عمت ولايات جنوب الوطن هذه الليلة دق الطبول ومواكب السيارات وزغاريد النساء وهتافات يصدح بها الشباب فرحا وابتهاجا بالإنتصار الذي حققه المنتخب الوطني في مباراة الإياب التي جمعته هذه السهرة بنظيره البوركينابي بملعب مصطفى تشاكر (البليدة ) للدور الحاسم لمونديال 2014 والتي انتهت بنتيجة 1-0. هذه الأجواء من الفرحة العارمة التي عبر عنها محبو رفاق مجيد بوقرة أضفت ديكورا غير مسبوق على مدن جنوب الوطن والذي زينته الألعاب النارية قد بدد الكثير من مشاعر الخوف والقلق والترقب التي رافقت متتبعي هذه المواجهة الكروية الحاسمة التي حبست الأنفاس وأخلت الشوارع طيلة 90 دقيقة حيث كانت الأنظار كلها متجهة صوب شاشات التلفزيون منتظرة أن يسجل أشباب حليلوزيتش ملحمة ثانية بين ملحمة أم درمان . وكانت جموع المحتفلين يرددون هتافات الفوز من بينها "أوين تو ثري فيفا لالجيري" و"هذه البداية مازال مازال" و" رابحين رابحين مع ليفير رايحين" و" جيبوهايالولاد" فضلا عن ترديد أهازيج شعبية من عمق التراث الغنائي لمناطق الجنوب كما لوحظ . كل أجواء البهجة عبرت عنها جموع غفيرة من سكان ولايات جنوب البلاد من مختلف الأعمار والشرائح بعدما استطاعت التشكيلة الوطنية إفتتاك تأشيرة التأهل إلى كأس العالم التي ستحتضنها بلاد السامبا في جوان 2014 . وفور إعلان صافرة الحكم السينغالي بادرا دياتا عن نهاية مقابلة الخضر تدفقت عشرات الآلاف من سكان ولايات تندوف وبشار و النعامة والبيض و الأغواط و غرداية و أدرار و تمنراست وإليزي والوادي و ورقلة إلى الشوارع والأحياء معبرين عن فرحتهم الكبيرة بالفوز الذي حققه الفريق الوطني و الظهور مرة أخرى ضمن قائمة عمالقة العالم لكرة القدم. و قد اجتاح آلاف المواطنين كل الشوارع والأحياء والساحات وهم يرتدون قمصانا تحمل الألوان الوطنية أو لفوا أنفسهم بالراية الجزائرية و ذلك وسط زغاريد النسوة التي دوت من شرفات المنازل. وشاهد مراسلو (وأج) في هذه الولايات جموعا غفيرة من المواطنين حاملين الألوان الوطنية ترجلوا الطرقات وآخرون استقلوا السيارات وامتطوا الدراجات الهوائية و النارية بل وحتى الشاحنات وهم يتغنون بأمجاد النخبة الوطنية. و سواء تعلق الأمر بوسط مدن غرداية أو ورقلة أو الأغواط فقد أضاءت الألعاب النارية ذات اللونين الأحمر و الأخضر السماء بعد نهاية هذا اللقاء الكروي الحاسم الذي حرر آلاف المشجعين الشباب . وقد رصدت وأج عديد انطباعات مواطني بعض مدن الجنوب حول هذا الحدث الرياضي والذين كانت من بينهم الحاجة حليمة (60 سنة) تقطن بحي ثنية المخزن بالضاحية الجنوبية لمدينة غرداية حيث تقول بنبرة ممزوجة بالتحدي ومشاعر الفرحة تغمرها " لعبة كرة القدم ليست حكرا على الرجال فقط فهي تعني الجميع " وقد صادفناها وهي تجلس أمام منزلها غير مكترثة بأجواء الصخب التي تصنعها أبواق السيارات وهي تستمع للمنوعات الجزائرية و الأغاني و الوطنية عن طريق مذياع صغير . و من جهته وبعد أن ثمن أحمد الخمسيني ما قدمه أشبال وحيد حليلوزيتش من جهد في الميدان في مبارات وصفها "بلقاء التحدي" يرى " أن هذا الإنتصار سمح باسترجاع الثقة وانتعاشة جديدة في صفوف الفريق الوطني والتي لم يذق طعمهما منذ موقعة أم درمان". و مهما كانت الأسماء عمار أو إبراهيم أو نعيمة أو كلثوم سواء كانوا من أقصى الجنوب أو الجنوب الشرقي أو من الجنوب الغربي فإن الإحساس بالنصر والفرحة كان القاسم المشترك بين الجميع بمناسبة التأهل إلى كأس العالم . هذا الحدث الكروي سيغرق سائر مدن الجنوب هذه الليلة في أهازيج ومواكب واحتفالات ستتواصل دون توقف إلى غاية الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي وهي الليلة البيضاء التي ستبقى محفورة في الذاكرة.