تشهد بوروندي حالة من الاحتقان الشديد مع اصرار المعارضة السياسية على مواصلة الاحتجاجات المنددة بترشح الرئيس بيير نكوروزيزا لعهدة رئاسية ثالثة. فقد تسببت الإشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين المناهضين لإعادة ترشح الرئيس أمس الاثنين في مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة عدد آخر مما يرفع حصيلة الضحايا منذ بداية الاحتجاجات قبل أسبوعين إلى حوالي 20 قتيلا. وشهدت العاصمة بوجمبورا على امتداد اليومين الأخيرين اشتباكات عنيفة حيث أقام المتظاهرون الحواجز وأضرموا النيران في إطارات السيارات بعدة أحياء واشتبك عدد منهم مع قوات الشرطة مما دفعها إلى استخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع ومركبات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين. وقد أصدرت السلطات في بوروندي قرارا بمنع تنظيم مظاهرات في البلاد منذ الأحد الماضي وأوقفت بث ثلاث محطات إذاعية خاصة داخل البلاد وهي "بونيشا إف إم" وراديو "إيسانجارينو" فضلا عن الإذاعة العامة الإفريقية "أر بي إيه" بتهمة الدعوة إلى التظاهر. وتحوم المخاوف حاليا من انزلاق الأوضاع الأمنية في البلاد قبل شهرين عن موعد الانتخابات نظرا لإصرار المعارضة على ضرورة تراجع نكورونزيزا عن الترشح وتشبت هذا الاخير بقراره. المعارضة تتحدى السلطة وتصر على مواصلة التظاهر تحدت أحزاب المعارضة السياسية في بوروندي قرار السلطة وأعلنت مواصلتها للاحتجاجات التي تصفها بالسلمية والتي عادة ما تتحول إلى مشادات مع أعوان الأمن يروح ضحيتها الأبرياء. فقد أعلنت اليوم الثلاثاء عن قرار الاستمرار في التظاهر إلى غاية تراجع الرئيس عن قراره مما يثير المخاوف من تأجج الوضع والدفع بالبلاد - التي عانت من ويلات حرب أهلية دامية على امتداد سنوات - نحو الأسوأ. ودعت أكثر من 300 من هيئات المجتمع المدني إلى الخروج في احتجاجات لرفضها ما أسمته "بالانقلاب" على الدستور بترشح نكورونزيزا لعهدة جديدة. واعتبرت قوى المعارضة ترشح الرئيس المنتهية ولايته ب"غير الدستوري والمخالف لإتفاقات "أروشا"" التي مهدت الطريق لإنتهاء الحرب الأهلية البوروندية التي وقعت بين 1993 و2006 والتي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف شخص. يذكر أن اتفاق "أروشا" للسلام والمصالحة في بوروندي يعد معيارا "فوق دستوري" يحرص على ضمان المصالحة الوطنية وينص على أنه "لا أحد بإمكانه أن يمارس الحكم لأكثر من فترتين رئاسيتين". وينص دستور بوروندي أيضا على أن الرئيس لا يتولى الحكم لأكثر من فترتين رئاسيتين الا أن أعضاء الحزب الحاكم يؤكدون أنه مؤهل لولاية أخرى بالنظر إلى أنه انتخب في فترة ولايته الأولى من قبل المشرعين. وكان حزب "المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية" الحاكم في بوروندي قد رشح مطلع الأسبوع الجاري الرئيس نكورونزيزا لخوض سباق الانتخابات المقبلة تمكنه من الاستمرار في الحكم لتولي عهدة ثالثة من خمس سنوات. وأكد نكورونزيزا أن لا أحد سيوقف حزب المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية محذرا من أن أي شخص يريد إثارة مشكلات مع الحزب الحاكم الذي انتخبه الشعب "سيواجه مشكلة". قلق دولي شديد من تصاعد وتيرة العنف في بوروندي أعرب المجتمع الدولي عن قلقه الشديد من تصاعد حدة أعمال العنف في بوروندي داعيا إلى التهدئة والعودة إلى السبل السياسية لحل الأزمة كما ندد بعدم احترام اتفاقية "أروشا" مؤكدا متابعته للوضع "بقلق". وقد أدان الاتحاد الأوروبي اعتقال رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان بيير كلافر مبونيمبا ودعا بدوره للتهدئة في البلاد. وقالت المتحدثة باسم الممثلة العليا للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين راي "إننا نواصل الدعوة إلى تناول مسألة الانتخابات بروح من المصالحة من أجل مصلحة البلاد واحترام اتفاق أروشا كما نتابع بقلق الوضع في هذه المرحلة حيث نناشد بضبط النفس في أسرع وقت ممكن لضمان الحقوق المدنية والسياسية وضمان وقف العنف". ومن جهتها أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن باريس تطالب بانتخابات "شفافة وسلمية" في إطار احترام الدستور وإنقاذ روح المصالحة. بدورها أعربت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن "أسفها" لترشح رئيس بوروندي المنتهية ولايته بالرغم من احتجاجات قوى المعارضة. وقالت المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف "نأسف لتفويت هذه الفرصة الكبيرة ولكن العمل الشاق لبناء المؤسسات والممارسات الديموقراطية يجب أن يستمر". وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد عبر منتصف الشهر الجاري عن مخاوفه من إنزلاق بوروندي إلى العنف قبل الانتخابات الرئاسية وشجع البورونديين على "حل خلافاتهم السياسية عن طريق الحوار ودون اللجوء الى العنف". ومن جهته دعا مجلس الأمن الدولي مع بداية الاحتجاجات قبل أسبوعين جميع الأطراف في بوروندي إلى "الاحجام عن القيام بأي أعمال عنف وترهيب في البلاد قبل الانتخابات وخلالها وبعدها". وحذر دبلوماسيون ونشطاء وزعماء اقليميون من أن التوترات قبل الانتخابات الرئاسية قد تؤدى إلى اضطرابات.