المغربية حليمة حمدان تسرد معاناة مغربيات مستعبدات على ركح قسنطينة بلغة سهلة و احترافية سيدة ركح، نقلت الروائية المغربية حليمة حمدان سهرة أمس الأول جمهور المسرح الجهوي بقسنطينة إلى عالم بعبق ألف ليلة و ليلة بعرض استنبطته من روايتها"دعوني أتكلّم"الشبيهة بمنبر اعتراف لا تقيّده الأزمنة لنساء مستعبدات و جواري المغرب. "دعوني أتكلّم" قصة مفعمة بشهادات جريئة و بورتريهات نساء جوار تمعنت "الدادة" جوهرة في تعليمهن كيفية مواجهة حياة سوداء بلون بشرتهن بكل تفاؤل و ثقة من أجل الاستمرار، في بيت تقاطعت فيه أقدار الكثير من النساء الزنجيات ممن تعتبرن أنفسهن قليلات حظ في الدنيا. و لم يخلو عرض حليمة حمدان كما في الرواية من جرأة الوصف و التعبير الصريح و بأسلوب تغمره الشفافية عن قصص حب و علاقات محرّمة أعادت سحر رائعة ألف ليلة و ليلة إلى أذهان الحضور الغفير الذي استمتع لحوالي ساعة و نصف بقصة ليست ككل القصص لما حملته من إسقاطات عن ظاهرة استعباد النساء بين الأمس و اليوم حتى و إن قطعن البحور و اخترن الهجرة و حياة الغربة بالقارة الأوروبية هروبا من الذهنيات المتحجرّة و رغبة في بلحرية، مثلما حدث مع شريفة التي فرحت بمنصب عملها كأستاذة لغة عربية بفرنسا و بنت عليه آمالا و أحلاما كثيرة لها و لبناتها، لتصطدم حال وصولها باستمرار اللامساواة و تواجه تأثيرات الإسلاميين هناك على أفراد عائلتها و تفقد السيطرة كليا على إحدى بناتها التي تفاجئها ذات يوم بارتداء النقاب. و اختارت حليمة حمدان سرد حكايات و تجارب نسائها المقهورات على لسان ياسمينة الأكثر حظا من مقيمات القصر التي اختارها مهدي الثري لتكون زوجة ثانية له رغم معارضة أهله و يضمن لها و لإبنه كل الحقوق في حال رحيله عن الدنيا، لكن ياسمينة التي تساءلت في البداية عن سر اختيار أسماء الأزهار للجواري مثلها، و كيف كانت تشتاق لسماع الآخرين ينادونها باسمها الحقيقي الذي كادت تنساه لولا تكريم مهدي لها بمناداتها باسمها "إيتو" و هو ينقلها إلى بيته الجديد الذي عرفت فيه مغامرات عشقها الممنوع قبل أن يقيّد مهدي زواجهما الذي لم يستمر طويلا لأنها طلبت الطلاق حفاظا على كرامتها بعد إعلانه الزواج من ثالثة، عملا بما تعلمته من "دادة" جوهرة التي نصحتها منذ اليوم الأول بضرورة إبقاء رأسها مرفوعا و عدم الانحناء لأحد مهما كانت الظروف. و تخلّل العرض السردي الوصف الدقيق لمراسيم جنازة الدادة جوهرة التي تركت لها وصية قبل وفاتها بأن تقام لها جنازة كمن يزّف في عرس زواج بهيج ليس به دموع، بل فرح و مرح و موسيقى أندلسية بقصائد طالما أحبتها و استمتعت بسماعها. و عرفت الروائية المغربية المقيمة بفرنسا حليمة حمدان بنقلها لمعاناة بنات جنسها في عدة روايات، اعتبر بعض النقاد أنها تنطلق عموما من حكايتها و معاناتها الحقيقية لأنها كانت ضحية زواج مبكر و هي لم تتجاوز سن السابع عشرة قبل أن تطلق و تتحمل مسؤولية نفسها كامرأة مصرّة على مواجهة الآخر و قول كلمتها دون خوف أو تردّد، مثلما فعلت بطلة قصتها "دعوني أتكلّم" دادة إيتو كما في قصيدة غنائية بأصوات متعددة منسوجة بعبق ألف ليلة و ليلة. و كما في السهرات الماضية للمهرجان الدولي للحكاية غمر الصمت أمسية السرد السادسة التي تجاوب فيها الجمهور بما فيهم الأطفال مع حركات و غناء الروائية و الحكواتية حليمة حمدان في ثاني عرض لها على ركح المسرح الجهوي، لكن هذه المرة كان إلقاءها بلغة موليير التي تخللتها اللهجة المغربية و بشكل خاص في المقاطع الغنائية و الأشعار التي كانت تلقيها بين الفينة و الأخرى.