"الكسوف" تجربة رائعة يجب أن تتكرر من أكثر الأسماء الفاعلة في الساحة الثقافية و المسرحية في العشريتين الأخيرتين المسرحي مسعود جنبة أو "مسعود الجان"، كما هو معروف فنيا، فهو يعد الأب الروحي لمهرجان المسرح الهاوي الذي دأب على تنظيمه و انجاحه لعدة سنوات كما اشتهر كممثل و مخرج لمسرحية "الضاوية" التي نالت في الثمانينات الكثير من التقدير و اعتبرت محطة كبيرة في الحركية المسرحية الحديثة بمدينة العلمة. عن أعماله المسايرة للمشهد المسرحي و مشاركته في مسلسل "الكسوف" و تجربته الجديدة مع المسارح الجهوية،تحدث المسرحي مسعود جنبة لجريدة "النصر"في هذا اللقاء. النصر : قضيت أكثر من نصف عمرك داخل مسرح العلمة قبل أن يصبح مسرحا جهويا وعشت الكثير من المراحل و الأحداث التي تعاقبت على ركحه حدثنا عن عمق هذه العلاقة؟ مسعود جنبة: ولدت في "الباطوار"وهو أقرب أحياء العلمة إلى مسرحها وبين أن اختار الكثير من الأماكن و الألعاب التي كانت معروفة في تلك الفترة بين أترابي، فضلت أقرب مكان للمسرح و قد استهواني شكله الخارجي الضخم وكنت جد متلهف لدخوله، رغم تحذيرات الكبار الذين كانوا يقولون لنا بأن فرنسا كانت تعذب المجاهدين بداخله و قتلت الكثيرين منهم هناك . غير أنني تجاهلت ذلك و عندما أتيحت لي أول فرصة لدخوله لم أتردد. كان مخيفا بأروقته و زواياه الكثيرة المظلمة نظرا لحالة الاهمال و التسيب التي كان عليها. و في نهاية السبعينات و نهاية الثمانينات بدأت الحركة تدب داخله بعد أن تم ترميمه نسبيا و بدأ يشهد حضور أكبر الفرق المسرحية خاصة لمسرح قسنطينة الذي عرض كل أعماله السابقة فيه إلى جانب أعمال مسرحية أخرى ناجحة لفرق عديدة مرت كلها على مسرح العلمة. ماذا كانت تعني بالنسبة لك كل تلك المسرحيات و ما مدى تأثيرها عليك في بداية المشوار؟ لا أخفي أنني كنت مهوسا بكل الأدوار و كنت بعد كل مسرحية أخرج لأحاول أن أتقمصها متخيلا نفسي فوق الخشبة في مسرح ممتلئ عن آخره يصفق لي الحضور كما يحدث مع الكثير من المسرحيين الكبار الذين مروا على ركح مسرح العلمة. حتى أنني أصبحت أعيد خلال حياتي اليومية تلك الأدوار. كما كنت أحاول التقرب من الممثلين لمعرفة المزيد و لكسب ثقافة مسرحية تمكنني من الانطلاق في مشروعي و حلمي الوحيد الذي لم يكتمل بعد رغم طول مساري الفني. بعد مخاض كبير و تجارب كثيرة أسست فرقة مسرحية ثم جمعية مهتمة بشؤون المسرح فمهرجان لمسرح الهواة جعل مدينة العلمة قبلة للمسرحيين في كل موسم بالعودة لكل هذه المراحل ماذا حقق مسعود جنبة للمسرح و لنفسه ؟ (يبتسم) لنفسي... لم أحقق شيئا. كل من يعرفني يشهد بأنني لم أتغير على كل المستويات لأنني لم أستفد من شيء مادي معين مهما كان حجمه .. كنت أقوم بكل هذا من أجل اعادة الاعتبار للحركة المسرحية بالمدينة لا لشيء آخر. و قد تمكنت من تأسيس الفرقة الوحيدة الناشطة و الممارسة للمسرح بمدينة العلمة على مدار أيام السنة و قد تألقت لأكثر من عشريتين إلا أن أغلق المسرح إلى جانب بروز ظروف أخرى حالت دون استمرارها مثلها مثل مهرجان مسرح الهواة الذي كان قبلة سنوية حقيقية للهواة. مدينة العلمة أصبحت تتوفر الآن على مسرح جهوي وهو ما قد يفتح لك و لأمثالك من المسرحيين بالمنطقة أبواب الاحتراف وتأكيد النضج الفني و كسب المزيد من المعرفة و الثقافة المسرحية بالاحتكاك بالمحترفين في ذات المجال؟ نعم و قد كانت لمشاركتي في مسرحية " راية مشينت" و التي شاركنا بها في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة صدى أكثر من ايجابي بعد نجاحي في أداء أحد الأدوار الرئيسية و الآن أشارك في عمل آخر بعد نجاحي في عملية الكاستينغ و اختياري من طرف المخرج حماني للعمل في المسرحية الجديدة للمسرح الجهوي للعلمة " رحلة قطار" لتوفيق الحكيم وبعد التجربتين الأخيرتين أصبحت أتعامل مع كل الأشياء باحترافية أكبر وأعتقد أنها ستكون أكثر من مفيدة و على أكثر من صعيد لدعم خبرتي في هذا المجال. شاركت مرة واحد في المسلسل التلفزيوني "الكسوف" للمحطة الجهوية بقسنطينة لماذا لم تتكرر هذه التجربة ؟ اعترف أنها كانت تجربة جد رائعة بالنسبة إلي لعدة اعتبارات أهمها الظهور للجمهور الواسع و اكتساب مساحة انتشار أكبر بالإضافة لخصوصية الأعمال التلفزيونية خاصة على مستوى الإخراج. كما اعترف من جهة أخرى بأن التجربة لم تتكرر لأنني لم أحاول أبدا أن أبحث عن فرصة أخرى.كنت أنتظر لكنها لم تأت لأن أكثر عمليات الكاستينغ الخاصة بالمسلسلات تتم دائما على مستوى عال من السرية لأسباب يعرفها العام و الخاص من المنتسبين للساحة الفنية و من يدري فقد تكون هناك فرص أخرى مستقبلا . كلمة ختام؟ العائلة المسرحية الجزائرية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالوقوف ضد الرداءة التي اكتسحت المسرح و التي دفعت الجمهور للذهاب لكل الأماكن إلا إلى المسرح. علينا أن نعمل و نبذل بكل ما نملك من طاقة من أجل اعادة الاعتبار للفن و للفرجة و اعادة بناء مسرح وطني له سماته و دلالاته، و لا تفوتني الفرصة هنا لأجدد سعادتي باكتساب مسرح العلمة صفة المسرح الجهوي. وهو ما أعتبره من أكبر و أكثر الأحداث تأثيرا في مسيرتي المسرحية التي لن تكتمل إلا بمشاهدتي لأول عمل مسرحي يقدم فوق خشبته.