تقدم النصر في هذا العدد من كراس الثقافة نظرتين عن "ألبير كامي" بمناسبة صدور كتابين جديدين عنه في فرنسا الأول بعنوان "كامي الحارق" ألفه كل من المؤرخ بن جامين سطورا والمخرج بابتيست بيريتيي والثاني بعنوان "ألبير كامي، أثر الصمت" وهو كتاب مثير وفريد من نوعه ألفه الطبيب المختص في أمراض الصم جين داغرون ويرصد فيه أثر معاشرة كامي للصم على مؤلفاته التي تحفل بالصمت وبلغة الإشارة، ثقافة الصمت هذه لا تنعكس على لغة وبناء أعمال كاتب "الغريب" بل حتى على مواقفه أيضا. أما كتاب ستورا فهو على نحو ما كتاب "انتقامي" كتبه كرد فعل على حرمانه من الاشراف على معرض كبير حول كامي في اكس اين بروفونس، كان هو صاحب فكرة تنظيمه وفي حوار حول الكتاب يقول سطورا أن كامي كان يمكن أن يتبنى فكرة استقلال الجزائر لو بقي حيا كما كان يمكن أن يساند منظمة الجيش السري التي رفعت السلاح في وجه الاستقلال ذاته. كما تقدم النصر نظرة انجلوساكسونية عن الكاتب الممزق بين الضفتين من خلال ملف أعدته مجلة "سميثسونيان" الأمريكية بعنوان: لماذا بقي كامي غريبا في بلده. "كراس الثقافة" يترجم في هذا العدد حوارين للكاتبين، حوار سطورا المنشور هذا الاسبوع بمجلة "جون أفريك" وحوار الطبيب جون داغرون مع وكالة الأنباء الفرنسية وملخصا لتحقيق المجلة الأمريكية. المؤرخ بن جامين سطورا لو بقي كامي حيا لتبنى مسار استقلال الجزائر أو انحاز لمنظمة الجيش السري الحنين إلى الجزائر الفرنسية لازال قويا في المشهد الفرنسي الثقافي و السياسي بعد منعه من المشاركة في المعرض المخصص لألبير كامي في "ايكس أون بروفانس" يعود المؤرخ بن جامين سطورا في حوار لمجلة جون افريك نشرته على موقعها الإلكتروني يوم 26 سبتمبر 2013 إلى الجدل المثار حول الموضوع و يقول أن الخلاف التاريخي لا يزال حيا تحت السطح. برمج معرض كبير حول ألبير كامي بناء على فكرة المؤرخ بن جامين سطورا و جان بابتيست بيريتيي صاحب الأفلام الوثائقية في نوفمبر 2013 في مدينة "ايكس أون بروفانس" جنوبفرنسا، بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد صاحب جائزة نوبل للآداب. لكن في بدايات صيف 2012 تم التخلص من المؤلفين دون توضيح الأسباب ،ربما لأن المؤرخ سطورا يراه بعض الذين يحنون للكولونيالية مقربا من الجزائريين، و يتحدث سطورا و بيريتيي في كتيب صغير، مثير بعنوان "كامي الحارق" عن الظروف و الخلفية السياسية و التاريخية لهذه القضية. لماذا يثير كامي الذي نعتقده رجل اجماع كل هذه الردود الحساسة على ضفتي المتوسط؟ قبل فترة ألغيت "قافلة ألبير كامي" من التجوال في الجزائر بمناسبة خمسين سنة على رحيله. البعض من منطلق الواقع يجدون مصلحة في منع الاحتفاء الصافي بالرجل مؤلف الغريب، من يكونون، لدى سطورا فكرة عنهم... لماذا تقدمون هذا الكتاب الآن، بعد عام على إلغاء معرض كامي مثلما كان مبرمجا؟ ببساطة لأنه في خضم المؤلفات الصادرة بمناسبة مئوية ميلاده، رأيت من الضرورة أن يوجد كتاب يتحدث عن كامي اليوم. يتناول الخصومات، الجدل، و النار الإيديولوجية و السياسية حول شخصيته، بعيدة كثيرا من صورة الشخصية الوفاقية التي نرسمها على العموم. هل تعلم لماذا تم إلغاء المعرض الكبير عن كامي؟ كان يحرج من؟ لم أحصل مطلقا على توضيح. ما علمته قرأته في الصحافة. البداية بتعيين الفيلسوف ميشال أونفراي مؤقتا بعد شهر من عزلي، بينما أخطرت أن المعرض ملغى. في الواقع كان هناك بالتأكيد زيادة في الأسباب. أولا العلاقة الغريمية بين مرسيليا و ايكس أون بروفانس- لأنه في البدء كانت مرسيليا هي من اتصلت بي قبل ان تطالب ايكس بالمشروع و تحصل على الموافقة بتحقيقه فيها و هي التي تحتفظ بأرشيف كامي. لكن من الواضح أيضا أن إدارة مرسيليا – بروفانس 2013 تغيرت، المسؤول الجديد فضل رؤية أكثر "صقلا" من التي كان يراها سلفه. بتفضيل كامي الكاتب فقط لم يكن يريد تحمل مخاطرة أن يتم التطرق لمساره السياسي، و الإعلامي من الجانبين على ضفتي البحر المتوسط. و خصوصا حول التزامه ضد الاستعمار و حول تردده في وجه الوطنية الجزائرية. بلدية ايكس إين توجد تأثيرات كبيرة للذين يحنون للجزائر الفرنسية، لم يكن بمستطاعها سوى قبول تلك التحفظات، بل وزادت من حدتها. كامي لا يزال مصدرا للفوضى؟ لا أحد يمكنه أن يكون مرتاحا و هو يحلل كل أوجه مسار كامي، لأنه حتى اليسار في فرنسا يجد صعوبة كبيرة في تحمل و لنقل مراجعة ماضيه الجزائري، و بالخصوص في السنوات الأولى من الحرب. بالنسبة للاشتراكيين ورثة الفرع الفرنسي للأممية العمالية لغي مولي و لحاكم الجزائر الراديكالي روبير لاكوست هذا من تحصيل الحاصل. أما عند الشيوعيين، فمنذ سنتين فقط اعترفوا بأنهم أخطأوا بتصويتهم لصالح "السلطات الخاصة" التي سمحت بالتصعيد القمعي و الحرب الشاملة ضد الوطنيين الجزائريين. في جهة اليمين الحزب الناشئ عن الديغولية يوجد في أزمة و له حدود أكثر قابلية للتسرب في مواجهة اليمين المتطرف. هل لدى الذين يحنون إلى الجزائر الفرنسية تأثير كبير حتى الآن؟ هناك بالفعل في فرنسا ذاكرة لأنصار الجزائر الفرنسية، و هذا مثير للدهشة كما هو، لكنها لم تنمحي بمرور الوقت، تجدد الأجيال و رحيل الشهود لم يؤثر شيئا. و هو الأمر ذاته بطريقة أخرى في الجزائر، كما في صفوف المهاجرين الجزائريينبفرنسا. هذه الذاكرة يتم نقلها و تزداد حدة حول المسألة الكولونيالية و حول الحرب. منذ سنوات 1990 عشنا بفعل التلازم انهيار الشيوعية و صعود الإسلاميين، و منه الحرب الأهلية في الجزائر. أفكار كامي التي هي أفكار عن وضعيات معقدة و عن رفض العنف، تندرج في إطار حرب الذاكرتين التي اندلعت، خصوصا في فرنسا و هي نتاج هذا التطور التاريخي. شبكات من مؤيدين للجزائر الفرنسية لا تزال تنشط بعد 50 سنة من الاستقلال هذا يبدو غير قابل للتصديق؟ هؤلاء أقلية، لكنهم في الواقع أكثر نشاطا. يستفيدون من الأزمة الإيديولوجية لليمين التقليدي. هذا الأخير المؤسس في جزء كبير على الديغولية، وقف كمعارض مع اليمين المتطرف المعادي لنزع الاستعمار. هذه الحدود ضعفت، و الشبكات التي كانت قبل الآن هامشية كسبت قوة كبيرة. إيديولوجيون مثل باتريك بويسون الذين لم يخفوا مطلقا تعاطفهم في أعمالهم عن منظمة الجيش السري وجدوا انفسهم في قلب القرار السياسي. في حالة بويسون لقد ظهر في السنوات الأخيرة الى جانب ساركوزي في دور منظر رئيسي و همش أحيانا في الإيليزي مستشارين بقوا في الخط الأول للديغولية مثل هنري غاينو. هذه علامة فارقة. تحدثت عن تدشين كاتب للدولة لنصب في بربينيان تخليدا لمناصري الجزائر الفرنسية دون أن يثير ذلك حساسية... يتعلق الأمر بالشيء ذاته ، يورط هذه المرة الدولة. لم يثر ذلك سوى القليل من التعاليق، دون أبسط ظهور، بينما هو ليس مجرد بقاء حي للماضي. الذين يروجون لمثل هذه الاحتفاليات يضعون أنفسهم تدريجيا في المشهد الثقافي الفرنسي حتى يقتطعون لأنفسهم مكانا يتمنونه طاغيا، أو على الأقل ذا أغلبية. في المحيط المباشر لجون فرانسوا كوبي نجد ابنة مسؤول سابق في منظمة الجيش السري لم ينكر أبدا شيئا من ماضيه، هذا ليس أمرا هينا، بينما تحقق الجبهة الوطنية نتائج انتخابية تقارب 20 بالمئة على المستوى الوطني. بالتطور، في المنطلق كانت المرجعيات التاريخية موجودة عند فيشي اليوم خزان المرجعيات هو الحنين الى الإمبراطورية، و بالخصوص إلى الجزائر الفرنسية. لنعد إلى كامي يتفرق حوله أيضا الجزائريون... لا غرابة في أن تكون علاقتهم بكامي متضاربة، لأن المصفوفة الثقافية للفكر كما في السياسة تبقى حرب الاستقلال. كامي لا يقع في هذا المجال، هو لا ينتمي إلى بوتقة الثوريين. بينما جبهة التحرير الوطني كما هو شأن كثير من المثقفين تقع بالنسبة لتاريخ المعسكر الاشتراكي و للقومية العربية. كامي يقع في معسكر المروق و الانشقاق المتحرر المعادي للستالينية في سنوات 1950. هناك بالتالي الحذر، إن لم يكن الرفض، كما رأيناه مع كاتب ياسين. كامي حقيقة رفض قبول الانتقال الى الاستقلال، و بقي مرتبطا بجزائر طفولته، يدعو في أمانيه إلى مصالحة بين المجموعتين. كل مأساة كامي أنه كان يريد الانتماء إلى عوالم متعددة، دون أن يدرك أن ذلك صار مستحيلا. لنفترض أن كامي بقي حيا في 1962 ماذا يمكن تصوره عن موقفه؟ من الصعوبة الحديث عن ذلك، من يدري ما ذا كان سيقول أو سيفعل لو بقي حيا؟ كاتب الافتتاحيات جون دانيال يؤيد فكرة أن كامي كان سيلتحق بمسيرة الاستقلال، كصديقه الكاتب إيمانوال روبلس، او جيل روا، الضابط السابق الذي كان اكثر راديكالية من كامي في رفضه لاستقلال الجزائر. لكن صديقا حميما لكامي أندري روسفيلدر التحق بمنظمة الجيش السري...يؤكد أن كامي كان سيبقى وفيا لمجموعته. كيف نفصل في المسألة؟ هناك إشارة قبل أشهر من وفاته و في سبتمبر 1959 أيد خطاب دوغول من أجل الاستفتاء حول تقرير المصير و ضد الاستقلال، لكن مع اقتراح الوصول الى حل فيدرالي. بعدها دوغول كما نعلم تطور. هل نستطيع القول أن كامي كان سيتطور مثله؟ من الهرطقة قول ذلك لكننا نستطيع فرض أن ذلك كان سيكون هو الحال. بعد رؤية أن التطور نحو اندماج أخوي و في ظل المساواة مستحيلا. ربما مع 10 سنوات من الفرق الزمني كان سيأخذ نفس الطريق الذي سلكه فرحات عباس، الذي دعى أولا إلى الاندماج، ثم الإدماج، الحكم الذاتي، الفيدرالية، ثم الاستقلال. كامي من جهته كان قد مر من البحث عن الاندماج الجمهوري التنويري إلى الحل الفيدرالي حين وفاته. أجرى الحوار رينو دو روشبرون / يترجمة عمر شابي الطبيب المختص جين داغرون لوكالة الأنباء الفرنسية كامي كان منفصلا عن العالم لمعاشرته الصم كبر ألبير كامي في جوار أمه كاترين و خاله إيتيان المصابين بالصمم. و تأثرت أعماله بذلك، من ناحية الأسلوب أو من حيث المواضيع التي تتطرق إليها، مثلما يوضح جين داغرون الطبيب المختص في الصم بمستشفى "لا كونسابسيون" بمرسيليا، و هو مؤلف كتاب بعنوان "ألبير كامي، أثر الصمت" عن منشورات كريلونس. في إطار اليوم العالمي لمرضى الصم، و احتفالا بمرسيليا عاصمة للثقافة الأوروبية لسنة 2013، خصصت الفيللا المتوسطية أمسية شعارها "ألبير كامي و الصمت"، مع تقديم عرض بلغة الإشارة لنصوص المؤلف التي قرئت بالموازاة مع العرض من طرف الممثل شارل برلينغ. فيما كان كامي يواجه الصمم؟ كبر كامي في شقة بالجزائر العاصمة مع أمه و خاله اللذين كانا مصابين بالصمم. أمه كاترين كان بوسعها فقط استخدام 400 كلمة، كانت تتكلم بالاشارات. خاله كان ينطق فقط بعض الكلمات، و الأصوات التي كان يحاكيها. التقينا مؤخرا ابنته كاترين التي أرتنا شيفرة إشارات العائلة. كامي كان إذا في مواجهة الصمت. كان باستمرار يعبر عن رغبته في وضع صمت أمه في صلب تآليفه. بالنسبة إليه الصمت كان أساسيا، هو طريقة للوجود في العالم،و منه تولد الكلمة الحقيقة " يكون الإنسان إنسانا بالفعل بالأشياء التي يسكت عنها أكثر مما يكون بالأشياء التي يقولها" هكذا كتب كامي. كيف تأثرت كتاباته بالصمم؟ في كل رواياته، هناك أم ساكتة، و ابن يصغي. في "الرجل الأول" مثلا يصف ولادته. يبتكر شخصية والده الذي لم يعرفه مطلقا، و يروي كيف في لحظة مجيئه الى العالم تحدث الطبيب إلى والدته، التي لم تفهم كلامه و استدارت إلى والده الذي قام بإشارات. هي مقاطع قوية بالنسبة للمصابين بالصمم، لكن الكثير من الناس لا يلاحظون ذلك. قدم كامي أيضا بورتريه خاله الذي تحدث فيه عن غضباته السوداء "بينما لا يجد الكلام المناسب" (للتعبير عن الغضب العارم). في "L'envers et l'endroit" كتب كامي أيضا " أعلم الآن أن الجسد طريقة للمعرفة". هذه العلاقة الجسدية مع العالم خاصية يتميز بها الصم دون سواهم. كامي ينطلق مما يحس به ليقوم بالوصف. كان له على الدوام علاقة بالواقع، و هو أيضا سلوك خاص بلغة الإشارات. نرى عما نتحدث ثم نقوم بإظهاره. كامي قام أيضا بالربط بين الفقر و صعوبة أخذ الكلمة، كما في "يوميات جزائرية" أين يدافع عن "ثمانية ملايين أبكم". هل يتذوق الصم خصوصا أعمال كامي؟ الكثير من الصم أميون، لكن هناك العديد من شهادات الصم الذين وجدوا أنفسهم في أدب كامي. حقيقة أن أما صماء تنجب كاتبا لامعا مثل كامي يجعل الصم فخورين. مع ألبير كامي قدم الصم هدية كبيرة للأدب الفرنسي. كيف وصلت بك المسيرة من مهنة الطبيب التي تمارسها إلى مختص في ألبير كامي؟ كل الناس قرأوا كامي. و بقراءته من جديد مؤخرا قبل 4-5 سنوات و دون أن أعلم أن والدته كانت صماء، و قعت على جمل تعكس التفكير المرئي للكتابة و أثارني ذلك، لأنني أمارس يوميا لغة الإشارات التي تستلهم من ذلك. مثلا في "الغريب" حين يتحدث عن جنازة يكتب " حمالتان في المركز تسندان قارورة جعة أعيد عليها غطاؤها" ثم لا " قارورة الجعة كانت موضوعة على حمالتين" كما كنا سنقول في الفرنسية الشفاهية. سارتر من جهته لاحظ هذا الأسلوب في الكتابة منذ 1942، و كان حينها الرجلان لا يعرفان بعضهما، و أشار أنه بين شخصياته و قرائه يضع كامي "حاجزا زجاجيا"، حاجز زجاج سارتر يشبه بغرابة الفقاعة غير المرئية التي يصفها الصم حين يرون المحيطين بهم يتكلمون دون أن يستطيعوا فهم ما يقولون. حوار رينو لافارنيو وكالة الأنباء الفرنسية ترجمة عمر شابي المجلة الأمركية "سميثسونيان" تتساءل لماذا بقي كامي غريبا في بلد مولده الجزائر؟ تساءلت مجلة سميثسونيان الأمريكية في عددها الأخير لشهر أكتوبر 2013 في تحقيق مطول عن السر في بقاء ألبير كامي مؤلف رواية "الغريب" غريبا في مسقط رأسه الجزائر، و قدمت في تحقيق مشوق بقلم جوشوا هامر مظاهر الحياة في أحياء بلكور و منطقة تيبازة بالقرب من الجزائر العاصمة أين كان كامي يحب التمتع بمناظر الطبيعة و البحر. كما زار وهران التي ألهمت كامي روايته الأكثر شهرة "الطاعون". المجلة لم تزر بلدة الذرعان "موندوفي" بولاية الطارف حيث أبصر الأديب العالمي الذي لا يزال مثار اهتمام الأنكلوسكسون النور، و هي نقطة ناقصة من مسار تعقبها للكاتب لكنها زارت مدرسته في بلكور و البيت الذي كان يقيم فيه، بتلك الضاحية الشعبية من العاصمة الجزائرية، و تيبازة ووهران. صحفي مجلة "سميثسونيان" قال أنه التقى في فندق الجزائر "سان جورج" بمثقفين جزائريين مهتمين بكامي و منهم حميد قرين الذي ألف رواية خيالية "كامي في النرجيلة" 2011 بطلها ابن غير شرعي لألبير كامي، و تحسر قرين لأن نصوص كامي ليست في المقررات المدرسية، كما التقى كاتب التحقيق بفندق الجزائر حيث نزل كامي في الخمسينات بمعد أشرطة وثائقية يزيد أيت محي الدين بجوار صورة للكاتب الحائز على جائزة نوبل تجاور صور من نزلوا في الفندق الشهير مثل الجنرال و الرئيس الأمريكي إيزنهاور و رفيقة سارتر سيمون دوبوفوار و قال له أن كامي هو السبب الذي جعل الكثيرين يعرفون الجزائر و وصفه بأنه "سفيرنا الوحيد". معتبرا أن "كامي وضع نفسه في صف عائلته الصغيرة من الكولون" و استعد أيت محي الدين لإعداد شريط تلفزيوني وثائقي عن حياة كامي في الجزائر. و تأخذ المجلة مقاطع كبيرة من مؤلف أوليفي طود البيوغرافي بعنوان "ألبيركامي: حياة" و لما كان الكاتب لايزال طفلا أقامت عائلته في 93 شارع ليون بحي بلكور، و هو حي الطبقة العاملة حيث يتجاور العرب و الأقدام السوداء لكنهما لا يختلطان إلا نادرا، و في المنزل الذي يقيم فيه حميد حاج عمار حاليا تقاسم كامي ثلاثة غرف مع أخيه لوسيان و خالهما إيتيان و جدتهما لأمهما و الأم الصماء كاترين هيلان سانتاس كامي عاملة التنظيف ذات الأصول الإسبانية التي تزوجت مهاجرا من منطقة بوردو أقام في الذرعان "مندوفي" لزراعة الكروم. و لا يزال منزل كامي من طابقين موجودا في بلكور و أسفله محل لبيع فساتين الزفاف للعرائس، و قالت ابنة الكاتب كاترين أن والدها تأثر بكفاح أمه من أجل تربيتهما و تحملها في صمت مشاق الحياة من اجل ابنائها و لذلك نشأ لديه احساس بأنه قريب من الفقراء. تحقيق مجلة سميثسونيان طاف بالقارىء في شاطىء البحر "لي سابلات" المقابل لحي بلكور حيث كان كامي يمارس السباحة و كرة القدم، و في تيبازة وسط الآثار الرومانية التي كان صاحب الغريب يهوى الوقوف وسطها للتفكير و التأمل بعيدا عن صخب الجزائر العاصمة. و كتب مرة عنها بعنوان "عودة الى تيبازة" سنة 1952 يقول "أنه لا يوجد كيلومتر واحد من بين 69 كيلومتر (بين تيبازة و بلكور) ليس لي فيه ذكرى و لا شعور خاص"... إقتباس عمر شابي من سميثسونيان ماغازين أكتوبر 2013