يريد كبار قادة العالم إعلان الحرب على ارتفاع الأسعار الفلاحية مؤكدين على ضرورة ضبط أسواق المواد الأولية التي تستدعي وضع تنسيق دولي. فقد أدرج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ضبط "أسواق مشتقات المواد الاولية" ضمن أولويات الرئاسة الفرنسية لمجموعة 8. و كلف الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف برئاسة مجموعة عمل حول ضبط أسواق المواد الأولية. ينبغي على هذه المجموعة القيام بعمل مرحلي يستدعي سلسلة من الاجراءات "للوقاية من لااستقرار الأسواق الفلاحية". و تتمحور المرحلة الأولى حول آليات منع العمليات بالتراضي و الحد من مواقف متدخل واحد أو إدراج ودائع الضمان الاجباري. و تتعلق المرحلة الاولى بضرورة ضمان الشفافية على الأسواق بحيث أن المضاربة تتغذى من كثافة المعلومات. و سيعكف المحور الثالث للعمل على تنظيم حوار بين المنتجين و المستهلكين حول الفاو بهدف حمل البلدان التي توقف صادراتها على إطلاع شركائها مسبقا وجعل البلدان الأقل تقدما تستفيد من التوقعات المناخية و الفلاحية التي يستفيد منها فلاحو الشمال. ارتفعت أسعار المواد الغذائية لا سيما الحبوب و السكر. و منذ نهاية شهر جوان ارتفع سعر القمح بنسبة 75 بالمئة في حين ارتفع سعر السكر بمرة و نصف. و هي ارتفاعات تقارب تلك التي سجلت سنة 2008. و قد أحدث الجفاف الذي شهدته روسيا خلال فصل الصيف و الذي أدى إلى تجميد صادراتها لتموين سوقها الداخلية بشكل أولوي توترا على مستوى السوق العالمية للقمح. و يعتبر المحللون بأن هذه السياسة الحمائية تشجع المضاربة من خلال توقيف العرض. بالفعل لقد أحدث القرار الذي اتخذته روسيا تفجيرا للأسعار أثارها مضاربو البورصة. حاليا تشهد كافة المنتوجات الفلاحية ارتفاعات قريبة من تلك التي سجلت في 2008 حيث شهد ما لا يقل عن أربعين بلدا توترات اجتماعية ضد غلاء المعيشة. و يرى بعض المحللين أن تزايد الطلب هو الذي يتسبب في هذه التطورات و ليس ضعف العرض. يؤثر بروز البلدان الناشئة حيث تعرف عادات الاستهلاك تحولا كبيرا لاسيما في الصين و الهند أين تميل القدرة الشرائية إلى الارتفاع على أسعار المواد الأولية. و صرح الباحث الفرنسي نيكولا بريكاس من مركز التعاون الدولي في البحث الفلاحي من أجل التنمية "الطلب ينفجر و يرد السكان اقتناء المزيد و يطالبون بتغذية أحسن بحيث أنهم يصبحون يستهلكون المزيد من اللحوم. و بخصوص الماشية يحتاج المربون إلى زرع المزيد من الأعلاف و هو ما يؤدي إلى رفع أسعار مجمل المواد الغذائية". و تؤكد دراسة نشرها باحثان من صندوق النقد الدولي بداية شهر يناير هذه الأطروحة بحيث أن هذين الأخيرين يؤكدان بأن البلدان الناشئة شكلت بدء من سنة 2000 أهم ارتفاع للطلب العالمي. إذا كانت الظروف المناخية غير المتوقعة تفسر تراجع العرض العالمي لبعض المنتوجات فإن ارتفاع أسعار النفط بالنظر إلى حركية النمو في البلدان الناشئة تزيد من تذبذب الأسعار. و من بين العوامل الأخرى التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية يذكر المحللون و المختصون في المواد الأولية المخاطر المناخية التي يعتبرونها حاسمة فيما يتعلق بتقلبات الأسعار. و يعتبر محللون آخرون بأن المضاربة المالية على مستوى أسواق المواد الأولية تعد السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار. فقد حث الاستثمار في المناجم و الحقول النفطية و كذا تراجع أسعار المنتوجات الفلاحية خلال السنوات الأخيرة في الوقت الذي تفجر فيه الطلب العالمي المستثمرين على الاهتمام أكثر بالمواد الأولية. و انطلاقا من سنة 2004 بدأ المسيرون يستخدمون المواد الاولية كطبقة جديدة للأصول. و من جهة أخرى حثت الأزمة المالية مؤخرا صناديق الاستثمارات على التنازل عن المنتوجات العقارية أو المالية لصالح أسواق المواد الأولية. و بحثا عن فرص لتحقيق الارباح اهتم المضاربون بالمنتوجات الفلاحية لأنها ارتفعت بالدرجة الأولى بسبب اختلال التوازن الهيكلي بين العرض و الطلب. و توج اهتمام المستثمرين الكبير بالمواد الأولية بالتوقيع على عقود مستقبلية كانت تهدف في البداية إلى وقاية المنتجين و المقتنين من خطر تقلب الأسعار. و بالتالي فقد فسحت التغطية الشرعية للخطر المجال لرهانات المضاربة. ينبغي على المتفاوض بين عملية الاقتناء و إعادة البيع الاحتماء من تراجع محتمل للأسعار بحيث أن تذبذب الأسعار يفرض على المتعامل الاحتماء من هوامش الربح الناجمة عن تراجع الأسعار. و لذلك يقوم المتفاوض ببيع عقود مستقبلية على الأسواق المنظمة بلندن أو نيويورك. و قد أثر التهاب أسعار المواد الفلاحية على شركات التجارة الكبيرة للمواد الأولية لا سيما منها الفلاحية. و صرح أوليفيي تومان و هو مسؤول التمويلات المهيكلة في الفرع السويسري "بي أن بي باريبا" و هي إحدى شركات التجارة الكبيرة المستقرة بجنيف لجريدة لوموند يقول "نحن في الاقتصاد الحقيقي. انه نشاط نبيل و غير سطحي". و يسجل المختصون بأن عدة فضائح شوهت صورة هذا المجال معتبرين بأن غياب الضبط في هذا المجال يشجع غموض الصفقات.