مدفيديف: العلاقات الجزائرية - الروسية عادت إلى مجراها الطبيعي وتعاوننا العسكري في نمو مستمر أكد الرئيس الروسي السيد د ميتري مدفيديف أمس بالعاصمة الأهمية الإستراتيجية للعلاقات الجزائرية - الروسية، معربا عن أمله في تطوير التعاون بين البلدين. وقال الرئيس مدفيديف في تصريح للصحافة في أعقاب المحادثات التي أجراها مع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والتي توسعت فيما بعد إلى أعضاء الوفدين "لقد قمنا بتوقيع ستة اتفاقات تعاون في مختلف المجالات لكن التعاون بيننا لن يتوقف عند هذا الحد، وسنعمل على توسيعه إلى مجالات أخرى على غرار الصناعة والاستثمار". وذكر الرئيس الروسي أن الجزائر تعتبر أول بلد عربي وقعت معه فيدرالية روسيا إعلان الشراكة الاستراتيجية في أفريل 2001، مشيرا إلى انه خلال العشر سنوات الأخيرة تم عقد أربع قمم رفيعة المستوى وأن الاتصالات وتبادل الزيارات بين الطرفين تتكثف على مختلف المستويات. وبعد أن أكد عودة العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مجراها الطبيعي بعد مرحلة الأزمة التي عرفتها، أعرب الرئيس الروسي عن رغبته في تطوير التعاون مستقبلا وأضاف في سياق متصل إلى أنه تطرق مع الرئيس بوتفليقة إلى المسائل الإقليمية والدولية التي تهم البلدين لاسيما مكافحة الإرهاب والوضع في الشرق الأوسط. وبشأن التعاون الثنائي في المجال العسكري والتقني أكد الرئيس مدفيديف أن هذا النوع من التعاون "يقوم على الثقة وهذا ما يميز العلاقات بين البلدين" مشيرا إلى ان هذا التعاون يعود لعشريات مضت وحجمه كبير جدا، معبرا عن ارتياحه الكبير للشكل الذي تسير به الأمور. وأضاف "إذا أردت تقييم هذا التعاون فسأقول أنه في نمو مستمر". يذكر أن رئيس الجمهورية أقام أمس مأدبة غذاء على شرف نظيره الروسي حضرها أعضاء من الحكومة وإطارات سامية في الدولة إلى جانب أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. زيارة مدفيديف التي دامت يوما واحدا توجت بتوقيع ست اتفاقيات تعاون تتعلق بمذكرة تفاهم تخص التعاون في مجال التقييس وتقييم المطابقة بين المعهد الجزائري للتقييس والوكالة الروسية للضبط التقني والقياسة، وكذا مذكرة للتعاون الدبلوماسي وأخرى للتعاون بين المجلس الوطني الإقتصادي والإجتماعي والغرفة المدنية لفيدرالية روسيا. كما وقع الجانبان على اتفاق تعاون في مجال النقل البحري، إضافة إلى مذكرتي تفاهم في مجالي الطاقة والغاز. وتمثل زيارة مدفيديف منعطفا هاما في محور الجزائر - موسكو الذي وضعت معالمه الأساسية في تصريح الشراكة الإستراتيجية الذي وقعه الطرفان خلال زيارة الرئيس بوتفليقة إلى موسكو في افريل 2001، وهو اول اتفاق من نوعه توقعه روسيا مع بلد عربي، ما يؤكد عمق وعراقة العلاقات الجزائرية الروسية التي تعود إلى أكثر من نصف قرن قبل تفكك الإتحاد السوفياتي. وانتقل التعاون بين البلدين إلى أشواط جديدة ملموسة خلال زيارة الرئيس الروسي السابق فلادمير بوتين إلى الجزائر في مارس 2006 لاسيما في المجال العسكري وجرى توقيع عقد لمسح الديون الجزائرية مقابل شراء الجزائر لعتاد عسكري وطائرات حربية بأكثر من سبعة ملايير دولار وتضمنت الصفقة شراء 28 مقاتلة من طراز سو 30 أم ك اي (آ) و34 مقاتلة، من طراز ميغ 29 آس أم تي، و16 طائرة للتدريب من طراز ياك 130، وأربعة انظمة للصواريخ أرض - جو آس 300 بي أم يو - ح و38 صاروخا أرض - جو بانتسير و185 دبابة من طراز تي 90 سي، غير أن اكتشاف الجزائر عيوبا في عدد من طائرات الميغ -29 والتي قامت بارجاعها إلى روسيا كان سببا في الفتور الذي عرفته علاقات البلدين منذ سنة 2008 بعد اعادة 15 مقاتلة من طراز ميغ إلى مصنعها الروسي ولم يكن هذا الفتور العارض ليهز العلاقات الثنائية في عمقها الإستراتيجي القائم بالإساس على مصالحهما المشتركة ومواقفهما المنسجمة تجاه القضايا الإقليمية على المستويين الإقليمي والدولي بما في ذلك مقاربتهما المشتركة ا في تحليل التهديدات الإرهابية وتعاونهما في مكافحة هذه الآفة العابرة للأوطان وتجفيف مواردها. وكان الرئيس بوتفليقة في الزيارة التي قادته إلى روسيا سنة 2008 قد اكد على ضرورة تحديد بعض المفاهيم في مجال العلاقات الإستراتيجية داعيا إلى تعاون اكثر كثافة من خلال مشاريع ملموسة تدفع مسار التنمية الإقتصادية والإجتماعية في البلاد.ولاشك أن الوفد الهام من أعضاء الحكومة الروسية ورجال الأعمال ورؤساء المؤسسات الذين رافقوا مدفيديف في زيارته للجزائر يحمل مؤشرات جادة على أن الروس فهموا جيدا ماكان قد طلبه الرئيس بوتفليقة من الشريك الروسي لاسيما مع الفرص الكبيرة المتاحة أمام الشركات الروسية من خلال برنامج الإستثمارات العمومية للفترة 2010-2014. والمؤكد أن وجود رؤساء 15 شركة روسية كبرى متخصصة في البناء يترجم رغبة الروس في اقتحام هذا المجال بالجزائر الذي يتضمن برنامجا ضخما لانجاز مليون سكن جديد تساهم شركات صينية في تجسيده. وسيعرف التعاون الطاقوي بين البلدين دفعا جديدا بعد التوقيع أمس على اتفاقين سيعزز مجالات الشراكة بين العملاق الروسي "غاز بروم" وسوناطراك لاسيما على مستوى الغاز المسوق بأوروبا، وسيكون موقف سوناطراك التفاوضي أقوى بشأن مطلب مراجعة أسعار الغاز الجزائري المسوق بشكل أساسي في السوق الأوروبية. يذكر، أن الرئيس مدفيديف الذي يزور الجزائر لأول مرة منذ اعتلا ئه سدة الحكم في 2008، ادى أمس خلال هذه الزيارة الرسمية وقفة اجلال لأرواح شهداء الثورة بمقام الشهيد، كما قام بزيارة إلى المتحف الوطني للمجاهد وتلقى هناك شروحات حول اهم المحطات التاريخية التي عرفتها الجزائر منذ بداية الإحتلال وإلى غاية اندلاع ثورة التحرير.