تستند المقاربة الجزائرية المتعلقة بالأمن الغذائي على إسترتيجية زراعية شاملة تندرج ضمن إطار شامل من التنمية المستدامة على المستوى القاري وتهدف إلى معالجة كل المشاكل المسببة لسوء التغذية أوالناتجة عنه وهو ما جعل الجزائر تحظى بدور في مثل حجمها من الأهمية. وتتجلى الأهمية البالغة التي توليها الجزائر إلى التنمية في إفريقيا من خلال "تمكنها على المستوى الوطني من مواجهة كل التحديات التي تعيق الإستغلال الأمثل لإمكانياتها بفضل الإسترتيجية الزراعية الشاملة التي تعمل الحكومة على تنفيذها بناءا على توجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة" وهي الإستراتيجية التي يتم تنفيذها من خلال توفير المناخ الملائم للنشاطات الزراعية وضمانها ماديا حسبما أوضحه وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة خلال مشاركته في أشغال القمة ال31 للجنة التوجيهية لمبادرة النيباد التي عقدت أمس الأربعاء بمالابو عاصمة غينيا الإستوائية. وأشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية في ذات المناسبة إلى "الفعالية المعترف بها للجزائر خلال العشر سنوات الأخيرة" بفضل هذه الإستراتيجية الشاملة الخاصة بالتطوير الزراعي و التي تتجلي من خلال" زيادة مضاعفة الإنتاج الفلاحي و زيادة التوظيف المباشر و غير المباشر في هذا القطاع و بالتالي المساهمة في النمو الإقتصادي الوطني. و تعد الجزائر بالفعل "محركا للعمل الإفريقي المشترك" من خلال مساهماتها في التأسيس لمبادرة الشراكة الجديدة من أجل التنمية في افريقيا (النيباد) كأحد "أهم الرهانات القارية" الرامية إلى "وضع خارطة طريق لبناء إفريقيا تكون بديلا لتسوية مشاكل القارة الافريقية المتراكمة" حسبما أكد الامين التنفيذي لمبارة النيباد ابراهيم مايكي بمناسبة الذكرى 11 لإنشائها. كما ترافع الجزائر بإستمرار من أجل هذا النهج حيث دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقية في قمة "فرنسا-افريقيا" (2011) الى "شراكة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مصالح افريقيا من خلال تبادل شروط التنمية" كما قدم رئيس الجمهورية في سيرت (ليبيا) خلال القمة العربية-الافريقية (2010) الطرح الجزائري الذي يقوم على "التكامل بين الدول الافريقية والدول العربية بالنظر إلى علاقات الجوار و الصداقة التي تربط بين العديد من دول الإقليمين". -- تعزيز التعاون العلمي لمواجهة التحديات التنموية المتصلة بالأمن الغذائي-- وتمضي الجزائر في مشوارها التنموي المعزز للتعاون و التكامل الإفريقي من خلال إدراج البحث العلمي ضمن الجهود الرامية إلى إيجاد حلول لمشاكل القارة خاصة أمام التداعيات السلبية للازمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها العالم. ويعتبر مخبر التكامل الاقتصادي الجزائري الإفريقي الذي تحتضنه جامعة أدرار دليلا على هذه الرؤية الإستشرافية بإشتماله على جملة من المجالات المعرفية والميدانية على غرار الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والتكامل الصناعي واللوجيستيكي إضافة إلى المتطلبات القانونية اللازمة لتحقيق التكامل الاقتصادي. وفي مجال الأمن الغذائي يهدف المخبر إلى وضع تصور للسياسات التنموية المؤدية لتحقيق الأمن الغذائي ومنه إلى التنمية الشاملة في إطار من التكامل الاقتصادي الجزائري الإفريقي كما يتم العمل على دراسة الخبرات الفلاحية الجزائرية والإفريقية وتطويرها وبحث سبل تعزيز التبادل الإنتاجي الفلاحي على المستوى القاري و الحفاظ على الماء كرهان إفريقي. و في ذات التوجه وقعت الجزائر مع الإتحاد الإفريقي خلال شهر مايو الماضي على إتفاقية تعاون علمي تقضى بإنشاء معهد تابع لجامعة عموم إفريقيا على مستوى جامعة تلمسان مختص في المياه و التغيرات المناخية و الكهرباء "يأتى إستجابة للتحديات التي تفرضها مسألة التغيرات المناخية و أزمة المياه وإنعكاساتها على الأمن الغذائي في القارة" حسبما ما أكده محافظ الموارد البشرية و العلوم و التكنولوجيا بالإتحاد الإفريقي السيد مارسيا دوبول إكونقا. وبموجب هذا الإتفاق سخرت الجزائر الكلية السابقة للهندسة بتلمسان لإحتضان هذا المعهد الذي يعتبر واحدا من بين خمسة معاهد تابعة لجامعة عموم إفريقيا يستقبل 150 طالب في مرحلة أولية خلال شهر نوفمبر المقبل حيث سيتم ربط هذا المعهد بعشرة مراكز للبحث من إفريقيا كما سيكون ضمن الشبكة المكونة لجامعة عموم إفريقيا التي تتشكل معاهد أخرى متخصصة في علوم الأرض والحياة (نيجيريا) والعلوم الاجتماعية والحكامة (كاميرون) وعلوم الحياة والفلاحة (كينيا) وعلوم الفضاء (جنوب إفريقيا). ووعيا منها بالعلاقة الطردية بين الأمن والتنمية ساهمت الجزائر في تطبيق خطة عمل الاتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب ومحاربته عبر استضافة المركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب الذي يسعى إلى توجيه جهود مكافحة الإرهاب وتنسيقها في مختلف أنحاء أفريقيا للحفاظ على وتيرة التنمية التي تعتبر الإرهاب عائقا لها. كما سجلت إفريقيا تقدما هاما في مجال السلم والأمن بفضل مساعي الجزائر الرافعة لشعار الحوار والحل الديبلوماسي مهما كان حجم الصراعات التي تنخر جسم القارة و تجعل سكانها عرضة للفقر و المجاعة. --"البرنامج الشامل للتنمية الزراعية" هيكل قاري لتسريع النمو-- كما تبرز فعالية الجزائر بوصفها "دولة مؤثرة في الإتحاد الإفريقي" من خلال مساهماتها الكبيرة في بعث البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا التابع للنيبادا كإطارا تشاركي لتحقيق النمو الزراعي الريفي والأمن الغذائي في القارة حيث يتيح للحكومات الأفريقية بالتعاون مع شركائها التنمويين فرصة لتجديد وإعادة تركيز جهودها الرامية إلى تجاوز عقود اتسمت بانخفاض الإنتاج الزراعي وتراجع الإنتاجية وانعدام الأمن الغذائي وتزايد الفقر و المجاعة. وعليه يعتبر البرنامج الأفريقي الشامل للتنمية الزراعية هيكلا قاريا تخطط من خلاله الدول الأفريقية لتسريع النمو الاقتصادي والقضاء على الجوع وتخفيف الفقر وتعزيز الأمن الغذائي والتغذية من خلال التنمية المستندة على الزراعة حيث تستخدم 50 دولة إفريقية من أصل 54 البرنامج الأفريقي الشامل للتنمية الزراعية في التخطيط الزراعي الوطني. وبذات الخصوص أكدت مديرة تنفيذ وتخطيط البرنامج بالنيباد السيدة استيرين فوتابونغ خلال الاجتماع العاشر لشراكة البرنامج الأفريقي الشامل للتنمية الزراعية بدوربان الجنوب إفريقية شهر مارس الماضي أن هذا البرنامج "يعد مبادرة شاملة مملوكة للبلدان الأفريقي والتي توفر الدافع لمعالجة غياب الامن الغذائي والتغذية فضلا عن البطالة ولاسيما الشباب والمرأة". وبغية إثراء هذه التجربة ساهمت الجزائر بفعالية في "الآلية الافريقية للتقييم من قبل النظراء" بإعتبارها آلية تسمح للدول الافريقية بتقييم التجارب المختلفة والاستفادة منها لتطوير وتيرة التنمية بكل مستوياتها السياسية والاقتصادية والادارية وكذا ترشيد الحكم والتعاون لحل مشاكل الدول الإفريقية من الفقر و مجاعة وأوبئة. كما ركزت الجزائرعلى تجسيد المشاريع التنموية الكبرى لإحداث التكامل الاقليمي المرغوب وبلوغ أهداف الالفية للتنمية على المستوي الوطني والقاري والدولي على غرار مشروع الطريق العابر للصحراء (الجزائر-لاغوس-النيجر) مرفوقا بمشروع انبوب الغاز من نيجيريا الى أوروبا مرورا بالجزائر و النيجر.