أيقونة الأغنية القبائلية الملتزمة الفنانة شريفة في ذمة الله فقدت الساحة الفنية الجزائرية ليلة الخميس إلى الجمعة أيقونة الأغنية القبائلية الملتزمة الفنانة شريفة بعد مرض عضال ألزمها الفراش طويلا. الفنانة وردية بوشملال ،المعروفة فنيا باسم شريفة والتي ألّفت أكثر من 1000 أغنية في مشوار فني امتد لأزيد من 66 عاما، انتقلت إلى ذمة الله عن عمر يناهز 86 عاما، بمسكنها الذي شهد ميلادها يوم 9 جانفي 1926 في قرية آث حلّة بلدية إلماين ولاية برج بوعريريج. نشأت خالتي شريفة كما يحب الجميع أن يناديها يتيمة الأبوين مما اضطرها للعيش مع أخوالها في آقبو بولاية بجاية، إلا أن عشقها الكبير للفن والغناء جعلاها تحمل حقيبتها خفية وترحل إلى الجزائر العاصمة، بعدما هددها خالها بالقتل لأنها تخطّت تقاليد منطقة القبائل بهذا الفن الذي سكن وجدانها منذ أن فتحت عيناها على الدنيا. كان ذلك في بداية الحرب العالمية الثانية، عندما كان الفن عارا حتى على الرجال استقبلتها القناة الثانية الناطقة باللغة الأمازيغية بالإذاعة الوطنية حيث كانت تقدم كل ما تألفه من أغان عبر حصة «نوبا الخلاث» في شكل قعدة نسوية كانت تجمعها مع نجمات الأغنية القبائلية أمثال شابحة، الجيدة ، دليلة وغيرهن. من هناك كانت الانطلاقة الحقيقية لشريفة وسطع نجمها بأول أغنية تحمل عنوان «ابقى على خير ايقبو ثورى افوك ازهو» التي أدّتها سنة 1945 بعدما تأثرت كثيرا بمغادرتها مسقط رأسها رغما عنها، لقيت في الإذاعة كل التسهيلات والمساندة من طرف عمالقة الفن الجزائري على غرار الراحلة فضيلة الدزيرية،مريم فكاي، هجيرة بالي والأركسترا الذي كان يرافقها. أخذت شريفة مكانا لها بفضل صوتها المتميز وموهبتها الكبيرة في التأليف والتلحين رغم أنها لم تدخل المدرسة يوما ولا تجيد الكتابة ولا القراءة، حسب ما أدلت به في إحدى الحصص القليلة التي أنجزتها حول مسيرتها الفنية بالتلفزة الجزائرية وكانت تؤلّف ما تؤديه و تحتفظ به في ذاكرتها،عندما بلغت سن العشرين وقفت فوق المنصة لتحيي أول حفل لها خارج الوطن بفرنسا، قبل أن تقوم بجولات فنية عبر العديد من دول العالم، التقت فيها بجمهورها العريض والجالية الجزائرية في المهجر بكل من إنجلترا، ألمانيا، جزر الكناري، أمريكاإيطاليا وغيرها من الدول التي سجّلت مرورها بها. ألّفت الفنانة شريفة ما يربو عن 1000 أغنية تصب مواضيعها كلها في إطار اجتماعي متّزن، 700 منها مسجّلة لدى الإذاعة الوطنية،واشتهرت أكثر بأغان قام بإعادتها كبار الفنانين الجزائريين مثل أغنية «أيزواو سومنديل اوراغ» التي قام بإعادتها المطرب إيدير، «سنيوى ذي فنجالن» التي أعادتها على شكل ثنائي مع الفنان شريف حماني ،»أيازرزور» ، «أنزور لوالي»،هذا إلى جانب أغنية «مبروك لعرس» التي قامت بإعادتها حسيبة عمروش وغيرها من الأغاني الأخرى التي اعتلت بها سماء الشهرة. رحلت خالتي شريفة بعد تكريمها بمناسبة عيد المرأة ببرج بوعريريج ،تاركة وراءها إرثا ثقافيا خالدا لن يندثر وسيتم تشييع جثمانها إلى مثواه الأخير اليوم السبت بمسقط رأسها في قرية آث حلّة ببرج بوعريريج.