أسعار ملتهبة للوازم المدرسية تتحدى جيوب أولياء أنهكتهم مصاريف رمضان و العيد لا بد أن يلفت انتباهك و يثير استغرابك و أنت تتجول بشوارع و أحياء قسنطينة قبل أيام معدودة من موعد الدخول المدرسي الوشيك،غياب مظاهر التهافت الاعتيادية على اقتناء اللوازم و الأدوات المدرسية من طرف أولياء تلاميذ استنزفتهم مصاريف العطلة الصيفية و رمضان ثم عيد الفطر... و حتى السلع التي تعرضها بعض المحلات هنا وهناك قليلة و ذات أسعار ملتهبة و لا ترضي كل الأذواق مقارنة بتلك التي كانت تغزو الأسواق و المحلات و تنتشر كالطحالب على أرصفة الباعة المتجولين قبل حوالى شهر تقريبا من هذا الموعد الهام. الغائب الكبير عن المناسبة لحد اليوم هو معرض الأدوات المدرسية الذي كانت تحتضنه ساحة الثورة بوسط المدينة قبل هذه الفترة و يستقطب أعدادا كبيرة من المتمدرسين و أوليائهم لاقتناء احتياجاتهم المختلفة بأسعار أقل قليلا من الأسعار المتداولة بالمكتبات و بقية المحلات، في حين بادر ثلاثة تجار بشارع ديدوش مراد إلى عرض مآزر للأولاد و البنات تتراوح أسعارها بين 300 دج و 1450 دج. و ترتفع هذه الأسعار إلى 1750 دج و أكثر بمحلين في شارع عبان رمضان بوسط المدينة أيضا و في كافة هذه المحلات تنافس المآزر الصينية الأغلى سعرا ذات التطريزات الناعمة و القماش المقبول تلك المحلية العادية سواء من حيث نوعية قماشها أو تصميمها. أما بالنسبة للمحفظات المدرسية، فتعرض كميات تعتبر قليلة أيضا مقارنة بالسنوات الفارطة بمكتبتين وكشك واحد بنفس المنطقة و الملاحظ أن معظمها ذات تصميمات قديمة، أما أسعارها فارتفعت بشكل مذهل حيث تتراوح أسعار أكثرها بساطة و أقلها حجما بين 650 و 2500 دج.و عن أسعار الأدوات المدرسية حدث و لا حرج فهي أيضا ملتهبة و عرضها لا يزال محدودا .عندما سألنا تاجر بنهج بوجريو عن سر العرض المحدود للوازم الدخول المدرسي قال لنا:"إن الطلب محدود أيضا و بإمكانكم ملاحظة ذلك على المباشر فأغلب أولياء التلاميذ لم يعودوا بعد من الشواطيء حيث يقضون عطلهم منذ العيد و لم يفكروا بعد في اقتناء احتياجات صغارهم .لهذا فضلت أن أنتظر قليلا لأسافر لجلب البضاعة الجديدة".و أكد صاحب مكتبة تقع بنفس الشارع بأنه لم يبع أية محفظة أو كراس منذ بدأ عرض المحافظ و اللوازم المدرسية في الأسبوع الماضي و كأن الدخول المدرسي ليس على الأبواب مبديا استغرابه لغياب مظاهر المناسبة هذا الموسم الحار.و برر صاحب محل بشارع العربي بلمهيدي الظاهرة بانتظار الأولياء عشية الدخول المدرسي للتفكير في نفقات أخرى بعد أن أرهقتهم مصاريف رمضان و العيد و العطلة الصيفية معلقا:"ربي يكون في عونهم فالأسعار في ارتفاع صاروخي."و الملاحظ أن محلات بيع ملابس و أحذية الأطفال بقسنطينة لا تستقطب إلا القلة القليلة جدا من الزبائن و الغالبية منها لا تزال تعرض ما تبقى من سلع جلبت قبل العيد و لا يتوقع صاحب محل لملابس الأطفال بالمدينةالجديدة علي منجلي أن يكون هناك اقبال في الأيام المقبلة على شراء ملابس جديدة للصغار لأن ثياب العيد الصيفية لا تزال مناسبة للدخول المدرسي الذي يتزامن مع موسم الحرارة ونهاية الصيف كما أن غلاء الأسعار يثبط العزائم و يكبح الرغبات.و بالتالي لن يجلب إلى محله سوى كميات من المآزر المستوردة لمن استطاع إليها سبيلا على حد تعبيره فقد أخبره تاجر الجملة الذي تعود التعامل معه أن الفرنسية الصنع ب2000 دج للواحدة و ربما أكثر لأنها ذات نوعية رفيعة .و كيف يتصرف أب لديه 5 أو 6 أبناء متمدرسين؟ أولياء يؤجلون التفكير في اللوازم المدرسية لأسباب مادية لاحظنا أثناء مرورنا أمام المحلات القليلة التي تعرض مآزر أو محافظ الأطفال و لوازمهم المدرسية الأخرى بوسط المدينة، بأن الغالبية العظمى من السيدات يتجنبن النظر صوبها و لو كن مرفوقات بأبنائهن و يستمتعن بدخول محلات بيع أزياء النساء و لو لإشباع الفضول و الفرجة و "تشلال العينين"لأن الجيوب فارغة.كما قال لنا صاحب محل كبير بشارع ديدوش مراد مضيفا:"الاكتظاظ طوال اليوم لا يعني ارتفاع المبيعات فقد تقلصت لأقصى حد هذه الأيام بعد أن بلغت الذروة قبيل العيد".و بمحل جميل مجاور يعرض ملابس الأطفال و تشكيلة متنوعة من المآزر لم نجد إلا زبونة شابة واحدة رفقة ابنتها، فأسرت إلينا بأنها بصدد مقارنة الأسعار و النوعيات و لن تشتري لابنتيها المتمدرستين شيئا الآن ما لم تتلق راتبها أو يصل راتب زوجها فقد استنزف العيد ما تبقى من ميزانية نهشها على حد تعبيرها- رمضان و بمحل آخر التقينا بزبونتين وافقت احداهما و هي أم أنس على التحدث إلينا فقالت لنا بأنها مستبشرة بعرض مآزر بيضاء قصيرة بنصف كم تشبه السترات تناسب بناتها اللائي يدرسن في الطور الثانوي. فقد كن يضطررن لشراء مآزر طويلة بأكمام طويلة لا ترضي عشقهن للأناقة فتضطر لأخذها للخياطة...و شددت: "جديد هذا الدخول المدرسي الوشيك إرضاء أذواق طالبات الثانويات بمآزر كهذه... و غلاء أسعار كافة اللوازم و عدم مراعاة ظروف الأولياء الذين لديهم العديد من الأبناء المتمدرسين و عانوا كثيرا من مصاريف رمضان و العيد. لقد أرهقتنا الديون فمنحة التقاعد التي يتلقاها زوجي لا تكفي بعت بعض الحلي الذهبية و لم أستطع تسديدها و سأضطر للاستدانة مجددا أو بيع حلي أخرى من أجل شراء الأدوات لأبنائي الخمسة المتمدرسين.و قالت أم أخرى بأنها ستتكفل بخياطة مآزر لأبنائها الثلاثة و قد قصدت المحلات لترى آخر التصميمات في السوق لتقلدها. بينما قالت سيدة شابة ذات ملابس أنيقة بأنها لن تتسرع في شراء ملابس أو أدوات و لوازم أخرى لإبنيها التوأمين اللذين يدخلان المدرسة لأول مرة بل ستنتظر اليومين أو الثلاثة أيام التي تسبق هذا الدخول الاجتماعي الفاتر عندما يجلب التجار كميات كبيرة من البضائع و تطرح أمامها خيارات كثيرة مغرية.يحدث هذا في حين تضطر العديد من الأمهات المعوزات و حتى ذوات الدخل المتوسط أحيانا للتوجه إلى أسواق الشيفون بحي الدقسي و عين السمارة و الخروب لاقتناء مآزر و محافظ مستعملة بأسعار مقبولة لأبنائهن و أكدت لنا غنية بأن المآزر التي تشتريها لأبنائها من تاجر شيفون تعرفه بسوق الدقسي ذات نوعية أفضل بكثير من المحلية و الصينية التي تتمزق حسبها في أول أو ثاني غسيل فقماشها جيد ومتين و شكلها جذاب.