تميز حفل افتتاح الأيام الوطنية للموسيقى الكلاسيكية العالمية بباتنة الذي احتضنه سهرة السبت المسرح الجهوي لعاصمة الأوراس بوقفة تقدير وعرفان لعمالقة الموسيقى الجزائرية طيلة 50 سنة من استقلال الجزائر . فمن خلال (جولة جزائرية) التي أبدع المايسترو رفيق بلعيدي من المعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بباتنة في تأليفها موسيقيا وكذا إدارة للمجموعة الصوتية أعيدت لأذهان الحضور أسماء جزائرية كان لها الفضل الكبير في وصول النغمة الجزائرية إلى مختلف أصقاع المعمورة من عيسى الجرموني وإيقربوشن إلى علي معاشي ومحمد العنقا والشريف خدام مرورا بفضيلة دزيرية وأحمد وهبي وصولا إلى خليفي أحمد ومحمد الطاهر فرقاني وعثمان بالي ثم آيت منقلات و آخرون . وتحت أضواء سطعت بألوان العلم الوطني التي أعطت نكهة خاصة لهذه التظاهرة المنظمة احتفاء بخمسينية الاستقلال اقترنت الصورة بالصوت العذب و النغمة الراقية التي جمعت مختلف الطبوع الموسيقية الجزائرية لتشد عشاق هذا الفن وتجعلهم يتتبعون الوصلات الموسيقية باهتمام كبير . وجاءت الوصلة التي صفق لها الحضور مطولا بحق (جولة جزائرية) في تراث عريق وفق إلى حد بعيد المايسترو بلعيدي في اختيار مقاطعه فيما زاد في قوتها إلقاء الشاعر محمد أونيسي عبر قصيدته الشعبية التي حي من خلالها عمالقة الموسيقى والغناء الجزائريين أما الوصلة الثانية من السهرة التي استقطبت جمهورا غفيرا ذاقت به قاعة عروض مسرح باتنة الجهوي فحلقت بأسماع الحضور في سماء الموسيقى الكلاسيكية العالمية الراقية من خلال مقاطع من معزوفات المشاهير الألماني جون سيباستيان باخ (مانيات) والإيطالي أنطونيو فيفالدي (الفصول الأربعة والخريف ) ثم الأرجنتيني رودريقاز (طونقو) وأخيرا مقاطع شهيرة من معزوفات للموسيقار اليوناني ياني . ولم تغب البصمة الجزائرية الخالصة عن هذه السهرة الراقية التي أبدع فيها طلبة وأساتذة المعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بباتنة حيث قدم المايسترو وليد مرابط مقطعه الرائع (التحدي) الذي أبرز من خلاله حسب مختصين في الموسيقى الكلاسيكية إمكانات كبيرة . فكانت الفرجة والمتعة التي هزت المشاعر والأحاسيس وجعلت قاعة عروض مسرح باتنة الجهوي تعيش على وقع معزوفات لمشاهير خلدوا أسماءهم عبر التاريخ و يقتطع روادها في هذه السهرة المميزة سويعات من الزمن الجميل تهمس الشابة منال لوأج وهي تتمايل على معزوفة فيفالدي الشهيرة (الفصول الأربعة) مؤكدة بأن مثل هذه المعزوفات الخالدة لا يمكن للعصرنة أن تطمسها لأنها مستمدة من الروح وتخاطب الإحساس والمشاعر الإنسانية. و قد اعتبر مدير الثقافة لولاية باتنة السيد نور الدين بوقندورة هذه التظاهرة لقاء هاما للموسيقيين المحترفين في الجزائر وفرصة سانحة بمثابة التربص التطبيقي لطلبة مختلف المعاهد الجهوية للتكوين في الموسيقى من مختلف أنحاء الوطن والمعهد العالي للتكوين الموسيقي من الجزائر العاصمة المشاركين في هذه التظاهرة التي ستستمر إلى غاية 14 مارس الجاري . وتتضمن هذه الأيام التي نظمت من طرف المعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بباتنة بالتنسيق مع مديرية الثقافة واللجنة الولائية لتنظيم النشاطات والتظاهرات الثقافية والفنية المحلية والوطنية بالإضافة إلى السهرات الموسيقية الكلاسيكية ورشات تطبيقية للعزف وكذا مداخلات حول الموسيقى الكلاسيكية . وكانت مدينة باتنة قد احتضنت من سنة 2000 إلى غاية 2002 ثلاث طبعات من الأيام الدولية للموسيقى الكلاسيكية العالمية بمبادرة من المعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بباتنة واستقطبت حينها مختصين وجمهورا من عدة ولايات من الوطن حيث تميزت بمشاركة نوعية لموسيقيين أجانب.