القاهرة - أصبح السلاح في الآونة الأخيرة في مصر سلعة أساسية احتلت مكانتها على قائمة احتياجات الأسر باعتباره "هو الأمن" وتعد ليبيا حاليا أكبر الموردين للسوق وان كانت بعض القطع تأتي من إسرائيل وهي أما صناعة أمريكية أو إسرائيلية. بهذه العبارات تحدث أحد التجار سلاح في مصر خلال تحقيق مطول قامت به صحيفة (الأهرام) الحكومية عن رواج تداول السلاح في الوقت الذي تشير فيه التقارير الدولية إلى وجود ما يقرب من2 مليون قطعة سلاح شخصى بين أيدي المصريين منها حوالي 130 ألف مرخص بينما معدل امتلاكه يصل إلى 35 شخصا لكل ألف مواطن. وقد انتهى التحقيق إلى انه يمكن الحصول بسهولة على أي قطعة سلاح ربما في أقل من24 ساعة بدءا من الاربي جي وصولا إلى أصغر طبنجة (مسدس) محلية الصنع. وأكد مصدر أمنى أن حوالي 10 آلاف قطعة مابين سلاح ومسدس تمت سرقتها خلال أحداث جانفي الماضي حيث تم استرجاع حوالي 2900 قطعة اغلبها تم ضبطها مع المتهمين. وكانت القوات المسلحة قد دعت جميع المواطنين الذين بحوزتهم أسلحة أو ذخائر إلى سرعة تسليمها طواعية إلى أقرب وحدة عسكرية أو لإدارة الشرطة العسكرية وذلك خلال فترة أقصاها 30 جوان الجاري دون تحمل أي مسؤولية قانونية. وتجيز التشريعات المصرية للأشخاص حيازة وإحراز الأسلحة الصغيرة من المسدسات والبنادق بشرط الحصول على ترخيص من السلطة المختصة بينما حظرت على الأشخاص حيازة أو إحراز الأسلحة الخفيفة الرشاشات والمدافع والأسلحة الحربية الدفاعية والهجومية. كما تجيز للأفراد والشركات الاتجار في الأسلحة الصغيرة الفردية كالبنادق والمسدسات بشرط الحصول على ترخيص من السلطة المختصة. ووضعت شروطا لحمل السلاح ومنها الأهلية الكاملة وسن الأهلية هو21 عاما واللياقة البدنية والنفسية وأن يكون من مواطني الدولة. وعزا تجار الأسلحة الإقبال على اقتناء السلاح إلى الظروف الخاصة التي تعيشها البلاد " فالكل يريد حماية نفسه وبيته وعمله والمحلات المرخص لها بالبيع لا تستطيع أن تقدم السلاح إلا بإذن رسمي ولمن يملك رخصة والأمن كان غير موجود... الناس كلها بدأت تبحث عن السلاح " يقول أحدهم الذي عرف باسم (الحاج ر)". ولاحظ أن إقبال فئات معينة على الشراء وبكميات كبيرة أثر على سوق السلاح ورفعت فعلا سعره وجعلت السوق متعطشا لأي قطعة تأتي سواء من الجنوب أو الغرب ويقصد السودان وليبيا. وقال انه إذا "كان السودان الآن لا يوفر الكثير حيث أن الحرب انتهت ومعظم الأسلحة تم التعامل معها وسحبها فلم تعد هناك نفس الكميات التي كانت في السابق لولا ما حدث في ليبيا لكان اشتعال أسعار السلاح أكثر والان تعتبر ليبيا هي اكبر الموردين للسوق ...". ويرى أحد تجار التجزئة (س) ممن يتعاملون مباشرة مع الجمهور في حي مزدحم حيث أكثر مناطق القاهرة عشوائية وخطورة ان راغبي الشراء قد زادوا تماما بعد الثورة وتغيرت نوعيتهم فلم يعد راغبو الاقتناء من التجار او اصحاب المحلات والمصانع بل ايضا المواطنون العاديون ممن يرغبون في قطعة سلاح للحماية الشخصية بالنظر إلى الانفلات الامني التي تعرفه مصر. وقد اصبح السلاح في الاحياء الشعبية أمان للبسطاء وقوة للبلطجية وصانع التجار الجدد. وبالفعل فقد ارتفعت اسعار قطع الاسلحة خاصة في السوق السوداء حيث نشرت في المدة الاخيرة مجلة "روز اليوسف" الحكومية تحقيقا عن تداول السلاح من مختلف انواعها الروسي والشيشاني والامريكي. و أشارت إلى ان طبنجة (مسدس) 9 مم و 8 مم بانواعها المتعددة التي كانت اسعارها تتراوح بين 3000 و 3500 جنيه ارتفعت واصبح لكل نوع ثمنه واغلاها مسدس سيمس الذي يباع ب35000 جنيه (حوالي 6 الاف دولار) والمسدس الايطالي ب12000 (أكثر من 2000 دولار). ويبلغ سعر الار .بي. جي ذو الاربعة ماسورة ويسمى الرباعي 180 الف جنيه (أكثر من 30 الف دولار) . وهذا السلاح تستخدمه العائلات الكبيرة في الصعيد ويتم استخدامه بوضعه على السيارات نصف نقل. ويرى العارفون بتجارة الاسلحة ان التاجر يخزن اسلحته دائما تحت الارض حيث يتم تجهيز المخازن في حجرات مبنية تحت الارض او في مغارات جبلية كما هو الشان في الصعيد ولا يمكن الوصول لمداخلها الا للرجال المقربين من التاجر الذين يتولون عرض البضائع على تجار التجزئة وهم الوحيدون المسموح لهم بالاقتراب من تلك الاماكن التي غالبا ما تكون مزارع او مناطق جبلية. ومحاولة حصر وتحديد الاسماء الكبيرة في تجارة السلاح تبدو وكأنها محاولة لعد النجوم في السماء رغم وضوحها الا انها دوما تحمل خلافا حول عددهم الحقيقي حسب ما جاء في التحقيق فمن بين العشرين اسما التي يردد الكثيرون انها تتحكم في عالم هذه التجارة "الخطيرة " وبين ما يزيد عن خمسين اسما كما يردد رجال الامن تبدو دائما قائمة الكبار مفتوحة لاسماء جديدة دخولا وخروجا ووسط حالة الانفلات التي تعيشها البلاد الان. غير انه من الصعب جدا في الكثير من الاحيان تحديد التاجر الحقيقي الذي يدير العمليات فغالبا ما يكون له رجال هم من يقومون بتلك الادوار ومن المستحيل اثبات الجريمة. واعترف اللواء احمد جمال مدير مصلحة الامن العام ان السلطات الامنية في "ورطة حقيقية بالنسبة للتجار فهم اشخاص صعب جدا ضبطهم متلبسين رغم اننا نعرفهم بالاسم" مشيرا إلى ان" كل تجار السلاح خارج السجون ويعملون ولا نملك محاكمتهم الا من يضبط متلبسا ". فهم يستخدون شبكة اتصلات ك"الثريا" ولدهم سيارات وطرق ربما لاتتوافر سوى لقوات الجيش. وأضاف أن اجراءات خاصة اتخذتها السلطات الامنية في مصر على مناطق ومنافذ السلاح من ليبيا حيث تم منذ حوالي أسبوع ضبط أكثر من 32 الف من الذخيرة الحية بخلاف ما يزيد عن ثمانية اطنان من المخدرات مؤكدا ان هناك علاقة وثيقة بين المخدرات والسلاح.