يجب تجاوز التراث ووضعه في سياقه التاريخي قال المطرب التونسي لطفي بوشناق أن التراث الذي نعتز به لايحب أن يكون عقبة أمام التجديد والإبداع، مطالبا بوضع التراث في سياقه التاريخي حتى لايبقى المبدع كما قال رهينة للماضي. أوضح المطرب لطفي بوشناق في ندوة صحفية نشطها صباح أمس بنزل سيرتا بقسنطينة على هامش مشاركته في المهرجان الدولي للإنشاد، أنه ضد التقيد بالتراث في الميدان الفني، حيث أكد على ضرورة التجديد، على أعتبار أن الفنان هو مرآة عصره متسائلا أي رسالة سيتركها الفنان للأجيال القادمة إذا أهمل خصوصيات ومقتضيات عصره. وقال أن تجديد التراث لا يعني أن الفنان قد أعتدى على هذا التراث أو أفرغه من محتواه، بل بالعكس فإن هذا التجديد ينبغي أن ينظر إليه على أنه إثراء وإغناء وتحيين لهذا التراث. وربط الفنان التونسي هذا الموضوع بتقهقر الأغنية العربية التي قال أنها أصبحت في أيدي أناس لاتهمهم سمعة الفن، حيث لايترددون في تقديم إنتاج مبتذل لا يحترم أذواق المتلقين. وقال أن هذه الظاهرة التي عمت كل أرجاء الوطن العربي شجعت على بروز تيار يعمل على دفع الأغنية الدخيلة إلى الأمام على حساب الأغنية العربية الأصيلة الهادفة. وتساءل عن دور الفضائيات، حيث قال أنه توجد 800 قناة عربية، ولكنها للأسف لا تقوم بالدور المنوط بها، بل تتعمد تهميش الطاقات الإبداعية، وتسخر كل الإمكانيات لإبراز الأصوات التي تروج للغناء السوقي، وهو ما ساهم في تقهقر الأغنية العربية وعدم أنتشارها عالميا. وأن السلاح الوحيد الذي يملكه العرب اليوم هو الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع لمواجهة التحديات، وإذا لم يوظف هذا السلاح بالصورة الايجابية فإن المآل هو الإنحدار إلى الأسوأ. وحول رأيه في اتفاقيات التوأمة التي أصبحت تعرف أنتشارا بين المدن العربية، قال أنها لايمكن أن تعطي النتائج الإيجابية، مبديا سخريته بالموضوع الذي حصره في تنقل الأشخاص من بلد إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى، دونما نتيجة تذكر. وبرر موقفه هذا بعدم وجود متابعة للنتائج التي تعززها مثل هذه الخطوات والتي لايمكن ترجمتها على أرض، وأن التوأمة التي تحصل بين المدن العريبة وحتى الغربية لا تعود بالفائدة. وحذر في الأخير الفنانين العرب من الإنسياق وراء الإغراءات التي تقدمها بعض الجهات الاجنبية، وقال إن الغرب يمارس سياسة الإقصاء على العرب مما يفرض على كل المبدعين النضال للخروج من هذا الوضع. للإشارة فإن المطرب لطفي بوشناق كان نجم حفل أفتتاح المهرجان الدولي للإنشاد حيث حلق بالحضور في فضاءات روحانية عبر الأغنية الصوفية في مديح سيد الخلق وقد أستهلها بنغمة "أبدأ بإسم الله" وتبعها بمديح أكبرو في الرسول وختمها بنوبة سيدي بن عيسى، وكان المطرب خلال أدائه للمدائح حريص على أنسجام أعضاء الفرقة لتفادي أي أختلال للوزن الموسيقي من أجل السمو بصفاء الكلمات في مديح الرسول وكان الجمهور يقاطعه بالتصفيق تعبيرا عن الإعجاب وكان يرد بالتحية للجمهور الساهر الذي تواصل مع هذا المطرب حتى آخر المطاف.