تواصلت في ليبيا لليوم التاسع على التوالي المظاهرات المصحوبة بأعمال العنف مما خلف المزيد من الضحايا في الوقت الذي تتوالى فيه النداءات الداعية إلى تحكيم العقل ووقف الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين العزل. وأعربت المعارضة الليبية عن قلقها من الوضع في طرابلس العاصمة في ظل شح المعلومات الواردة من هناك والتلويح ب"الانتقام" من المتظاهرين. في حين تناقلت وسائل الإعلام اليوم صورا للمتظاهرين في مدن طبرق وبنغازي والبيضاء الواقعة شرق ليبيا وهم "يحتفلون" بعد أن أصبحت هذه المدن حسب شهود عيان "خارج سيطرة" قوات الامن الليبية. وكان وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني قد اكد في تصريح أوردته وسائل الاعلام أن مدن شرق ليبيا "أصبحت خارج السيطرة " الا أن وزارة الخارجية الليبية قد وصفت هذه المعلومات ب "الخاطئة والمدسوسة" واعتبرتها تأتي "تنفيذا لمخطط خطير يستهدف الجماهيرية العظمى ووحدة أراضيها". وفي بيان للوزارة الليبية نشرته الليلة الماضية اعتبرت ما حدث في المنطقة الشرقية " يهدد الوحدة الوطنية لليبيا". واشارت الى انه تم إلقاء القبض على عدد كبير من الأشخاص من جنسيات أجنبية مختلفة "يحرضون على إثارة الشغب والفوضى بهدف المساس بالوحدة الوطنية". وحسب نفس المصدر فانه تأكد أن " هدف هذه المجموعات وزعيم تنظيم القاعدة هو إقامة مركز لهذا التنظيم في ليبيا". وعلى صعيد آخر، أعلن في ليبيا عن تشكيل لجنة قضائية مستقلة للتحقيق في الاحداث تتكون من ستة قضاة على ان يكون لها الحق في الاستعانة بخبراء من الداخل والخارج وتعيين مراقب من الاتحاد الاوروبي لمتابعة عملها. وتلقى تطورات الوضع الخطير في ليبيا ردود فعل اقليمية ودولية. فعلى الصعيد الافريقي قرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي اليوم إرسال بعثة إلى ليبيا "لجمع معلومات على الأرض" وإجراء مناقشات مع كل الأطراف بهدف تقييم الموقف هناك. وأكد المجلس خلال اجتماع عقده لبحث الوضع في ليبيا على أهمية احترام وحدة هذا البلد وسلامة أراضيه ودعا كل الأطراف إلى ضبط النفس لمنع أي تزايد في الخسائر في الأرواح والممتلكات. وكان مجلس الامن الدولى قد دعا امس الى "الوقف الفورى" لاعمال العنف فى ليبيا داعيا السلطات هناك الى تحمل مسؤوليتها وحماية الشعب. كما أعلنت الجامعة العربية عن تعليق مشاركة ليبيا في اجتماعات الهيئة العربية والمنظمات التابعة لها على خلفية تطورات الوضع في هذا البلد. ومن جهته، قال رئيس البرلمان الاوروبي جيري بزيك في تعليقه على معلومات حول قصف المتظاهرين بالطائرات الحربية أن العقيد معمر القذافي ونظامه " فقدا كل شرعية متبقية لهما" واصفا استخدام "القوة الحربية" ضد المتظاهرين المطالبين بسقوط النظام في ليبيا بأنه "وحشي غير إنساني". وكان الاتحاد الأوروبي قد طلب عقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة لبحث تطورات الوضع في ليبيا من المتوقع ان تلتئم يوم الجمعة المقبل بجنيف. ويذكر ان الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد انتخبت السنة الماضية ليبيا عضوا في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة. ومن جهته، أعرب وزير الشؤون الخارجية، مدلسي عن امله في أن يتجاوز الشعب الليبي وكل المسؤولين في هذا البلد الازمة التي تمر بها هذا الدولة "الشقيقية والجار" في أقرب وقت ممكن. وعبر السيد مدلسي في تصريح لقناة "فرانس 24 " بث اليوم عن امله في ان "تعطي هذه الازمة القوة والجهد لكل ليبي ومسؤول ليبي حتى يتم تجاوزها في أقرب وقت ممكن". كما دعت الحكومة السودانية القيادة الليبية الى تحكيم العقل والتحلي بالحكمة وضبط النفس وحقن الدماء بما يحقق تطلعات الشعب الليبي في السلام والأمن والاستقرار. وعبرت وزارة الخارجية السودانية عن "بالغ انزعاجها وقلقها" مما تردد من أنباء بشأن إضطراد وتفاقم حوادث العنف ضد المدنيين بصورة مؤسفة في ليبيا. وفي مصر دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأطراف الليبية (حكومة وشعبا) إلى "العمل سريعا" على حقن الدماء ومنع سقوط المزيد من الضحايا. وعبرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الموريتانية من جهتها عن "قلقها وإنشغالها الكبيرين" مما تشهده ليبيا الشقيقة منذ أيام من أعمال قتل وإراقة دماء". وطالبت الحكومة الموريتانية "بوضع حد فوري للاستخدام المفرط للقوة" داعية " كافة الأطراف إلى ضبط النفس وتحكيم العقل وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يشهدها البلد". كما أعرب مجلس الامة الكويتي عن "القلق البالغ" ازاء الاحداث الدامية التي تشهدها ليبيا حاليا داعيا في الوقت ذاته القيادة الليبية الى " الاستجابة الى منطق العقل والحكمة وعدم استخدام القوة ضد الشعب الاعزل والمدنيين الابرياء حقنا للدماء وحفاظا على وحدة البلاد واستقرارها". وطالبت ايطاليا من جهتها بوقف "حمام الدم "الذي يتعرض له المدنيون في ليبيا والذين خلف بأكثر من ألف قتيل. وقال وزيرها للخارجية فرانكو فراتيني اليوم "لا يمكننا عدم رفع صوتنا أمام ما يحدث الآن والذي تجاوز الحد" مؤكدا ان ايطاليا ستتحد مع أوروبا في تقييم اتخاذ "مزيد من الاجراءات المناسبة حيال ليبيا". واعتبر "ان تهديدات القذافي وافصاحه عن الرغبة في ضرب شعبه تزيد الأمور جسامة وتؤدي الى أوضاع حرب أهلية بين مناطق وأقاليم..." وفي باريس اكد مسؤولون فرنسيون ان أعمال العنف في ليبيا ضد المتظاهرين بلغت "حدا مرعبا". وقال رئيس الوزراء الفرنسى فرنسوا فيون بأنه "ليس هناك أبدا ما يبرر اللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين الذين يعبرون فقط عن تطلعهم إلى مستقبل أفضل". وطالب فيون الوقف الفورى لأعمال العنف, داعيا إلى ضمان حق التظاهر السلمى بكل أمان, وإلى الاستماع لصوت وتطلعات الشعب الليبى إلى الديمقراطية.