السينما العراقية تسعى لترميم ما هدمته الحرب دخل عالم الصورة عبر بوابة الكتابة وتأليف السيناريوهات فكانت "مقدمة" هي البصمة الأولى التي يوقع بها على الشاشة البيضاء سنة 1998، وبعد مخاض عسير يخرج فيلمه الأول "أوندر اكسبوزور" الذي حصد عدة جوائز بسنغافورة وروتردام ويتوج تجربته في مجال الأفلام الطويلة ب"كارانتينا" إنه المخرج العراقي عدي رشيد عثمان، الذي فتح قلبه لقراء النصر في هذا الحوار، وذلك قبل الإعلان عن الجوائز، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. - "كارانتينا" تشارك به في مسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان وهران، هل تتوقع فوزه؟ - إذا أنصفتني لجنة التحكيم طبعا، لأني أعتبر هذه التجربة الثانية ناضجة من حيث السرد القصصي والتقنية المستعملة. فالسيناريو المأخوذ عن قصة لسعيد سليمان الموري يروي وقائع جد مؤثرة عن شخصية مهزوزة نفسيا عرفنا كيف نستغلها في إسقاط درامي متواتر، وأنا لا أخفي بأني وفقت في تصوير الحالة النفسية للبطل، والوصول به إلى ذروة الصراع الذي يعيه المشاهد بكل مراحله وفصوله، وهو يتحدث بصفة عن العراق في زمن الأزمة الطائفية من خلال بطل الفيلم الذي يعتبر قاتل محترم يتم استئجاره في كل العمليات. - العراق خرب ودمرت بنيته التحتية، كيف يمكن النهوض به، وحال السينما لا يقل بؤسا عن كل المجالات، فما هو واقع السينما اليوم؟ - السينما عندنا مشتتة منذ الاحتلال الأمريكي، حيث كل طائفة تريد أن تفرض وجهة نظرها، ونحن لا نستطيع المرور دون مراقبة السلطة التي تفرض قيودا على المخرجين، ولكن هذا التضييق تراجع نسبيا الآن بعدما فرضت بعض الأفلام التي تنجز في المهجر والتي تجسد الصورة الحقيقية للعراق، واليوم هناك شباب يشتغل على تغيير نظرة الآخر تجاه بلد الرافدين بالصورة الجميلة، وقد سجلت هذه السنة ظهور أربعة أفلام سينما اثنين منها تم تسويقها على المستوى العالمي. - هل يحظى إنتاجكم بالدعم المادي من طرف الدولة؟ - لا، الحاصل اليوم في العراق أن هناك مسألتان مهمتان يعيقان النشاط الإنتاجي، أولا الوضع الأمني، ثم التغطية المادية فالوضع الأمني السيئ في الوقت الحالي يعرقل السينمائيين في إنجاز أعمالهم، وكذلك غياب التغطية المالية، لأن كل ما ينتج الآن هو من اجتهادات شخصية للمبدعين العراقيين الذين يسعون رغم المتاعب الكثيرة والمتنوعة الى ترميم ما دمرته الحرب وتقديم صورة حقيقية عن العراق اليوم. - ما هي المواضيع التي يهتم بها أكثر الفيلم العراقي؟ - حال الناس، والحياة الصعبة التي تفرض على المواطن العراقي وما لاحظته في فيلم "كارانتينا" فذلك هو الوضع بصفة عامة الذي يريد كل مخرج عراقي تجسيده في الأفلام لابراز الواقع بدون ماكياج، ونحن لا نريد أن نتواطأ مع أعداء العراق لنترك الوضع على حاله، فكل شيء اليوم يحتاج الى تشريح وتقييم لتجاوز الأزمة التي عصفت بهذا البلد. * نظرتك الى السينما العربية من خلال حضورك لمهرجان وهران ؟ - السينما العربية في تطور كبير هناك أعمال جيدة أبرزها مهرجان الفيلم العربي بوهران وقد تم انتقاؤها بصورة مدروسة وجيدة مما يترك لسان الحال يقول أن مهرجان وهران من أحسن التظاهرات السينمائية العربية من حيث المستوى الفني للأفلام وكذلك التنظيم وأحيطكم علما أنني نلت جائزة في الدورة الأولى لمهرجان وهران عن فيلم "غير صالح" وأحلم بفوز "كارانتينا" * هل تفكرون في الشراكة مع السينمائيين الجزائريين ؟ - بطبيعة الحال كل مخرج يطمح الى توسيع مجال نشاطه والحقيقة أن المشاركة في مثل هذه التظاهرات ينبغي أن تتوج بتسجيل مشاريع تفتح الأبواب للانتشار والشهرة ورواج الأعمال، وهذا حال السينمائيين فمهرجان "كان" و"هوليوود" يعتبران جسورا للمخرجين والممثلين والمنتجين لماذا لا نحذو حذوهم في جعل مهرجاناتنا عبارة عن ورشات لتجسيد مشاريعنا وتحقيق من خلالها أحلامنا.