كثفت الأممالمتحدة جهودها وكذا المجتمع الدولي قصد التحكم في الوضع المتأزم في ليبيا والسعي لحماية حقوق الإنسان ومنع تصاعد الأزمة التي تسببت في وقوع عشرات القتلى وسط المتظاهرين والمدنيين. وفي هذا السياق بدأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم جلسة طارئة تعد المرة الأولى التي تعقد فيها الدول 47 الأعضاء في المجلس جلسة خاصة لمناقشة تطورات الأوضاع في إحدى الدول الأعضاء به. ويدين مشروع القرار الذي يتوقع أن يتخذه أعضاء المجلس 47 الذين تمت دعوتهم إلى الاجتماع بمبادرة من الاتحاد الأوروبي"الانتهاكات الكبيرة والمنهجية" لحقوق الانسان في ليبيا منها الهجمات المسلحة على المدنيين ويطالب بتعليق عضوية ليبيا في المجلس. كما يطالب مشروع القرار بان تزور لجنة تحقيق مستقلة تقودها الاممالمتحدة ليبيا لاحصاء اعمال العنف التي يمكن ان تعتبر "جرائم ضد الانسانية". ويدعو السلطات الليبية إلى "احترام ارادة الشعب" وتطلعاته. وقد أعلنت وزارة الخارجية الاميركية أمس الخميس ان الولاياتالمتحدة تامل في طرد ليبيا من مجلس حقوق الانسان بعد الانتهاكات لحقوق الانسان التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد النظام الليبي. وبشأن الوضع المتدهور في ليبيا أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون اليوم أن الاتحاد سيتخذ سريعا "إجراءات تتضمن قيودا" لإخراج ليبيا من الوضع المتأزم الذي تشهده. وقالت اشتون لدى وصولها إلى اجتماع لوزراء الدفاع الأوروبيين في مدينة "غودولو" بالمجر أنه "حان الوقت لدراسة امكانية فرض قيود (تطال المسؤولين الليبيين) لنقوم بكل ما في وسعنا لممارسة ضغوط كبيرة وقف العنف في ليبيا ". وأضافت " هذا ما سيدرسه سريعا الوزراء " وممثلو الدول الأعضاء في اللجنة السياسية والامنية في غودولو (على بعد 30 كلم شرق بودابست). موضحة أن ما تعنيه بهذه التدابير هو عقوبات مثل " فرض قيود على السفر وتجميد أرصدة " المسؤولين الليبيين. وقالت أن "أحدا لا يتحدث في الوقت الراهن عن عمل عسكري" ضد ليبيا. ويجتمع أيضا مجلس الأمن الدولي مساء اليوم لبحث مشروع قرار ينص على "حظر تام على الاسلحة" و"عقوبات" و"الاحالة على المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية".ويأتي مشروع القرار الذي عرضته فرنسا وبريطانيا على مجلس الامن الدولي للوضع الخطير الذي تشهده ليبيا خاصة من جانب حقوق الإنسان. كما يعتزم حلف شمال الأطلسي (الناتو) عقد اجتماع عاجل في وقت لاحق اليوم في بروكسل لمناقشة الأوضاع المتدهورة في ليبيا. وقد دعا الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن اليوم إلى هذا الاجتماع والذي يضم سفراء الدول 28 الحليفة "بهدف التباحث حول ليبيا". معتبرا "ان الوضع في ليبيا مقلق جدا. وبامكان الحلف أن يتحرك لتسهيل اي خطوة لاعضائه وتنسيقها في حال وحين يتقرر ذلك". مع العلم ان 21 من الدول الاعضاء 28 في الحلف هم اعضاء في الاتحاد الأوروبي. وعلى المستوى الدولي أيضا بحث الرئيس الأمريكى باراك أوباما الوضع فى ليبيا ليلة أمس الخميس خلال ثلاث مكالمات هاتفية منفصلة مع كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني. وقال البيت الابيض فى بيان صحفي إن هذه الاتصالات تأتي فى إطار المشاورات بشأن الوضع في ليبيا وتنسيق الجهود العأجلة للاستجابة للتطورات وضمان المساءلة والمحاسبة المناسبة عما يحدث هناك. وأعرب أوباما عن "قلقه العميق لاستخدام القوة من جانب الحكومة الليبية مما يشكل انتهاكا للمعايير الدولية وجميع المعايير والقيم الإنسانية السوية" وناقش السبل المناسبة والفعالة للاستجابة الفورية لهذا الوضع من جانب المجتمع الدولي. وأكد القادة الثلاث دعمهم القوى لحقوق الشعب الليبي, بما في ذلك الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير, وقدرة الشعب الليبي على تقرير مصيره بنفسه وأجمعوا على ضرورة احترام هذه الحقوق. وعلى صعيد متصل نقلت صحيفة "ديلى تيلغراف" البريطانية اليوم أن أصول الزعيم الليبى معمر القذافى سوف تسيطر عليها بريطانيا فى غضون أيام حيث شكلت وزارة الخزانة البريطانية وحدة لتعقب هذه الأصول المقدرة بمليارات الدولارات ومودعة فى حسابات بنكية ووحدات عقارية تجارية وقصر قيمته 10 ملايين جنيه أسترليني فى لندن. وذكرت الصحيفة أنه يتوقع تجميدها فى إطار الجهود الدولية للضغط على الزعيم الليبي للتنازل عن السلطة. كما أعلنت سويسرا امس الخميس تجميد جميع الأصول التي تعود إلى الزعيم الليبي معمر القذافي ومحيطه. وذكر بيان لوزارة الخارجية السويسرية ان هذا القرار سيدخل فورا حيز التنفيذ ويستهدف "إستباق أي إساءة في استخدام أموال الدولة". وقد أثار الوضع المتأزم منذ أسبوع في ليبيا قلق وانشغال المجتمع الدولي الذي أجمع على ادانة استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمدنيين والتي أدت إلى وقوع عشرات القتلى وفرار الاف الاشخاص من ليبيا حيث تتواصل الاحتجاجات الشعبية المنددة بالنظام. وبشأن التحقيق في الأحداث المؤلمة التي تشهدها بعض المدن الليبية أعلنت أمانة مؤتمر الشعب العام في ليبيا (أعلى هيئة تشريعية البلاد) تشكيل "لجنة قضائية مستقلة" للتحقيق في هذه الأحداث. وأفادت أمانة مؤتمر الشعب العام إن هذه اللجنة القضائية مستقلة ومكلفة بالتحقيق في الأحداث التي تشهدها بعض المدن مشيرة إلى أنها تضم مستشارين من المحكمة العليا وغرف الاستئناف والمحاكم الابتدائية وهي مخولة بالاستعانة بمن ترى من المختصين والخبراء من الداخل والخارج من أجل أداء مهامها.