شكل محور مكافحة الفساد واستقلالية القضاء أهم ما ميز السنة القضائية 2011-2012 والتي شملت أيضا كل ما يتعلق بانشغالات المحامين بخصوص مشروع قانون المحاماة الذي تكفلت بها الوزارة الوصية. ويأتي في طليعة هذه المحاور مكافحة ظاهرة الفساد التي استفحلت خلال السنوات الأخيرة حيث تم إنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد في ديسمبر 2011 كلف باجراء تحريات و تحقيقات في مجال الجرائم المتعلقة بالفساد تحت اشراف النيابة العامة. ويتكفل الديوان بتعزيز التنسيق بين مختلف مصالح الشرطة القضائية في مجال مكافحة الفساد ويشمل اختصاصه كل التراب الوطني وهو ملحق اداريا بوزارة المالية. كما تجدر الاشارة الى أنه في إطار المراجعة التي تمت في 26 أوت 2010 للقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته دخلت هيئة الوقاية من الفساد حيز الخدمة وأوكل لها التقييم الدوري لجهاز الوقاية الموجود والمساهمة في تحسينه و العمل على تحسيس المواطنين بخصوص مكافحة الفساد. وكانت الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته قد أنشئت بمقتضى قانون الوقاية من الفساد ومكافحته الصادر في مارس 2006 وأصبحت عملية إبتداء من سنة 2010 مع تعيين أعضائها بمقتضى مرسوم رئاسي. وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد جدد التأكيد خلال اجتماع لمجلس الوزراء في سنة 2011 على محاربة آفة الفساد "بكل ما يخوله القانون من صرامة". كما تم أيضا تعديل الترسانة القانونية المرتبطة بمكافحة الفساد مثل قانون الصفقات و القانون المتعلق بالقرض وقانون قمع جرائم الصرف وحركة رؤوس الأموال الى الخارج والقانون المتعلق بمجلس المحاسبة وتدعيمه بمبادئ وآليات ضمانا "للشفافية و الوقاية من الفساد". وكانت الجزائر قد دعت خلال الندوة الرابعة للدول الأطراف في اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد إلى تدعيم التعاون الدولي والمساعدة التقنية قصد الاستفادة من تبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة الفساد. وتعزيزا لمبادئ مكافحة الفساد قامت الجزائر بالمصادقة على اتفاقيتي الأممالمتحدة المتعلقتين بمكافحة هذه الظاهرة مدرجة محتواهما في نصوصها التشريعية منها قانون الإجراءات الجزائية. أما في مجال استقلالية القضاء فقد تم إصدار القانون الأساسي للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء وكذا مضاعفة عدد القضاة وأعوانهم وتكوينهم في تخصصات عديدة تعزيزا لاستقلالية هذا الجهاز. كما تم تعزيز العدة التشريعية بمبادئ حقوق الإنسان وتم الاعتماد على المعايير الدولية انطلاقا من قناعة راسخة أن الأمن القضائي عامل أساسي في توفير الأمن الاجتماعي والاستقرار المستدام وحماية المجتمع من كل أنواع الاجرام. وبما أن استقلالية القضاء ومكافحة الفساد أمران متلازمان فإنه يتعين أن يكون القضاء "مستقلا ونزيها وذا كفاءة وتخصص و احترافية عالية" مثلما سبق وأن أشار إليه وزير العدل السابق الطيب بلعيز. وبخصوص مشروع القانون العضوي المنظم لمهنة المحاماة فقد أثار حفيظة المحامين الذين طالبوا بتعديل بعض مواده حفاظا على استقلالية هذه المهنة وخدمة لمصلحة المتقاضين حتى يتسنى للمحامين الدفاع عنهم بكل فعالية. وكانت وزارة العدل قد فتحت منذ البداية حوارا مع ممثلي الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين لمعرفة انشغالاتهم ومطالبهم. وقد تم في نوفمبر الفارط الاتفاق على تعزيز الاحكام المدرجة في مشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة حيث قررت وزارة العدل عدم سحبه من البرلمان وإدخال تعديلات عليه تجعله "أكثر مسايرة" للإصلاحات التي مست قطاع العدالة.