اختتم وزير الداخلية الليبي، فوزي عبد العال، مساء يوم الأربعاء زيارته للجزائر التي دامت يومين و التي توجت بإتفاق البلدين على تنظيم دوريات متوازية للمراقبة الحدودية و تكثيف تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية للبلدين. وتضمن محضر المحادثات الذي كلل زيارة وزير الداخلية الليبي الإتفاق على تنظيم دوريات متوازية للمراقبة الحدودية و تفعيل نقاط هذه المراقبة و تكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية المختصة لضمان التعامل مع المستجدات و حل الإشكالات الآنية بالسرعة المطلوبة. واقترح الجانب الجزائري مشروع بروتوكول اتفاق يتضمن انشاء لجنة ثنائية حدودية مشتركة تعنى بتوسيع و تنويع مجالات التعاون بين البلدين في مختلف الميادين خاصة الأمن و تنمية المناطق الحدودية حيث وعد الجانب الليبي بدراسة المشروع و الرد عليه عبر القنوات الديبلوماسية في أقرب وقت ممكن. كما اتفق الطرفان على تفعيل توصيات الإجتماع الثاني للجنة الأمنية المشتركة المنعقد بالجزائر شهر فيفري المنصرم فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة العابرة للأوطان خاصة في الجوانب ذات الصلة بانتشار و الإتجار غير المشروع بالأسلحة والذخائر والمخدرات و المؤثرات العقلية إضافة إلى مكافحة تهريب المهاجرين والهجرة غير الشرعية والتهريب بشتى أشكاله. ففيما يتعلق بموضوع الهجرة غير الشرعية تم الاتفاق على تنسيق المواقف على مستوى المنظمات الإقليمية و الدولية و ضرورة وفاء الإتحاد الأوروبي و المنظمات الدولية المختصة بالتزاماتها فيما يخص التكفل بمكافحة هذه الظاهرة و الحد منها لا سيما انشاء صندوق لدعم التنمية المستدامة في دول المصدر قصد توفير الظروف الملائمة للاستقرار. أما في مجال التدريب و التكوين فقد أكد البلدين إمكانية التعاون بينهما من خلال وضع الجزائر لخبراتها تحت تصرف الجانب الليبي في مجالات متعددة كالتكوين في مجال الشرطة القضائية والأمن العمومي و حفظ النظام و شرطة الحدود و التقنيات الأمنية و إعداد الإطارات علاوة على تكوين المكونين و إعداد المدربين. وفي هذا المسعى، سيتم وضع خطة للتكفل بهذا الشق على مستوى المؤسسات التكوينية المختلفة بالجزائر في إطار مساعدة الجانب الليبي في جهوده الرامية لهيكلة أجهزته الأمنية و بناء مؤسسات الدولة من خلال إيفاد فريق من الخبراء الجزائريين الى ليبيا للإطلاع عن كثب على متطلبات المرحلة و تقييم الإحتياجات وتأهيل المؤسسات التدريبية. ومن جهة أخرى، تم الإتفاق على تسهيل إجراءات تنقل الأشخاص بين البلدين حيث دعت الجزائر ليبيا الى إلغاء تأشيرة الدخول المفروضة على مواطنيها و استئناف الرحلات الجوية بين البلدين. كما جدد الجانب الجزائري إلتزامه بعدم السماح لأفراد عائلة القذافي المتواجدين على التراب الجزائري بالإساءة الى ليبيا أو المساس بأمنها و استقرارها. وكان وزير الداخلية و الجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية قد أكد خلال المحادثات التي جمعته مع نظيره الليبي أمس الثلاثاء استعداد الجزائر للتعاون مع ليبيا في كل الميادين التي من شأنها أن تساهم في تعزيز مراقبة و تأمين الحدود المشتركة من كل اختراق. واقترح السيد ولد قابلية في هذا الإطار مشروع بروتوكول-إتفاق يتضمن إحداث اللجنة الثنائية الحدودية الجزائرية- الليبية و الذي من شأنه توسيع مجالات التعاون الثنائي بين وزارتي الداخلية لكلا البلدين في مختلف مجالات الإختصاص من أجل تدعيم التعاون الحدودي في إطار تصور شامل يغطي المسائل الأمنية و مسائل تنمية المناطق الحدودية. كما ذكر السيد ولد قابلية بالتدابير الأمنية الصارمة التي تبنتها الجزائر عن طريق تسخير الوسائل البشرية و المادية و اللوجستيكية لضمان حماية الحدود البرية الجزائرية- الليبية ضد كل المحاولات الرامية لاستعمالها كممر لتهريب الأسلحة أو تنقل الجماعات الإرهابية و ذلك منذ انطلاق الثورة الليبية. واعتبر الوزير أن التعاون العملياتي الثنائي من شأنه السماح بتجسيد "شريط حدودي آمن لفائدة مواطني البلدين خاصة سكان المناطق الحدودية" و هو الأمر الذي يتأتى من خلال تدعيم المراكز الحدودية للبلدين بالوسائل المادية و البشرية إلى جانب تنظيم دوريات مراقبة منتظمة و منسقة و تفعيل نقاط الاتصال بين المصالح الأمنية على المستويين المحلي و المركزي. وأشار وزير الداخلية إلى أن لقاءه بنظيره الليبي و الذي يأتي عقب أيام من أشغال المؤتمر الوزاري الإقليمي حول أمن الحدود الذي نظمته ليبيا يومي 11 و 12 من الشهر الجاري يعد فرصة سانحة لتجديد التواصل بين البلدين الشقيقين لإرساء علاقات التعاون الثنائي و رسم معالمها إدراكا بوحدة المصير الذي يفرضه الجوار و المصالح المشتركة. ومن جانبه، أكد وزير الداخلية الليبي أن توحيد الجهود الجزائرية الليبية سيشكل عامل استقرار في المنطقة وسيكون له آثار إيجابية على السلام في الإقليم والعالم أجمع ليشدد على أهمية "بذل الجهود اللازمة لتوحيد الكلمة في المحافل الدولية بما يخدم أمن البلدين على الصعيدين الإقليمي و الدولي. كما أوضح أن السياسة الجديدة التي تنتهجها ليبيا تقوم على الثقة والتعاون والتبادل المشترك معربا عن ثقته في النوايا الجزائرية تجاه بلاده. وتوقع السيد فوزي عبد العال فتح آفاق تعاون جديدة بين الجزائر و بلاده في المجالات الأمنية و الإقتصادية و غيرها لافتا إلى أن ليبيا "ستكون متعاونة مع كل الدول المحيطة بها في مساعيها الرامية إلى السلم و نبذ الإرهاب". كما أبدى استعداد بلاده للعمل بكل جد خدمة للمصالح المشتركة في المغرب العربي مؤكدا أن ليبيا تقدم كل ما تستطيعه لتجسيد التعاون ودراسة المقترحات المقدمة من قبل الجزائر وكذا تفعيل كل الاتفاقيات المقدمة. وتجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية الليبي كان قد استقبل خلال زيارته إلى الجزائر من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة حيث نوه في تصريح أدلى به عقب ذلك بالعلاقات "المتينة و الضاربة في القدم" التي تجمع بين البلدين و التي "لا يمكن أن تتزعزع بأي حال من الأحوال". كما كانت للسيد فوزي عبد العال عدة محطات خلال تواجده بالجزائر حيث قام بزيارة المدرسة العليا للشرطة العقيد علي-تونسي و مخبر الشرطة العلمية والتقنية إضافة إلى مديرية الوحدات الجمهورية للأمن الوطني بالحميزو المعهد الوطني للأدلة الجنائية و علم الإجرام للدرك الوطني ببوشاوي.