب من صاحب المنزل التصريح فقط بهويات و عدد الذين يستأجرون بيته لقضاء العطلة الصيفية. و تزعم الإدارة أن الغرض من ذلك هو تحديد عدد القاصدين لمدينة جيجل خلال الموسم و معرفة طلباتهم و أهوائهم و ما يريدون لقضاء عطلة مريحة و مفيدة لأفراد أسرتهم، و يدلل المدير على ذلك بالقول أن التصريح بمستأجري المنزل من طرف صاحبه لا يترتب عليه دفع رسومات أو ضرائب. وبالنسبة للمهتمين بالموضوع يعتبر كراء بيوت عائلية لقضاء العطلة في جيجل من خصائص المدينة التي تتخذ من المحافظة في سلوكاتها رمزا خاصا بها، و يدعو آخرون إلى تنمية و تطوير هذا النوع من السياحة التقليدية، لكن أصحاب الفنادق على قلتهم متضررون بدرجة كبيرة من سيطرة نشاط الإيواء الموازي على موسم الاصطياف، و يقول مستأجر فندق كتامة السيد حبشي وسط مدينة جيجل أن كراء المنازل للمصطافين نشاط رائج في جيجل و قدر عدد البيوت التي يغادرها أهلها كل صيف ليقيم فيها مصطافون من عدة ولايات شرقية بأكثر من 2500 منزل، و يرتفع حجم نشاط الإيواء الموازي البعيد عن كل رقابة بنسبة 20 بالمئة كل عام حسب ذات المتعامل الذي قال أن أهم العيوب التي تجعل موسم الاصطياف باهتا في جيجل غياب التنسيق بين المتدخلين و الفاعلين قبل بداية الموسم لتحضير برنامج النشاطات و معالجة النقائص و توفير المستلزمات. ويقول مستأجر فندق كتامة الذي تملكه البلدية أن الحاجة إلى هياكل استقبال و إيواء جديدة في جيجل ليست مطروحة ما دام الجميع يعمل على ترسيخ ظاهرة كراء المنازل للمصطافين، و أوضح أن الفندق الذي يستغله لا توجد به غرف شاغرة طيلة الموسم و مع ذلك فقد حافظ على أسعاره المدروسة و التي هي في متناول الراغبين في الحصول على شيء من الراحة ، و المفارقة أنها لا تختلف كثيرا عن أسعار كراء المنازل التي ترتفع من شهر لآخر و من سنة لسنة بمعدلات كبيرة. قادنا الفضول إلى محاولة معرفة حقيقة الأمر فوجدنا طاولة لبيع التبغ عليها لافتة تعرض تأجير منازل لقضاء العطلة قرب شاطىء المنار الكبير فقدم صاحبها رقم هاتف محمول و قال أنه ينصحنا بالاتصال بصاحب المنزل غير البعيد من المكان و راح يسرد حسناته من غرفتين و صالون استقبال و مطبخ و مرحاض و حتى الربط بشبكة الإنترنت متوفر. سألناه عن السعر فقال دون تردد 650 و لكنه قابل للتفاوض، مما يعني أن 6500 دينار عن كل ليلة بالمنزل هو نفس السعر الذي يمكن به كراء غرفة في فندق كتامة وسط المدينة. وفي طاولة أخرى لبيع الحلوى و التبغ على الشاطيء نزل السعر قليلا لكون صاحبه يعرض شققا في عمارات على المصطافين و قال أن الأسعار تتراوح ما بين 3000 دينار و ستة آلاف عن كل ليلية و لكل عائلة ما يناسبها من أماكن للمبيت. مديرية السياحة وفرت الإيواء للمصطافين في المؤسسات التربوية و مراكز التكوين المهني و المخيمات الصيفية للشركات و المؤسسات الوطنية الكبيرة مثل مخيم سوناطراك في شاطىء العوانة، كعادتها في سابق المواسم،و توفر جميع تلك الهياكل أكثر من ستة آلاف سرير، بينما توفر الفنادق الستة و العشرين الموجودة بالولاية ألف سرير. و قال المدير أن جيجل كلها في موسم الاصطياف تصبح مرافق للإيواء بالنظر لعدد البيوت التي يؤجرها أصحابها. رقم سبعة ملايين مصطاف مرشح للإرتفاع هذا العام قدرت مصالح الحماية المدنية خلال الموسم الفارط توافد أكثر من سبعة ملايين مصطاف على شواطىء ولاية جيجل، و الرقم مرشح للارتفاع خلال الموسم الحالي. و لكن نوعية القاصدين للمدينة مختلفة عن السياح الذين يمكنهم تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، فنسبة كبيرة من مرتادي الشواطىء يغادرون المدينة و الولاية مساء و لا يبيتون فيها و لا يستهلكون شيئا من منتجاتها، لأن القدرة الشرائية للمصطافين في جيجل متدنية كأغلبية الجزائريين من ذوي الدخل المتدني أو المتوسط و الذي توفر لهم جيجل مكانا يناسب مدخراتهم لقضاء أيام قليلة على الشاطىء قبالة البحر لا اكثر. لكن المهم في الأمر أن عرض منتجات سياحية من خدمات في مرافق من طراز أرقى غير ممكن لغياب تلك المرافق أصلا، و يرى مدير السياحة و المكلف بالاستقبال في فندق كتامة أن جيجل ينبغي أن تستغل الطابع المميز لها في صفة المحافظة على التقاليد بجلب عائلات لا تريد قضاء العطلة الصيفية أو على الأقل جزء منها في مواقع تنفر منها العائلات المحافظة، مثل بجاية المجاورة أو عنابة. و قال المكلف بالإستقبال في فندق كتامة أن بعض العائلات تقصد جيجل و تختار فندقنا من ولايات الغرب الجزائري البعيدة و هناك عائلة من مستغانم تأتي كل عام إلى جيجل لقضاء فترة العطلة بسبب بقاء ما سماه “الحرمة” و ذكر مدير السياحة من جهته أن الطابع المحافظ لمدينة جيجل تركها مدينة مسالمة و هادئة تفضل عدة عائلات قضاء العطلة على شواطئها. مواطنون يعترضون على مناطق التوسع السياحي وضعت وزارة السياحة خمس مخططات للتوسع السياحي بولاية جيجل من شأنها تحريك وضع السياحة الراكد، و لكن بعضها لقي معارضة من السكان الذين عرقلت تلك المخططات انتفاعهم بملكياتهم داخلها، مثل ما حدث في بلدية خيري واد عجول على شاطىء بني بلعيد قبل أيام حيث تظاهر الملاك ضمن أرض مخطط التوسع السياحي بالمنطقة ضد المخطط داعين إلى إلغائه، و قدر مدير السياحة أن ما تم إنجازه لصالح هؤلاء في ستة أشهر من إجراءات لم ينجز منذ ست سنوات، مبديا تفهمه لمطالبهم و قال أن السكان كانوا يستعجلون تنفيذ المخطط الذي يعود عليهم بالفائدة، و يطالبون بتحرير مبادراتهم في نطاقه. ذات المسؤول قال أن أربع مخططات أخرى للتوسع السياحي يجري العمل بها و قد اكتملت إجراءات المصادقة على مخطط التوسع السياحي ببلدية العوانة، حيث كانت شركة أمريكية قد طرحت قبل سنوات مشروعا لبناء ميناء لليخوت، و ذكر المسؤول أن الأمريكيين لم يعودوا إلى المنطقة منذ سنوات و قد تخلوا عن مشروعهم. يصح وصف الزائرين لجيجل بالمصطافين في أغلبهم لكن هناك عدد قليل من السياح الذين يكتشفون المدينة و المواقع التي تتوفر عليها و منها الذي لا يزال في حالته الطبيعية الأصلية، و قال صاحب أحد الفنادق أنه استقبل في المواسم الفارطة فرنسيين و انكليز و حتى أمريكيين و لكن عددهم كان قليلا، و راح يعدد المواقع الجميلة لشواطىء جيجل و غاباتها و خاصة حديقة الحيوانات بالقرب من المنار الكبير و التي تستقطب إليها عشرات العائلات الجيجلية كل مساء، كما يوفر شاطىء العوانة فرصة لمداعبة القردة على قارعة الطريق و التمتع بالنظر إليها في موطنها الطبيعي، و هناك الكثير من المواقع التي لا تزال كنوزها الطبيعية غير معروفة، لأن السياحية الجبلية في جيجل معادل قوي لسياحة الشاطىء و لكنها لا تزال غير متطورة و تمنع عوامل كثير استغلالها حاليا بكامل طاقاتها. ميناء جنجن لا يزال تأثيره على السياحة غائبا ميناء جنجن الذي لا يظهر من نشاطه حاليا سوى خروج عربات شحن السيارات لا يزال تأثيره على حركة السياحة بجيجل غائبا، و السبب بقاء العمل فيه مقتصرا على التفريغ في مجال استيراد السيارات و تفريغ شحنات القمح الذي يستورده الديوان الوطني المهني للحبوب، و تعمل الشركة الإماراتية المكلفة بتسيير الميناء على بناء رصيف رسو للسفن قد يكون ذات يوم مصدرا للحركية التجارية و السياحية إذا تم فتح خط بحري لنقل المسافرين عبره، لكن شركة الطيران “اير ميديتيراني” حصلت بمناسبة فصل الصيف على رخصة للعمل على خط دولي يربط مطار فرحات عباس بجيجل بالعاصمة الفرنسية باريس و مدينتي ليون و ميلوز، و ذكر أحد المهتمين بالحركة التجارية و السياحية في جيجل أن الخط الجوي الرابط بين جيجل و فرنسا مفتوح لفترة أربعة أشهر فقط، و ليس من الواضح ما تكون عليه الحركية الاقتصادية و حركة نقل المسافرين عبر ميناء جنجن بعد فتح الرصيف الجديد، و خاصة في ظل غياب تام للمرافق الضرورية للمتنقلين و العابرين للميناء. جيجل أجلت الخروج من عزلتها موسما آخر و ربما لمواسم عدة مقبلة، بينما تتقلص فترة موسم الاصطياف من سنة لأخرى بسبب تزامن العطلة مع شهر رمضان، و على مدار السنوات الثلاثة القادمة،فيما لا تزال مشاريع الفنادق و المنشآت السياحية طي الأوراق و الملفات. الجميع يفكر في كيفية تسهيل ظروف حياة العشرات من الشبان العاطلين الذين يحترفون أشغالا بسيطة في فصل الصيف لكسب مداخيل تعيلهم لسنة أو تقيهم شر الحاجة، مثل كراء الشمسيات على الشواطىء و بيع التبغ و المكسرات و حتى حراسة مواقف السيارات، دون أن تتحول تلك النشاطات إلى عامل إزعاج يقلق راحة المصطافين. عبر شبان جيجل في مناسبتين خلال الأشهر الفائتة و بطريقة عنيفة عن سوء حالهم و حاجتهم إلى المزيد من فرص العيش الكريم و الآمن، حينما نشبت تظاهرات أعقبت انتحار صاحب طاولة لبيع التبغ و العطور، و حين صعق التيار الكهربائي أحد سكان حي “أيوف” الشعبي بالمدينة. ولكنهم اختاروا بطرقهم الخاصة ما يسترزقون بواسطته من خيرات بلدتهم الجميلة.