بنك الجزائر يحقق في تهريب أموال تحت غطاء الاستشارة والتكوين بالخارج فتح بنك الجزائر تحقيقات، بشان عمليات تحويل أموال إلى الخارج تقوم بها شركات وطنية ومختلطة، بطرق ملتوية، وتشتبه السلطات المالية، في قيام عدد من الشركات بتضخيم تكاليف بعثاتها إلى الخارج من إطارات وموظفين بغرض التكوين أو في إطار المهمات الدورية للخارج، بغية تحويل جزء من هذه النفقات وصبها في حسابات ببنوك أجنبية. أوفد بنك الجزائر، فرق مكوّنة من مفتشين تم توزيعهم على جميع البنوك الوطنية للقيام بمهمة تدقيق في التحويلات المالية التي تقوم بها بعض الشركات لتغطية نفقات بعثاتها للخارج سواء بغرض التكوين، أو إبرام صفقات، أو التفاوض مع شركاء أجانب، وقال مسؤول مصرفي، يعمل في بنك فرنسي بالجزائر، بان فرقة من المفتشين تابعين لبنك الجزائر، طلبوا من إدارة البنك تزويدهم بكافة الوثائق والملفات التي تخص عمليات تحويل أموال بالعملة الصعبة إلى الخارج لتغطية نفقات بعثاتها. ويشتبه بنك الجزائر، في لجوء بعض هذه الشركات إلى تضخيم هذه النفقات إلى مرتين أو ثلاث مرات، وتحويل هذا الفارق إلى أرصدة في بنوك أجنبية، وقد اكتشفت فرق التحقيق، أن أوامر بمهمات بالخارج تمت فوترتها على أساس 3 آلاف دولار يوميا، وهو مستوى جد مرتفع مقارنة مع القيمة الممنوحة لإطارات الشركات العمومية. ويعتقد خبراء مصرفيون، أن التحويلات التي تتم في إطار البعثات إلى الخارج، ومستحقات الخبراء الأجانب الذين تستعين بهم بعض الشركات، وراء ارتفاع فاتورة واردات الخدمات التي يتوقع أن تتجاوز عتبة 12 مليار دولار نهاية العام الجاري، وبلغت واردات الجزائر العام الماضي 62 مليار دولار، منها 11 مليار دولار خدمات، و51 مليار دولار من السلع. ورغم سعي الحكومة اللجوء إلى مكاتب الخبرة والدراسات الوطنية وإعطاء مجال أوسع للتأمين وإعادة التأمين من خلال الشركة المركزية لإعادة التأمين، إلا أن فاتورة واردات الخدمات أصبحت تشكل نزيفا حقيقيا لميزانية الدولة. وتشمل الخدمات عمل مكاتب الخبرة والدراسات الدولية، وما تقدمه من استشارات لقطاعات مختلفة، خاصة في مجال الطاقة فضلا عن عمليات إعادة التأمين التي يتم القيام بها غالبا لدى الشركات الدولية بما فيها لصالح المجموعات الكبرى الجزائرية عمومية وخاصة والتي تشكل عبئا كبيرا على الدولة، وتدر أموالا طائلة لمكاتب الدراسات والخبرة الأجنبية ومكاتب التدقيق الحسابي.من جانب أخر، اصدر بنك الجزائر، تعليمات تلزم البنوك العمومية والخاصة، بتجميد أرصدة مفتوحة بالعملة الصعبة لجزائريين، إلى حين التأكد من مصدر الأموال التي يتم صبها في هذه الأرصدة، وقال مسؤول في مؤسسة مصرفية عمومية، بان المواطنين الذين يتلقون أموالهم من الخارج والتي تدفعها لهم شركات مقابل خدمات محددة كالاستشارة أو التعاون، لا يمكنهم مستقبلا سحب أموالهم بالعملة الصعبة، ولا ينطبق هذا القرار على أصحاب المعاشات، أو التحويلات العائلية. وأضاف المتحدث، بان التعليمة التي صدرت في مارس الماضي، ودخلت حيز التنفيذ قبل بضعة أسابيع، تنص على وجوب تحويل الأموال المودعة في الرصيد إلى العملة الوطنية، باعتماد سعر الصرف الرسمي، قبل منحها لأصحاب الرصيد، مشيرا بان الأموال التي يتم تحويلها في شكل أجرة أو مكافأة على عمل ما أو استشارة، لا يمكن سحبها بالعملة الأجنبية، مشيرا بأنه في بعض الحالات يمكن تطبيق نظام 50 بالمائة، أي سحب نصف الأموال بالعملة الصعبة، والنصف الأخر بالعملة الوطنية. بالنسبة للأموال التي دخلت الحساب قبل صدور التعليمة، مضيفا بان الملفات ستدرس على مستوى لجنة مختصة ببنك الجزائر قبل منح الضوء الأخضر للزبائن. وقد أثار هذا القرار امتعاض أصحاب هذه الأرصدة، الذين احتجوا على منعهم من سحب أموالهم بالعملة الصعبة، وقال احد زبائن بنك عمومي، بان "رصيده مجمد منذ 4 أشهر بسبب التعليمة التي حرمته من تلقي أتعابه"، مضيفا بان القرار طبق بأثر رجعي، بحيث تعذر عليه سحب أمواله التي كان قد تلقاها قبل صدور التعليمة، وقال بان عملية التحويل حسب سعر الصرف الرسمي تسبب في فقدانه أموال كبيرة، بالمقارنة مع الأرباح التي كان سيجنيها في حالة صرف أمواله في السوق الموازية. ودفع هذا القرار بعديد الزبائن لتحويل أرصدتهم إلى بنوك أجنبية بالخارج، أو البنوك الأجنبية التي لها فروع بالجزائر. وبحسب خبير مصرفي، فان القرار الذي اتخذه بنك الجزائر، هدفه تقليص حجم الأموال المتدفقة على السوق الموازية للعملة الصعبة، وقال "غالبا ما يقوم أصحاب هذه الحسابات بسحب أموالهم بالعملة الصعبة، وبيعها في السوق الموازية بسبب الفارق الكبير بين سعر الصرف الموازي وسعر الصرف الرسمي، مضيفا بان تحويل 10 آلاف دولار في السوق الرسمية، يتسبب في خسارة صاحب الرصيد ما لا يقل عن 30 مليون سنتيم.