أحدث الخلاف حول مشروع تعديل قانون السلطة القضائية جدلا واسعا وانقساما حادا في أوساط الطبقة السياسية بمصر ينذر بأزمة جديدة بين المعارضة والقضاة من جهة و أنصار الرئيس من جهة أخرى كتلك التي أعقبت الإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي والتي أسفرت عن اضطرابات ومواجهات حادة في الشارع المصري. وقد بدأت بوادر مبارزة لي الأذرع بين القضاة وأحزاب المعارضة من جهة والتيارات الإسلامية الحليفة لجماعة الإخوان المسلمين التي تهيمن على مقاليد السلطة في مصر من جهة أخرى بعد موافقة لجنة المقترحات بالشورى على مشروع تعديل قانون السلطة القضائية المثير للجدل والذي يقترح تخفيض سن القضاة العاملين من 70 إلى 60 سنة مما يهدد بتسريح نحو 3500 قاضي. ويقول العديد من القضاة أن الإسلاميين يسعون إلى تمرير هذا القانون للتخلص من قضاة معارضين لهم تجاوزوا سن الستين بينهم النائب العام السابق وأعضاء بالمحكمة الدستورية العليا مشيرين إلى أن المصادقة عليه سيؤدي إلى إفراغ الهيئات القضائية من الكفاءات والخبراء فضلا عن انه يخالف الدستور حيث يفترض عرض المشروع علي مجلس القضاء الأعلى قبل مناقشته. واعتبر رئيس نادي قضاة مصر محمد الزند وهو من ابرز المدافعين عن استقلال السلطة القضائية في مصر أن مجلس الشورى ليس مخولا لمناقشة تعديل قانون السلطة القضائية لان مهمة التشريع التي أوكلت إليه استثنائية ومؤقتة وهدد باللجوء إلى المحاكم الدولية لكشف الاعتداءات على السلطة القضائية في مصر داعيا الجيش إلى حماية القضاة. وطالب نادي قضاة مصر من الرئيس المصري محمد مرسي الاعتذار عن " إساءات الإخوان " كما انتقد في مذكرة — ضمنها التجاوزات ضد السلطة القضائية — تدخل السلطة التنفيذية ب"ارتكاب التأثيرات غير السليمة والإغراءات والضغوط والتهديدات والتدخلات المباشرة وغير المباشرة على السلطة القضائية" في إشارة إلى ما تضمنه الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر 2012 من تحصين لقرارات وأعمال الرئيس من الرقابة القضائية عليها ومنع المحاكم من النظر في أي قضايا متعلقة بها. ومن جهته شن نادي قضاة مجلس الدولة المصري في بيان له نشر اليوم هجوما على مشروع تعديل قانون السلطة القضائية واعتبره "مشروع مشبوه في أهدافه وغاياته". كما اعتبر البيان عبارة" تطهير القضاء" لا يقصد منها سوى تدبير تصفية جديدة للقضاة مثلما حدث في السابق "من أجل إحلال غيرهم من فصيل سياسي بذاته". و رفض حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين سحب مناقشة مشروع تعديل قانون السلطة القضائية وقال محمد جمال حشمت عضو مجلس الشورى بالحزب في تصريحات مساء أمس إن الحزب لا يصر على تمرير تعديل القانون بجميع المواد المقترحة وأن المواد الخلافية على رأسها المتعلقة بالسن وارد أن يؤخذ بها أولا أو يتم إقرارها تدريجيا. و كانت قوى ثورية وحزبية قد دعت أحزاب التيار المدني إلى الانسحاب من مجلس الشورى خلال مناقشة قانون السلطة القضائية فيما دعت جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم ابرز أحزاب ورموز المعارضة في مصر لوقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الشورى تزامنا مع انعقاد الجلسة العامة الأولى للمناقشة معتبرة أن الهدف الحقيقي من وراء تعديل القانون هو "أخونة" القضاء و"إحلال عناصر تابعة لتنظيم الإخوان محل قضاة مصر المستقلين". و قال حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبي والقيادي بجبهة الإنقاذ في تصريحات صحفية إن "المعركة الحالية" تتمثل في منع تمرير قانون السلطة القضائية الجديد مؤكدا أن قيادات "الإنقاذ" اتفقت خلال الاجتماع الذي عقدته مع بداية الاسبوع الجاري على إغلاق ملف الانتخابات البرلمانية مؤقتا لحين الانتهاء من هذه المعركة وهو ما من شانه أن يفتح الباب أمام أزمة جديدة تضاف إلى حالة الاحتقان من التعديل الوزاري المرتقب والذي ترفضه المعارضة.