رغم وجود العديد من الموسيقيين الشباب الذين يؤدون الفن التارقي و طبوع أخرى من الموسيقى و الرقص التقليدي الذي يقتصر على المناسبات إلا أن مدينة تمنراست تفتقر إلى المرافق الضرورية الكفيلة باستغلال احسن لهذا الثراء الثقافي. و لا تتوفر عاصمة الأهقار التي شهدت ميلاد فرقة تيناريوان المالية التي داع صيتها في جميع أنحاء العالم و فناني الامزاد و التيندي و فولكلور "الجاكمي" سوى على مسرح بلدي للهواء الطلق و دار للثقافة بإمكانيات جد محدودة. و نظرا لنقص المرافق الثقافية الكفيلة بضمان النهضة الثقافية فإن هذه المنطقة الصحراوية تبقى تعاني الركود في هذا المجال حيث تقتصر فرص بعث هذا التراث على مناسبات سنوية محدودة مثل المهرجان الدولي لفنون الأهقار أو المهرجان الوطني للموسيقى الأمازيغية. و يستلهم المهرجان الوطني لفنون الأهقار (موسيقى رقص مسرح و سينما) من الذاكرة الثقافية المحلية كالفنون الصخرية و الفلكلور التارقي كمادة أولية للمسرح أو السينما التجريبية و هو ما يؤكد الضرورة الملحة بتوفير فضاءات و ورشات لاحتضان هذه النشاطات و توفير التكوين. إنشاء مسرح جهوي بتمنراست هو مشروع بادر به العديد من الممثلين و السينمائيين الهواة حيث "سيستكمل قريبا بعد الإعلان عن مناقصة غير مجدية" حسبما أكده مدير الثقافة بالولاية كريم عريب. و يعد فضاء الفن السابع الذي يحتضنه هذا المهرجان سنويا تحت الخيمة و في ظروف غير ملائمة "أحد الفرص القليلة بالنسبة للسكان لحضور عروض أعمال سينمائية بالرغم من إمكانية العرض في الهواء الطلق" حسبما أكده المراودون على هذا الحدث الثقافي. و أمام هذا النقص الفادح في المنشآت يجري الحديث حاليا بين المسؤولين المحليين عن قطاع الثقافة حول العديد من المرافق التي هي "قيد الإنجاز أو قيد الدراسة" حيث يتعلق الأمر بمسرح للهواء الطلق يسع 4000 متفرج و إعادة بعث قاعة للسينما و متحف و مركز للتمثيل تابع لديوان الحظيرة الوطنية للأهقار حسبما أكد عريب. تراث موسيقي لا يزال قائما بفضل إرادة الفنانين و يعود فضل استمرارية التراث الموسيقي للأهقار الذي يشبه تراث مناطق الساحل الصحراوي الأخرى إلى الإرادة التي يمكلها الفنانون و الجهود التي تبذلها مؤسسات على غرار ديوان الحظيرة الوطنية للأهقار. و لا تتاح الفرص لفنانين مثل بادي لالة مطربة التيندي المشهورة أو شتيمة عميدة الإمزاد سوى في مناسبات قليلة مثلهما مثل الفرق الشابة الأخرى. و تمارس تلك الفنانات فنهن في المنزل من أجل ضمان ديمومته كما تنظمن حفلات محلية مرتين أو ثلاثة في السنة من أجل جلب اهتمام الفنانين الشباب الذي من شأنه إضافة لمسة عصرية على الطبوع العريقة. و يرى فنانون آخرون أن هذه الطبوع الموسيقية تفتقر إلى "مجالات التعبير خارج المهرجانات" مقارنة بالبلدان المجاروة حيث يعتمد الموسيقيون على الساحة المحلية للتعبير على غرار فرق بلدان الساحل. و هو الشأن بالنسبة للفرقتين الموسيقيتين الماليتين "تارتيت" أو "تيناريون" أو "فيناتاوا" من النيجر حيث تمكنت هذه الفرق من إخراج الموسيقى التارقية من قوقتها و ايصالها إلى المهرجانات الدولية. و ترى فرق بلدان الساحل مثل "سوبر رايل باند باماكو" و "تارتيت" من النيجر و عبدولاي سيسي من بوركينا فاسو أن سر استمرارية و نجاح الموسيقى التي يؤدونها يكمن في "الإمكانيات و المنشآت في مجال التكوين و الإنتاج التي وضعت في متناولهم". و في انتظار غد أفضل يبقى مسرح الأهقار في مهده الأول كما يبقى الشعر الشعبي و الموسيقى العريقة لهذه المنطقة فريسة سوء الاسغلال بل يحتاج إلى اهتمام أكبر من أجل حمايته من الإندثار.