طالبات أم عارضات أزياء بالحرم الجامعي أصبحت أروقة الجامعة المركزية بقسنطينة عنوانا لصيحات الموضة التي تروج لها الأسواق الجزائرية بمختلف مصادرها و ماركاتها، حيث يفاجأ زوارها من خارج الجامعة بصرعات غريبة وطرق لباس وصفها البعض بالمستفزة و المبتذلة أحيانا أو ببساطة غير المناسبة للحرم الجامعي، لأنها لا توحي بأن من يرتدينها طالبات يقصدن المدرجات الجامعية من أجل طلب العلم، بل عارضات لشتى أنواع الأزياء الغريبة و ملابس السهرات و النوادي الليلية في بعض الأحيان، بينما يغلب مظهر الحجاب أو غطاء الرأس " المزيف" كما يدعوه الشباب بتهكم على المظهر العام للفتيات في مختلف بنايات الجامعة بكل تخصصاتها، و الذي لا يخلو هو الآخر من الغرابة و تفتخر بعضهن بإنفاق حوالي 15000 دينار جزائري على مظهرهن. اختلفت آراء الفتيات و الشبان حول أسلوب اللباس لدى البنات الجامعيات عموما، فبينما ترى الطالبات بأنه من الضروري أن يظهرن بكامل أناقتهن و يتبعن آخر صيحات الموضة من تصاميم و ألوان جديدة، يصف الشبان لباس الكثير منهن ب"الكارثي" من حيث درجة العري و إبراز مفاتن أجسادهن و أيضا من حيث المبالغة في البهرجة بالألبسة البراقة ذات الألوان الصاخبة و الماكياج الثقيل الصارخ و تسريحات الشعر الغريبة و القصات المستوردة من الغرب. "الفتيات أكثر المعنيات بموضوع الأناقة لما تقترحه الأسواق عليهن من خيارات و أنواع كثيرة من الألبسة و الإكسسوارات التي لا تقاوم"، كما قالت لنا سماح ( طالبة بالسنة الثالثة في كلية الآداب و اللغات) مؤكدة بأنها تشتهي كبقية الفتيات مواكبة الموضة و لكن كطالبة جامعية الأولوية ليست مظهرها بل دراستها و شرحت وجهة نظرها قائلة: " بالتأكيد أناقة الفتاة أمر مهم داخل و خارج الجامعة و لكنها ليست أهم ما في حياة الطالبة التي يجب ألا يكون هدفها الأساسي أثناء تواجدها في الجامعة هو التباهي بمظهرها على حساب دراستها". و أضافت بأنها لا تحب أن تثقل كاهل والديها كثيرا بشراء الملابس الغالية التي تباع في الأسواق حيث تحاول أن تعتمد على جزء من منحتها الدراسية التي تخصصها عادة للعناية بأسنانها و ضبط جهاز تقويم الأسنان من حين لآخر.و أشارت من جهة أخرى بأنها لا تبالي أبدا بوجود فتيات بالغات الأناقة في صفها، يواكبن باستمرار أحدث صيحات الموضة و يقتنين أغلى الملابس لأن لكل منهن إمكانياتها و نمط حياتها و الأهم لديها هو أن تكون في مظهر مقبول يدل على أنها طالبة. أما زميلتها بسمة فالأناقة بالنسبة لها أمر في غاية الأهمية، حيث تدخر لها كل ما يقع في يدها من مال و لأن إمكانياتها المادية لا تسمح لها بشراء كل ما تريده لجأت للعمل في نهاية الأسبوع في قاعة للعلاج مع شقيقتها لتكسب مصروفا اضافيا تخصصه بالكامل لشراء الملابس التي تختارها بعناية لتوفر لها مظهرا جميلا و محترما يتماشي مع وضعها كطالبة تجمع في مظهرها بين الأناقة و الجانب العملي، و لأن شراء كسوة كاملة مرة واحدة يعد مكلفا جدا بالنسبة لها تقوم بانتقاء ملابسها و إكسسوارتها كل على حدة بما يتماشي مع ما لديها أصلا من قبل، و تصرف في كل مرة كما قالت لنا ما لا يقل عن 5000 دينار كل أسبوعين أو ثلاثة للحصول على قطعة أو قطعتين. فبينما تلجأ بعض الفتيات للعمل من أجل الأناقة و المظهر الجميل، تعتبر أخريات أن هذا حق لا نقاش فيه على أهلهم ضمانه لهن لأنهن في الجامعة و لهن مكانة مميزة كفتيات راشدات لا يفصلهن عن الحياة العملية إلا خطوات قليلة. ارتديت الحجاب لكن هذا لا يعني أني سأتخلى عن أناقتي كما قالت الطالبة ميساء التي تنتظر بفارغ الصبر حصولها على ليسانس في اللغة الفرنسية، قائلة أن أناقتها أمر في غاية الأهمية:" ارتديت الحجاب منذ سنة ،لكن هذا لا يعني أني سأتخلى عن أناقتي التي عرفني بها أصدقائي و زملائي".مشيرة بأنها تصرف على مظهرها أكثر من 10000 دينار جزائري تقريبا كل شهر، تحصل عليها من والديها اللذين يتفهمان بأن فتاة جامعية مثلها يجب أن تكون أنيقة و جميلة، بشرط أن ترتدي ملابس عادية تتناسب مع عمرها و وضعها كطالبة. و إنتقدت من جهة أخرى أسلوب لباس بعض الفتيات اللائي يلفتن الانتباه بغرابة ما يرتدينه في الجامعة كالكعب المسماري العالي جدا و الألبسة البراقة المرصعة بالأحجار و المعادن الحادة و غيرها. و هو ما أكدته زميلتها صفية التي استغربت أيضا أسلوب بعض الفتيات في اللباس داخل الحرم الجامعي مستهجنة تسريحاتهن المبالغ فيها و مكياجهن الصارخ، مؤكدة من جهتها أنها تحاول ببساطة أن تحافظ على مظهرها الجميل و المتناسق دون مبالغة في الأناقة و إتباع الموضة و لأنها كطالبة تفضل الألبسة المريحة أكثر من الجذابة، فهي لا تسعى لشراء كل ما يطرح من جديد في السوق بل تشري بعض الأشياء ة التي تعجبها من حين لآخر بالإضافة إلى كسوة كاملة تصل كلفتها 15000 دينار في كل فصل. أما الصديقات رميساء و وسام و منى ( طالبات في السنة الأولى شعبة بيولوجيا )، فهن من مشجعات الموضة و الأناقة الدائمة دون لفت الانتباه باللباس المغري أو الغريب، حيث انتقدت رميساء مظهر بعض الفتيات اللائي لا يفرقن بين الألبسة العملية التي من المفروض أن ترتديها أي طالبة جامعية أثناء تواجدها في مقاعد الدراسة و بين اللباس المخصص للسهرات أو النزهات، لأن الأناقة حسبها لا تعني الغرابة و العري اللذين لا يتوافقان مع مفهوم الطالبة الجامعية، و ترى منى أن الفتاة التي وصلت في تعليمها للمرحلة الجامعية من حقها أن تبرز شخصيتها المستقلة من خلال مظهرها و أن تكون في قمة جمالها و رونقها: " إذا كان بإمكان فتاة ما أن تواكب الموضة باستمرار و تشتري أغلى الملابس و الإكسسوارات فلما لا، فالله جميل يحب الجمال، و لكن طبعا هناك أناقة خاصة بالجامعة و يجب عدم الخلط في هذا الأمر كما تفعل الكثيرات "، أما وسام فترى أن مظهرها دليل على شخصيتها و يجب أن تعكس ملابسها و تسريحة شعرها كونها طالبة تغادر البيت من أجل التوجه للجامعة بكل احترام، منتقدة سلوك بعض الفتيات اللائي يشوهن هذه الصورة الجميلة لأجمل مراحل العمر و هي الدراسة الجامعية بتصرفاتهم المخلة كقيامهم بتغيير ملابسهن التي خرجن بها من البيت في مراحيض الجامعة من أجل ارتداء ملابس أخرى أكثر صخبا و عريا، خاصة بالنسبة لبعض المحجبات اللائي يسئن للحجاب بارتدائهن لألبسة قصيرة و ضيقة أو بخلعهن للخمار عند دخول الجامعة مباشرة. و للشباب أيضا رأي في مظهر الجامعيات، فهم أكثر المعلقين على ألبسة الفتيات الغريبة و على مظهرهن الذي لا يتوافق حسب بعضهم مع الجامعة، كما قال منذر طالب في السنة الثالثة في كلية الآداب و اللغات، مشيرا إلى أن الكثير من الفتيات في الجامعة يتعمدن جذب الانتباه لدى مرورهن بحركات و و إيماءات تعطي في الكثير من الأحيان انطباعات سلبية بعيدة عن الإعجاب، خاصة اللائي يقلدن بعض المغنيات الغربيات في مظهرهن الذي لا يتماشى مع طبيعة مجتمعنا.و أضاف بأنهم كشباب وصلوا لدرجة أنه لا شيء أصبح يثير دهشتهم بعد أن اعتادوا على الغرابة في الملابس و الماكياج و التسريحات و خاصة على العري الذي بدأ مبكرا في فصل الشتاء مع التنانير(الجيبات) القصيرة جدا التي ترتديها بعض الفتيات خاصة في عمارة الآداب و كلية اللغات على وجه التحديد التي يبدو فيها تقليد الغرب صارخا جدا، فلا يمكن المرور أمامهن حسبه دون التعليق عليهن و كأنهن يبحثن كما قال عن الإثارة و استقطاب نظرات الجميع بأي شكل حتى من قبل البنات الأخريات. الكعب المسماري العالي جدا و الألبسة البراقة و الماكياج الصارخ كما يرى سيد علي أن حجاب الجامعيات على العموم لا يعتبر حجابا حقيقيا بل نوع من أنواع الموضة هو الآخر، لأنه لا يحترم شروط و قواعد الحجاب ماعدا غطاء الرأس أو الخمار ، خاصة بعد أن أدخلت عليه بعضهن إضافات ملفتة كالتنانير القصيرة و السراويل الضيقة التي تلفت الانتباه إليهن أكثر من الفتيات غير المحجبات، و أضاف بأن مظهر الفتاة كمظهر الشاب هو أول مفتاح يبين شخصيتها و لكن الصورة المستفزة التي تبدو فيها بعض الطالبات تشكك في الهدف من تواجدهن في الجامعة لأنها لا تدل على الرغبة في الدراسة بل على أشياء أخرى. و وصف صديقه خليل الوضع ب"الكارثي" قائلا أن الكثير من الفتيات في الجامعة لا يوحي مظهرهن بأنهن طالبات خاصة استعمالهن للماكياج المبالغ فيه و الألبسة الفاضحة التي تبرز كل مفاتن أجسادهن بشكل مبتذل يسيء لصورة الفتيات عموما.