اثبت مهرجان وهران للفيلم العربي الذي أسدل الستار عنه سهرة أمس السبت من جديد تمسكه بالأهداف المنوطة به منذ تأسيسه و المتمثلة في بعث و ترقية الإنتاج السينمائي العربي، حسب ما أشار اليه مختصون. وتشكل الجوائز الممنوحة لمختلف فئات الأفلام المتنافسة في هذه الطبعة "مؤشرا قويا على هذا المسعى المشجع للتعبير الحر "لسينمائيين و فنانين يحملون هموم و تطلعات المجتمعات العربية-كما أوضحوا. وذكر أعضاء الوفد المصري المشارك في هذه الطبعة من جهتهم أن هذه التظاهرة الثقافية و الفنية هي "أفضل فرصة لتقارب الشعوب العربية" مشيرين أن مهرجان وهران هو "الوحيد الذي يهتم بالسينما و الأفلام العربية لوحدها". وقد طغت مواضيع "التطلع إلى حياة أفضل" و "النزوح" و "الهجرة" و "الحنين إلى الوطن" و "المنفى" التي تعكس معاناة الفلسطينيين المهجرين من أراضيهم من طرف قوات الإحتلال الإسرائيلي على محتويات معظم الأفلام المعروضة في هذا المهرجان. كما تناولت أفلام هذه الطبعة لمهرجان وهران ظروف المعيشة بالبلدان العربية التي تشهد صراعات و تحولات مثل سوريا التي لم يتوقف النشاط الفني بها على الرغم من الأحداث الجارية بها كما أشار الى ذلك المخرج السوري غسان شميت مضيفا أن الفنانين في هذا البلد يبدلون قصارى جهدهم لمواصلة نشاطهم. و تم أيضا إبراز نضال و كفاح الشعب الجزائري خلال الفترة الإستعمارية من خلال عدد من الأفلام المعروضة خارج المنافسة خلال هذه الطبعة المتزامنة مع الإحتفال بالذكرى الخمسين للإستقلال الوطني. و سوف يحتفظ جمهور وهران أيضا في ذاكرته بالانطباع الذي ولده لديه الفيلم الفلسطيني "لما شوفتك " للمخرجة آن ماري جاسر الذي يتحدث عن الأمل الذي يتمسك به اللاجئون الفلسطينيون في العودة إلى وطنهم و العيش فيه بحرية و سيادة. و قد شكل الفيلم الثوري العربي عموما و الجزائري خصوصا في هذا الإطار موضوع نقاش في موائد مستديرة نشطها على هامش المهرجان باحثون و مؤرخون و مخرجون و التي تميزت أيضا بعرض كتب جديدة من توقيع أسماء مشهورة مثل الكاتب وأحد الوجوه البارزة للسينما الجزائرية أحمد بجاوي مؤلف كتاب جديد بعنوان "صور و وجوه في قلب معركة تلمسان" المتضمن للوحات فنية من إنجاز معاونه الرسام الجزائري دونيس مارتينيز. وقد أسفرت المناقشات التي أثيرت حول وضعية و آفاق السينما العربية عن إتخاذ قرارات ملموسة من بعض الهيئات و المؤسسات منها مركز البحث في الأنتروبولوجيا الإجتماعية و الثقافية (كراسك) لوهران الذي يعتزم إنشاء في 2013 ناد للسينما موجه للجامعيين و الباحثين في المجال. وقد خصصت هذه الطبعة وقفات تكريمية لرواد السينما الجزائرية منهم عشر شخصيات معروفة لمساهمتها في تطوير الفن السينمائي و هم بوعلام بسايح و زهرة ظريف بيطاط و نورية قصدرلي و روني فوتييه و محمد بن صالح و الحاج بن صالح و سيراط بومدين (1927-1995) و عائشة عجوري "كلثوم " (1916-2010) و جيلو بونتيكورفو (1916-2006) و رشيد فارس (1955-2012). وذكر المنظمون في هذا الصدد أنه من الواجب الحكي عن مآثر و تكريم كما يجب أولئك الذين أعطوا الكثير للسينما" مذكرين بالمشوار الثقافي و الفني لأغلب هذه الشخصيات والذي بدأ خلال الفترة الإستعمارية "في ظل ظروف صعبة لا سيما بسبب الرقابة التي كانت مضروبة على كل أشكال التعبير الوطني". و قال الحاج بن صالح عضو هيئة التحكيم لفئة الفيلم القصير و مدير سابق لمتحف السينما لوهران أن هذا المهرجان قد فرض نفسه على مر السنين بوهران حيث أصبح الحدث الأبرز في هذه المدينة. و من شان هذا الموعد الثقافي حسب رأيه أن يؤدي إلى "وعي حقيقي بأهمية إعادة الإعتبار لقاعات السينما" و إلى إحتضان تظاهرات أخرى مثل تنظيم الأيام الدولية للفيلم القصير. وأجمع الكثير من الوهرانيين أن الطبعة السادسة من مهرجان وهران للفيلم العربي "أضفت نوعا من البهجة على حياتهم اليومية" مشيرين الى طموح عاصمة الغرب الجزائري للإرتقاء إلى مصاف الأقطاب الثقافية و السياحية الكبرى بحوض البحر الأبيض المتوسط.