القبطان جوزيف بوشمال حقن الجزائريين بدواء يسبب العقم - * مستعد الآن لقتل الحركي الذي كان ممرضا معنا ثم خان الثورة سجل الشهادة ع.شابي - في شهادته عن بعض مراحل الثورة التحريرية في الناحية الثالثة من الولاية الثانية التاريخية و هي الشمال القسنطيني يتحدث المجاهد إبراهيم رأس العين عن تفاصيل لم ترد في الطبعة الثانية من كتابه بعنوان من مقعد الدراسة بتونس إلى ملحمة الثورة بالجزائر، منها قيام الجيش الفرنسي بحقن الجزائريين بدواء يسبب العقم و هي الأفعال التي جرت في منطقته بأوامر من القبطان جوزيف المسمى بوشمال. ابراهيم راس العين الذي كان مسؤولا عن المنطقة الأولى بالولاية الثانية و التي كانت تشمل ولاية ميلة من مدينة العلمة بسطيف و يحدها جنوبا خط السكة الحديدية حتى تلاغمة يؤكد ان العديد من التجاوزات وقعت في البدايات الأولى للثورة و كانت تصرفات بعض المجاهدين سببا في التحاق جزائريين كثيرين بصفوف الجيش الفرنسي ضمن قوات الحركى، لكن مقررات مؤتمر الصومام وضعت الكثير من القواعد في العمل الثوري و صارت القرارات تصدر وفق نظام موحد حتى أن المنطقة التي كان بها محدثنا فرضت ضريبة على مداخيل التجار و الفلاحين و تم جمعها بانتظام و برضى من الشعب، لكن قيادة الولاية الثانية منعت مواصلة تحصيلها و قالت أن أصحاب المبادرة الحسنة لم يأخذوا رأيها في فرض تلك الضريبة التي كانت زائدة عن مبالغ الاشتراكات. نفذ المجاهدون في الناحية الثالثة من الولاية الثانية 124 عملية فدائية استهدفت خونة و عسكريين فرنسيين كانوا يقومون بتعذيب الجزائريين، حسب ما يروي المسؤول بالناحية منهم الضابط جوزيف المعروف باسم بوشمال الذي تم القبض عليه حيا رفقة تسعة جنود فرنسيين في كمين بالقرب من مقر بلدية تسالة و كان هذا الضابط يقوم بحقن الشبان الجزائريين الذين يتم القبض عليهم من المنطقة و من أماكن مختلفة أخرى بإبر فيها دواء يسبب العقم و لا أحد يعرف حتى الآن عدد و هوية ضحايا الضابط الفرنسي جوزيف الذي طلبت زوجته بعد الاستقلال بسنوات معرفة مكان قبره، و يقول المجاهد راس العين انه أشرف على العملية و تم القبض على جوزيف حيا بعدما كان مقررا إطلاق النار عليه، و يرى أن ضحايا حقن العقم الذين مروا تحت يد الضابط جوزيف كثيرين و لا يبوحون بما تعرضوا له نظرا لحساسية الموضوع. كما تم القيام بعملية ضد الضابط "ليوتنان بوحالة" الذي كان في السجن الأحمر بفج مزالة و قد قتله شاب يسمى صالح جبير كان من أبناء المنطقة يعمل في العاصمة و أراد الالتحاق بالثورة فطلبت منه تنفيذ عملية قتل بوحالة و تم ترصده إلى حين دخوله عند حلاق و لما نزع خوذته على كرسي الحلاق أطلق عليه الفدائي جبير النار و ركب دراجة نارية و خرج من المدينة قبل محاصرتها. عن حالات الخيانة التي كانت تعقبها عادة تصفيات جسدية للخونة يقول المجاهد أنها حدثت في منطقته و كان شاهدا على حالة مسؤول بدوار المغلسة بنواحي شلغوم العيد يرتبط مع قادة الجيش الفرنسي في ثكنة تلاغمة و قد سلم للمجاهدين رسالة من العسكري الفرنسي إلى نظيره في شلغوم العيد بها أسماء للمتعاونين مع فرنسا من مسؤولي المشاتي و عليها اسم مسؤول عنه، لكن الأمر لم يكن سوى وشاية من متنافسين على مسؤولية الدوار و جرى تحقيق في مقر قيادة الناحية بأولاد عسكر بولاية جيجل الحالية و لما تبين أن صاحب الرسالة هو المتورط مع فرنسا "صدر ضده حكم بالإعدام و حين كان جنديان في جيش التحرير يقومان بحفر قبره بلغته المعلومات و فر في الليلة ذاتها التي كان سيعدم فيها وسط الغابة و الأحراش و اطلقت عليه النار لكنه نجا" يقول ابراهيم رأس العين الذي تأسف لهروب خائن آخر من وجهه رآه صدفة في مقهى بالقرب من سوق العصر. يقول صاحب الشهادة "لما تم أسري بعد تبادل لإطلاق النار في كازمة قرب فرجيوة تم نقلي مصابا بجروح و لا زالت الشظايا في كتفي الأيمن إلى الحبس لحمر بمدينة فرجيوة و عندما أفقت وجدت الخائن حداد الذي كان ممرضا معنا في الجبال عند رأسي، في سنة 1968 كنت مارا بالقرب من سوق العصر رفقة أخي و كان رجل يجلس في باب المقهى واضعا رجلا على أخرى و عندما تجاوزنا المكان قال أخي ألم تعرف من كان بباب المقهى إنه فلان فعدت إليه و لكنه كان قد غادر، لو وجدته لقتلته، و لو صادفته الآن لقتلته أنت لا تعرف ما فعل الخونة بنا و بأبناء الشعب، كانوا يجمعون السكان في الأرياف و يعتدون على نسائهم و بناتهم أمام أنظارهم" و قال أن الشعب انتقم من الحركى مباشرة بعد وقف إطلاق النار و قام بقتل الكثيرين من الخونة و الحركى و قد غادر من بقي منهم لأنهم يعرفون مصيرهم . المعمر موريس فور كان يتستر على نشاطات الثوار و قال بعد تأميم أراضيه خذوا سترتي أيضا ينقل المجاهد رأس العين ما كان من موقف المعمر موريس فور من المجاهدين و قد كتب اليه بنفسه رسالة نقلها القايد مزهود و الذي كان متعاونا مع الثورة و كان الناس في منطقة فرجيوة يؤمنون أن المعمر فور مساند للثورة لأنه كان يعلم بعمليات نقل المؤونة من جهة لأخرى لصالح الثوار و لم يبلغ عنها للجيش الفرنسي و قد نصح أحد الثوار بالاختفاء لأن المعمر لوشار يريد رأسه و في الرسالة طلب منه رأس العين التعاون مع الثورة و أن يكون له ما للجزائريين و لكنه بعد رسالة ثانية حملها نفس القايد و عاد بالجواب مشفوعا بورقة عليها ختم البلدية التي كان يشرف عليها فور قال انه يعتبر المجاهدين قتلة و سفاكي دماء و لا يستطيع التعاون معهم. بعد الاستقلال التقى المجاهد رأس العين بفور ذاته في مكتب كاتب الحاكم و هو نور الدين بن مهيدي ابن عم الشهيد الرمز العربي بن مهيدي و كان مناصرا للثورة و ينقل مراسلاتها مع القيادة في تونس مستفيدا من صفته كاتبا للحاكم و حين أبلغ بن مهيدي فور بقرار تأميم أراضيه الفلاحية الشاسعة التي كان يستغلها نهض و نزع سترته وقال "زيدو خذوا هذه". بفضل تعاون نور الدين بن مهيدي أرسلت قيادة الناحية تقريرا إلى الحكومة المؤقتة حول الجرائم التي كان يرتكبها الجيش الفرنسي في منطقة الزوابق غرب فرجيوة بإلقاء الجزائريين أحياء في واد سحيق بين حافتي جرف صخري، فقد جاء جنديان من جيش التحرير إلى مقر قيادة الناحية في الشيقارة أين كان ابراهيم رأس العين و معهما شاب بين الحياة و الموت مصاب بجروح في مختلف أنحاء جسمه و ثيابه ممزقة كان الجيش الفرنسي قد رمى به في الواد و لكنه تشبث بنبتة على حافة الواد طوال الليل كي لا يسقط إلى القعر و في الصباح سمع السكان انينا و قاموا بإخراجه من الجرف الصخري. وبعد عرض التقرير في إذاعة صوت العرب صارت فرنسا تكبل الجزائريين الذين ترميهم إلى هلاك محتوم في الزوابق. يروي المتحدث كيف أن امرأة مجاهدة حقيقية وشت بزوجها الوقاف لدى أحد المعمرين و أبلغت جيش التحرير عن نشاطاته و تم تنفيذ الحكم عليه و لكنها بقيت مجاهدة صامتة و لا حتى أبناؤها يعلمون أنها من كانت السبب في مقتل والدهم. يقر المجاهد راس العين أن الفارين من الجيش الفرنسي كانوا سندا كبيرا للثورة، و قد هرب من ثكنة تلاغمة في أفريل 1956 عشرات الجزائريين و معهم أسلحة و قد سقط عدد منهم في ساحات القتال و منهم محمد النمر و "السارجان" الدراجي يقول المتحدث ان قيادات الولاية الثانية التاريخية كانوا ملتزمين بالشرعية و يناصرون الحكومة المؤقتة في مواجهة جيش الحدود خلال أزمة صائفة 1962 و لكنه لم يجد تفسيرا لموقف قائده العربي برجم الذي انحاز إلى صف جيش الحدود مع قادة آخرين من الولاية الثانية، بينما بقي صالح بوبنيدر في إطار الشرعية. بالنسبة للمجاهد رأس العين فقد كان الشعب ملتفا حول الثورة و نظامها لأنها حققت له العدل بينما كان يعاني من جور الاستعمار و يقول أن مبالغ الاشتراكات التي كانت تفرض على السكان تتناسب مع مداخيلهم و قد تم إعفاء الفقراء منها و هو ما أكسب المجاهدين صفة النزهاء و العادلين و قد كانت قرارات القضاء في الجبال تنفذ بالإجماع و لم يصدر حكم بالإعدام خارج الإجماع، خاصة بعد مؤتمر الصومام الذي وضع أسسا للثورة و نظاما لحرب التحرير الوطنية.