تراجع الأسعار وانخفاض الطلب في أوروبا يهدد مشاريع الغاز * حقول النفط والغاز المستغلة حاليا لن تكفي حاجيات الجزائريين حذر خبراء من تداعيات انخفاض أسعار الغاز إلى حدود 10 دولارات بالنسبة لصناعة الغاز في الجزائر، ودعوا إلى توجيه الجهود نحو اتجاهين استراتيجيين يتمثلان في حماية الحصص الجزائرية في السوق في أوروبا و توجيه صادرات الغاز الطبيعي المميع نحو السوق الآسيوية. و حسب الخبير النفطي أين لاوسين فإن هذه المهمة "لن تكون سهلة بالنسبة للجزائر" فيما يخص حماية أسواقها في أوروبا لأن الطلب على الغاز في القارة العجوز يشهد تراجعا منذ 2008 بحوالي 12 بالمائة سنويا. ناقش المشاركون في اليوم الأخير من أشغال الاجتماع الرابع للجمعية الجزائرية لصناعة الغاز، مستقبل صناعة الغاز في ظل المؤشرات الحالية، وناقشوا ملف الغاز الصخري والاحتياطات التي تتوفر عليها الجزائر، كما تم التطرق إلى الآثار البيئية المترتبة عن عمليات استغلال هذه الطاقة، في ظل وجود توجه نحو استغلال هذه الطاقة خلال العقود القادمة، وتم استعراض التجارب الدولية في هذا المجال، وخاصة التجربة الأمريكية، والتي سمحت للولايات المتحدة من التحول من دول مستوردة للغاز إلى دولة مكتفية ذاتيا بل مقبلة على التصدير. وتتضارب أراء الخبراء بشان الآثار البيئية المترتبة عن استغلال الغاز الصخري، وأكد مشاركون على ضرورة إجراء تقييم للأضرار المحتملة على البيئة ودراسة كل الجوانب المتعلقة بها قبل الشروع في استغلال الغازات غير التقليدية، ويجزم الخبراء، بان اللجوء إلى استغلال الغاز الصخري أمر لا مفر منه بالنظر إلى تزايد الطلب الداخلي على الطاقة وتراجع إنتاج الحقول المستغلة حاليا، وبحسب مسؤول بوزارة الطاقة فان الاحتياطات الحالية للحقول التقليدية ستصبح غير كافية لتلبية احتياجات الجزائر. ما يحتم على الجزائر التوجه نحو استغلال المحروقات غير التقليدية (ومنها الغاز الصخري) من خلال الآبار الأفقية وأكد على الأهمية الاقتصادية لاستغلال المحروقات غير التقليدية، مشيرا بان هذا النمط من الموارد الطاقوية الاحفورية يمثل 10 إضعاف على الأقل الاحتياطات الموجودة حاليا. وبحسب الخبراء، فان تطور الطلب على الغاز على المدى الطويل غير معروف بسبب بعض المتغيرات التي تحدث في السوق وتجعل اتضاح الرؤية بالغ التعقيد، وفي هذا الصدد أوضح ديديي هولو الرئيس المدير العام للشركة الفرنسية "غاز دو فرانس سويز" أن الاتفاق الحاصل عالميا على ضرورة رفع حصة استهلاك الغاز لا يجد نفس القبول في بعض الدول الاسياوية، على غرار الصين التي تعد أول مستهلك في القارة تعمل بالفحم مما يزيد من الشكوك حول الطلب على الغاز في المنطقة التي تعد حاليا سوقا واعدة. وأضاف بان "عصر الغاز لن ينتهي بسبب نضوب الغاز و إنما سيحدث ربما لأسباب أخرى ينبغي أن نكون على وعي بها". و تابع يقول أن "شكوكا كبيرة تخيم على السوق الأوروبية" التي ينشط فيها مجمعه الذي يعد أهم زبون لسوناطراك في مجال الغاز. كما أكد بان تمديد عمر المحطات النووية و انخفاض أسعار الفحم المستورد من الولاياتالمتحدة تعد من بين الأسباب التي ستزيد من حدة تلك الشكوك. و أوضح أن "الغاز الأمريكي يدفع الفحم خارج الولاياتالمتحدة وذلك الفحم المستورد بأسعار منخفضة من قبل أوروبا لتشغيل المحطات الكهربائية يهدد المحطات التي تعمل بالغاز". من جانبه أكد وزير الطاقة الأسبق نور الدين ايت لاوسين أن الطلب على الغاز في القارة العجوز التي تعد السوق التقليدية للجزائر تعرف تراجعا منذ سنة 2008 حيث يسجل انخفاض بحوالي 12 بالمائة سنويا. و يعود ذلك التراجع حسب رايه إلى انخفاض أسعار الفحم المستورد من الولاياتالمتحدة و التطور الكبير للطاقات المتجددة التي تحضي بدعم واسع. وحذر نور الدين آيت لاوسين من أن تحديد سعر دائم للغاز في مستويات متدنية "قد يضر بشكل كبير" بالمشاريع الجزائرية الكبرى في مجال التصدير. و صرح آيت لاوسين أن "تحليلا لأساسيات السوق يظهر أن تحديد مستوى لأسعار الغاز يقل عن 10 دولار على مستوى أهم الأسواق المستوردة في أوروبا أو عن 12 دولار في آسيا قد يضر بشكل كبير بالمشاريع الكبرى للجزائر في مجال التصدير". و أشار الخبير إلى أنه عكس السوق البترولية الموحدة فإن أسواق الغاز تعد إقليمية حيث يتم التفاوض حول الأسعار بشكل مختلف في آسيا و أوروبا و أمريكا الشمالية. و يعد نقص التوافق بين هذه الأسواق سببا لتباين الأسعار التي يمكن أن تصل إلى 18 دولار لكل مليون وحدة حرارية في آسيا و أن تنخفض إلى ما دون 10 دولارات في أوروبا و 4 دولارات في أمريكا الشمالية. و يكمن الحل لهذا التباين الذي يكون في صالح المنتجين و المستهلكين في التوجه نحو عولمة السوق الدولية للغاز. و حسب آيت لاوسين تبقى هذه العولمة ممكنة بعد فترة انتقال طويلة نحو صيغة الأسعار الهجينة المتضمنة لنمط الأسعار القصيرة و الطويلة المدى و نمط الأسعار الآنية. و أكد أن "عولمة محتملة لسوق الغاز قد تفضي إلى توافق أكبر حول الأسعار على مستوى الأسواق الإقليمية". و أكد الخبير أن هذه العولمة لا تعني "توحيد الأسعار مئة بالمائة و لا انهيار الأسعار الإقليمية حاليا". و يتوجب على الجزائر في حال غلق السوق الغازية الأمريكية توجيه جهودها نحو اتجاهين استراتيجيين يتمثلان في حماية حصصها في السوق في أوروبا و توجيه صادراتها من الغاز الطبيعي المميع نحو السوق الآسيوية. و حسب الخبير فإن هذه المهمة "لن تكون سهلة بالنسبة للجزائر" فيما يخص حماية أسواقها في أوروبا لأن الطلب على الغاز في القارة العجوز يشهد تراجعا منذ 2008 بحوالي 12 بالمائة سنويا. ويعود هذا التراجع إلى انخفاض سعر الفحم المستورد من الولاياتالمتحدة و التطوير الكبير للطاقات المتجددة المدعمة.