السفاح بول أوساريس يرحل دون أن يندم على تعذيب الجزائريين أعلنت أمس جمعية قدامى المضليين الفرنسيين عن وفاة السفاح الجنرال بول أوساريس الذي قاد عمليات التعذيب الرهيبة ضد عناصر جيش التحرير الوطني في معركة الجزائرعن عمر ناهز 95 عاما. و تأسفت المجاهدة لويزات إيغيل احريز التي كانت واحدة من ضحايا الجلاد أوساريس أنه مات دون أن يعبر عن الندم لما اقترفه من جرائم حرب في معركة الجزائر. حيث يعتبر الجنرال أوساريس من المدافعين والمشاركين البارزين في عمليات التعذيب التي مورست خلال ثورة التحرير، وكان وراء شنق أول رمز من رموز المقاومة والثورة الجزائرية العربي بن مهيدي، في شهر مارس 1957 بعد عمليات تعذيب وإذلال ميزت سياسة فرنسا في تلك الفترة للقضاء على الثورة. و قد ارتبط اسم أوساريس ارتباطا وثيقا بالثورة التحريرية، و محاولات قمعها من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية، و تعتبر نقطة تحول في حياته العسكرية. و كان له دور محوري في إطار ما صار يعرف عالميا "بمعركة الجزائر العاصمة" في عام 1957، و التي صارت نموذجا في الحروب و الإستراتيجيات العسكرية داخل المدن و قد اعترف بنفسه أنه لم يتردد في استخدام كل أساليب التعذيب والقتل من أجل فرض استتاب الأمن في الجزائر العاصمة بطلب من الجنرال الفرنسي ماسو الذي كان يواجه عمليات "فدائية" عديدة من قبل مناضلي جيش التحرير الوطني. بعد نشر لويزات إيغيل أحريز لشهادتها حول التعذيب الذي تعرضت له على صفحات جريدة لوموند الفرنسية في مطلع سنة ألفين خرج الجنرال عن صمته و قال في حوار مع الجريدة الفرنسية الشهيرة، أنه "لم يندم" عن عمليات التعذيب التي مارسها خلال الحرب. و ظل بعدها بسنوات يتذرع بكونه كان منفذا لأوامر عسكرية و مطيعا لقادة الجيش الفرنسي و كان هدف قمع ثورة التحرير الوطنية و الحفاظ على الجزائر فرنسية يغطي على بقية الاعتبارات. وهو الشيء الذي أكده مرة أخرى حيث قال: "علموني أن أقتل دون أن أترك أثرا، علموني أن أكذب وألا أبالي لا بعذابي ولا بعذاب الآخرين". رحل الجنرال أوساريس دون أن يعتذر ولو مرة واحدة عن عمليات التعذيب والعنف التي مارسها طيلة تواجده في الجزائر رفقة " فرق الموت" ضد مناضلين جزائريين مدنيين كانوا يدافعون عن حريتهم واستقلالهم. ورغم مطالب عدة جمعيات جزائرية وفرنسية بمقاضاته، إلا أنه لم يقف يوما ما أمام العدالة. أصدر أوساريس في 2001 كتابا تحت عنوان " الأجهزة الخاصة في الجزائر 1957-1955" اعترف فيه بأنه سمح باستخدام كل أساليب التعذيب لاستنطاق الجزائريين. وهو ما جعل القضاء الفرنسي يصدر حكما عليه في 2003 بدفع غرامة مالية قدرها 7500 أورو بتهمة "تمجيد وتشجيع التعذيب". ولد بول أوساريس في نوفمبر 1918 في بلدة صغيرة قرب مدينة بوردو، جنوب غرب فرنسا، وسط عائلة غنية كانت لها تقاليد عسكرية، حيث كان والده جان أوساريس يعمل مساعدا لحاكم منطقة بوردو قبل أن يباشر عملا جديدا في الصحافة بنفس المدينة.شارك في الحرب العالمية الثانية ضد النازيين، لكنه أصيب في عام 1939 بجروح في عينه اليسرى إثر تلقيه شظايا قنبلة صغيرة في الوجه. و هو سبب بقائه حتى موته لا يرى إلا بعين واحدة. واصل نشاطه العسكري في الجيش الفرنسي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حيث قلد منصب ضابط صف وبعدها كولونيل أشرف على قيادة فوج من المظليين.