تحولي إلى الإنشاد الديني لا يعني أني كنت ملحدا قال بدأت في آداء المديح الديني وعمري لا يتعدى ال 15 سنة، وأديت فريضة الحج وأحافظ على صلاتي منذ الصغر ولم أذق الخمر في حياتي وغنائي ملتزم بما يرضي الله، إنه المطرب التونسي لطفي بوشناق الذي أبحر في مركب العشق الصوفي تاركا وراءه ذكريات مع النغمة الأندلسية، إلتقيناه في المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة فكان معه هذا الحوار. حاوره عبد الرحيم مرزوق * نزوع الفنان لطفي بوشناق إلى الإنشاد الديني هل يفهم من ذلك أنها مقدمة "للتوبة" وهل هذا الجهد وهو تصحيح للمسار الفني؟ -لا، لا (قالها بنبرة حادة) منذ نعومة أظافري وأنا أهتم بالإنشاد الديني، ولم أكن ملحدا حتى أتوب، كل ما في الأمر أنني بلغت محطة أين يفرض علي أن استنفر كل قواي لأساهم في إثراء الأغنية الصوفية بعدما تأكدت من أنها تبوأت المكانة المرموقة، والمديح هو جزء من الغناء وقد أديت كل الألوان والطبوع، بالإضافة إلى أن الإيقاع الأندلسي لا يختلف في جوهره عن الغناء الصوفي، وبالتالي نحن نعمل على نشر الأغنية الصوفية بالوسائل الموسيقية التي تعطي للإنشاد التجليات الروحية. *ولكن الإنشاد قديما كان يعتمد على الصوت بمرافقة الدف، فهل يجوز إدخال التقنية الموسيقية الجديدة؟ -إذا كانت الآلات المستعملة أصيلة كالعود والكمان والقانون والناي (ما فيها باس) لكن غير المقبول كما نشاهده اليوم في بعض دول الخليج التي انساقت وراء الإيقاعات الغربية، فإنها تفسد ذوق وطعم الإنشاد الديني، نحن نعمل على نشر وتأسيس مدرسة أصيلة تحافظ على طبوعنا العربية الإسلامية فنا وإيقاعا. *لطفي بوشناق من الأصوات القوية التي أدت الأغنية العربية الأصيلة، كيف تنظر اليوم إلى تراجع الطرب في العالم العربي، وبماذا تفسر الفنون في العواصم العربية كمصر مثلا؟ -المتسبب في هذا التدهور هي وسائل الإعلام خاصة منها المرئية، أنظر ماذا تقدم الفضائيات العربية إنها تسد كل الأبواب أمام كل ما هو أصيل، رغم أن الجمهور العربي لازال يتذوق كل ما له صلة بالتراث ولكن تسير عكس التيار حيث تنتقي بذكاء ما يساهم في الإغتراب بالترويح لكليبات مستوردة، وهذا الأسلوب يؤثر بطبيعة الحال على الطرب العربي الأصيل. *أثارت تصريحات فنانين مصريين معاديين للجزائر شرخا بين المغرب العربي والمشرق إلى درجة أن الجماهير المغاربية قاطعت الفن المصري، كيف عاش لطفي بوشناق هذا الوضع؟ -هذه مؤامرة وفخ آخر تقع فيه الأمة العربية، لا بارك الله في مباراة كرة قدم تفرق بين شعبين. في اعتقادي أن الذي يقف وراء هذه المؤامرة هم الصهاينة الذين يدبرون كل الدسائس لضرب الوحدة العربية، وتبقى هذه الحادثة مجرد سحابة عابرة وستعود الأمور الى طبيعتها. * رغم القرب الجغرافي للطفي بوشناق لم نسمع عن مشروع فني أو تعاون بينك وبين عميد المالوف الحاج محمد الطاهر فرقاني لماذا ؟ - أنا في الوقت الحالي أنسق مع محافظ مهرجان "ديما جاز" السيد زهير، ولا أخفي أن لي مشروع مع نجل الفرقاني السيد سليم، وعندما ينضج سنعلن عنه. * الموسيقى العربية دخلت العالمية عن طريق "الراي" فيما لم يستطع المالوف رغم قدمه وامتداده من العصر الاندلسي الى يومنا هذا أن يفرض نفسه عالميا، كيف تفسرون ذلك ؟ - لا يمكن أن نفرض أنفسنا على الآخرين اذا لم ننطلق من أصالتنا، ويجب أن لا نتوقع في تاريخنا حتى لا نخلق هوة بين الماضي والحاضر لا بد أن نقبل بالواقع ونتجاوب مع كل مرحلة وهذا وحده يسمح لنا بوضع خطانا عند أبواب العالمية. أنا لا ألغي ما أنجزه الجيل الجديد خاصة وهو يفرض نفسه كقيمة فنية يروج لها عالميا. * يقال بأن تأديتك لأغنية "سراييفو" يرجع الى الأصول البوسنية لعائلة بوشناق، فما هو ردك؟ - أنا أصيل البوسنة وأحمل الجنسية التونسية والبوسنية التي سلمني اياها الرئيس الراحل علي عزة بيقوفيتش * هل الاعلام العربي يساهم في ابراز الأغنية الصوفية وماهو دوره في التعريف بالمواهب الصوتية التي تزخر بها الساحة الفنية ؟ - حقيقة للاعلام دور كبير في هذا المجال ولكن للأسف هو لا يؤدي مهمته كما ينبغي، فالاعلام العربي بكل أنواعه يساهم في الترويج للأغنية السطحية إن لم نقل المبتذلة. الفضائيات مجندة لابراز نوع من الفن أنا شخصيا اعتبره مدسوسا بطريقة ذكية لتشويه الصورة الحقيقية للتراث العربي، وهنا فإن المثقف في أي موقع مطالب بالتصدي لهذه الحملة التي تحاول النيل من هذا التراث.