كشف وزير التضامن الوطني والأسرة سعيد بركات أول أمس أن وزارته تعكف حاليا على إعداد نص قانوني يجرّم استخدام الأطفال الصغار في التسوّل ويعرض مرتكبي هذا الفعل لعقوبة الحبس. وأكّد الوزير خلال زيارته الأربعاء الماضي مركزا لرعاية الأطفال المحرومين والمعرضين للخطر بالعاصمة، أن وزارته ستتجّند من أجل اجتثاث هذه الظاهرة الآخذة في الانتشار وخصوصا بالمدن الكبرى، موضحا من ناحية أخرى أن أزيد من 300 طفل قد تم استرجاعهم من قبل أمهاتهم البيولوجية، وأن هذا المسعى يلقى التشجيع ولا سيما من خلال منح المساكن للأمهات اللواتي يتواجدن في أوضاع صعبة.وكانبركات قد أعلن بأن وزارته بصدد إعداد دراسة تخص عدة ظواهر تمس شريحة الطفولة لمعالجتها حالة بحالة ضمن برنامج القطاع مشيرا إلى مشاريع نصوص تنظيمية ردعية، والتي هي في مرحلة الدراسة حاليا وتهدف إلى مكافحة عدة ظواهر اجتماعية مضرة بالأطفال منها ظاهرة استعمالهم في التسول، وظاهرة تشغيل الأطفال حيث يؤكد مختصون في هذا الصدد بأن عدد الأطفال الذين يدخلون عالم الشغل سنويا في الجزائر قد بلغ 134 ألف طفل حسب الإحصائيات التي تم الكشف عنها خلال ملتقى دولي حول ظاهرة أطفال الشوارع عقد مؤخرا بولاية قالمة، ودعا الباحثون إلى ضرورة إنشاء مرصد وطني لمواجهة هذه الظاهرة وكذلك مراجعة قوانين حماية هذه الفئة وتشكيل هيئة استشارية تعنى بمتابعة الظاهرة وتقديم الحلول اللازمة لها من خلال تفعيل دور الإعلام والمجتمع المدني، وزيادة الاهتمام بالعائلات الفقيرة التي اعتبروها المصدر الرئيسي لظاهرة أطفال الشوارع، وبالمقابل أكد هؤلاء الباحثون أن الظاهرة لم تصل بعد إلى مرحلة خطيرة في الجزائر مقارنة بدول أخرى إلا أن المؤشرات الحالية أصبحت تبعث حسبهم على القلق وتنذر بعواقب وخيمة في المستقبل القريب إذا بقي الوضع على ما هو عليه اليوم، حيث أعلنت منظمة اليونسيف عن وجود 500 ألف حدث يعملون في الجزائر سنة 2004 في حين تشير الأرقام الرسمية المعلن عنها في نفس السنة إلى وجود 0.56 بالمائة فقط من الأطفال دون 18 سنة يعملون في 5847 مؤسسة إقتصادية بالجزائر.واجمع المتدخلون في هذا الملتقى على أن الفقر وتفكك الأسر والتسرب المدرسي وتعقد الحياة بالمدن الكبرى تعد من بين الأسباب التي أدت إلى تنامي ظاهرة أطفال الشوارع، حيث يتعرض هؤلاء الأطفال إلى أبشع أنواع الاستغلال وتحوّلوا إلى هدف سهل لشبكات الجنس والمخدرات وضحايا جرائم القتل والسرقة، ويسمى طفل الشارع كل طفل دون 16 سنة يعيش في الشارع بصفة دائمة أو مؤقتة، كما يعاني هؤلاء الأطفال من أمراض عديدة ويتميزون بالعنف وتشتت الأفكار والخوف الدائم من الملاحقات والضرب والاعتداء الجنسي، كما تعمل غالبيتهم في مجال غسل السيارات وبيع السجائر والسلع الرخيصة، ويمتهنون أيضا التسول والسرقة والإجرام بمختلف أشكاله مما أدى بالعديد منهم إلى السجون ومراكز رعاية الأحداث وكان الوزير قد أشار إلى ضرورة تحسيس الأمهات العازبات بالإجراءات التي تم وضعها قصد التكفل بهن وبأطفالهن وهي العملية التي سمحت حسبه بالتكفل حاليا بما يقارب 300 طفل مولودين خارج الزواج من طرف الأم البيولوجية، وذلك قصد ضمان النمو السليم لهذه الفئة على مختلف المستويات، حيث ترتكز سياسة القطاع - كما قال- على تحقيق الإدماج العائلي لفائدة الطفولة المسعفة وضمان حنان الأم لفائدة الأطفال المولودين خارج الزواج، كما أوضح بركات أن 200 طفل يجري التكفل بهم من طرف العائلات الجزائرية المقيمة بالخارج.