السيدة فريدة زروقي نموذج عن كثيرات رفضن واقعهن كأميات فقررت ولوج رحاب العلم بالانتساب إلى ملحقة الديوان الوطني لمحو الأمية و تعليم الكبار بالجزائر العاصمة قبل ثلاث سنوات بإيعاز من جاراتها. فريدة واحدة من أصل 12 امرأة من أعمار وفئات اجتماعية مختلفة يزاولن تعليمهن بأحد أقسام محو الأمية وحفظ القرآن بالأبيار حيث تشرف عليهن معلمات تحرصن على مساعدتهن لتعلم الكتابة والقراءة والانتهال من مختلف العلوم. وضع السيدة فريدة اليوم ليس كالأمس فرغم بلوغها عقدها السادس إلا أنها رفعت التحدي بإرادة فولاذية مكنتها من تعلم أشياء كثيرة كانت تجهلها كما صار بمقدورها الكتابة بخط واضح وجميل و قراءة الكتاب الكريم وهو هدفها الأساسي الذي دفعها وحمسها للمواظبة على الذهاب لدروس محو الأمية للانعتاق من براثن الجهل. وأعربت السيدة فريدة لواج عن غبطتها وسعادتها لتمكنها من خط الأحرف و قراءة القرآن بطلاقة مشيرة إلى أن جل المنتسبين إلى أقسام محو الأمية بالأبيار من كبار السن الذين زاروا البقاع المقدسة و رجعوا بحرقة العلم والتعلم قصد مذاكرة الكتاب الحكيم. وسردت فريدة قصتها قائلة أنها التحقت بصفوف محو الأمية بعد أن سمعت عن الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية و تعليم الكبار التي رسمت هذه السنة عامها السادس من التنفيذ. وأضافت أنها لقيت الدعم من أبنائها الذين يذاكرون معها دروسها في جو تداخلت فيه الأجيال وامتد فيه جسر التواصل لبلوغ هدف واحد هو تحصيل العلم و المعرفة. وهي اليوم تبعث برسالة لكل من لم يحالفه الحظ في التعلم بأن يقصد منابر العلم التي من شأنها فتح آفاق واسعة لفئة تتطلع لشعار"العلم نور و الجهل ظلام" وخوض غمار المعرفة سعيا وراء خفض نسبة الأمية بالجزائر والتي تعرف تراجعا ملحوظا. فحسب تقديرات الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار يرتقب أن تصل النسبة إلى 18 بالمائة في غضون السنة المقبلة بعدما كانت غداة الاستقلال 85 بالمائة. وتعتبر أقسام محو الأمية بالأبيار -التي تشهد إقبالا "مشجعا" من طرف من لم يسعفهم الحظ في التعلم في سن مبكرة -عينة نموذجية لواقع يجسد معنى التحدي الحقيقي لبلوغ أهداف نبيلة. ويبقى تحدي آخر امام من تغلب على الأمية الأبجدية وهو التغلب عن الأمية التقنية أو التكنولوجية المتمثلة في ضعف القدرة على التعامل مع تقنيات التكنولوجيات الحديثة والتكيف معها سيما ما يتعلق بتقنيات الإعلام الآلي والمعلوماتية والاتصالات التي أضحت اليوم من سمات العالم الرقمي والذي تحتاج الجاهزية فيه إلى ممارسة منتظمة و تكوين تختلف طرقه و مناهجه عن التكوين التقليدي.