يرى العديد من الفنانين ورجال الثقافة أن تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية تعتبر واجهة للتراث الثقافي الوطني وفضاءا رحبا للحوار والتبادل الفكري والثقافي. وفي هذا الصدد وفي لقاء مع (وأج) يعتبر الأستاذ الجامعي الدكتور علي حكمت صاري الذي هو الأمين العام الأسبق لاتحاد الزوايا بالجزائر أن هذه التظاهرة تعد "تتويجا لمشوار طويل من الجهود الكبيرة المبذولة" منها تلك المتعلقة بنشر مؤلفات من شأنها اماطة اللثام عن شخصيات من الثقافة الوطنية. وأضاف نفس المتحدث أن انجاز منشآت ثقافية ضخمة ومخابر للبحوث وتجنيد الكفاءات الوطنية في اطار هذه التظاهرة " يعد بمستقبل واعد ويدفع بديناميكية متواصلة للمشهد الثقافي والحضاري للجزائر". ومن جهته اعتبر الدكتور بن عيشة عمر وهو مفتش بوزارة الثقافة مكلف بالتراث المادي وغير المادي أن تنظيم هذه التظاهرة "قد خضع لدفتر شروط حددته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)" التي تبرمج كل سنة عواصم الثقافة الإسلامية على المستوى الإفريقي والأسيوي والعربي "حسب مقاييس صارمة". وأكد أن تلمسان قد نالت هذا الشرف باعتبارها تزخر بالعديد من المعالم التاريخية والأثرية النفيسة التي يرجع تاريخها إلى العهود الذهبية من الحضارة العربية الإسلامية. و أبرز نفس المصدر أن برنامج ترميم التراث الثقافي المادي لمدينة تلمسان قد شمل 97 مشروعا أو موقعا موزعا على مستوى عاصمة الزيانيين مثل المباني العتيقة والأحياء الشعبية القديمة التي تتضمن المساجد الصغيرة والحمامات والأفران والأضرحة والمدارس القرآنية بالإضافة إلى إعادة تشكيل بعض المعالم مثل القصر الملكي بالمشور العتيق الشيء الذي يؤهل تلمسان لتتبوآ مكانة هامة في المشروع الحضاري الذي ترعاه نفس المنظمة الإسلامية. أما الدكتور نصر الدين بغدادي الذي هو مدير الأرشيف بالإذاعة الوطنية فأشار أن ما تحقق على مستوى مدينة تلمسان من ترميمات وتشييد مرافق ثقافية وعلمية ودينية جديدة "هو في حد ذاته مكسب وطني ينبغي تدعيمه" لمواصلة الجهود لتعزيز المشهد الثقافي الوطني مضيفا أن هذه السنة "فرصة مواتية للنخبة المثقفة لابراز الموروث الثقافي الوطني" للضيوف الوافدين من مختلف البلدان من أجل اثبات الوجود على الساحة العالمية. وبدورها أوضحت السيدة حنكور حليمة مديرة الثقافة لولاية مستغانم أن هذه التظاهرة تشكل مناسبة للمشاركين الجزائريين والأجانب للوقوف على المجهودات التي بذلها قطاع الثقافة "خاصة في مجال حماية التراث المادي وعرضه في أحسن شكل". كما ثمن الممثل الجزائري حسن بن زازاي هذه المبادرة التي تجعل الجزائر التي وصفها ب"الؤلؤة" وجهة مفضلة للسياح تدعوهم لاكتشاف الكنوز الثقافية والتراثية التي تخزر بها عاصمة الزيانيين. أما الأستاذ سيد أحمد سري عميد الأغنية الأندلسية فقد ذكر بهذه المناسبة بالموروث الموسيقي الوطني المتنوع الذي "ينبغي حمايته من التشويه والتحريف وتقديمه للعالم في طابعه الأصلي". وأبدت من جهتها الممثلة القديرة باهية راشدي تفاءلها بهذه التظاهرة التي سوف يعرض خلالها 35 فيلما وشريطا وثائقيا حول شتى المواضيع ذات الصلة بتاريخ تراث وفن وثقافة تلمسان. وأضافت أن هذه المناسبة ستدفع المبدعين السينمائيين خصوصا منهم الشباب إلى الاحتكاك مع نظرائهم من العالم الاسلامي من أجل تبادل الخبرات والخروج بانتجات جديدة مبتكرة. وللتذكير فقد أعطيت اشارة انطلاق المرحلة الوطنية لهذه التظاهرة أمس الثلاثاء بتلمسان تزامنا مع احياء ذكرى المولد النبوي الشريف وهذا بحضور وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي والعديد من المثقفين والفنانين.