تحقق حلم الوهرانيين خلال سنة 2015 بإنجاز المسجد الكبير الذي يحمل إسم العلامة عبد الحميد بن باديس و ذلك بعد إنتظار طويل دام أربعين (40) سنة . ففي يوم الجمعة 17 أبريل 2015 تم افتتاح هذا الصرح الديني الكائن بحي "جمال الدين" شرق وهران باسم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في حفل متميز أشرف عليه وزير الشؤون الدينية و الأوقاف محمد عيسى وبحضور وزراء حاليين و سابقين وممثلي السلك الدبلوماسي لبعض الدول العربية في الجزائر ومشايخ الزوايا و أسقف وهران و ضيوف و السلطات المحلية و العسكرية وعدد كبير من المواطنين جاؤوا من مختلف مناطق الوطن. و كان افتتاح هذا القطب الديني الذي تزامن مع إحياء ذكرى يوم العلم و افتتاح تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية و الذكرى الأولى لإنتخاب رئيس الجمهورية لعهدة رابعة أروع هدية لوهران في احتفالات الذكرى الستين للاندلاع ثورة التحرير المظفرة أول نوفمبر 1954 و أبلغ تخليد للمصلح عبد الحميد بن باديس الذي كرس حياته في العمل من أجل الحفاظ على الهوية الجزائرية و المرجعية الوطنية. و في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها وزير الشؤون الدينية و الأوقاف بالمناسبة قال " أن مسجد بن باديس إلى جانب جامع الأمير عبد القادر بقسنطينة يمثلان رمز للأصالة و التدين العميق واستعادة السيادة الوطنية " . و أشار إلى " أنه بعد أن اعترضت صعوبات لاستكمال المسجد قرر رئيس الجمهورية في سنة 2007 تسجيل ميزانية على عاتق الدولة لاستكماله بمبلغ 5ر8 مليار دج". وقد شكل افتتاح هذه المؤسسة الدينية حدثا وطنيا ولا يمكن لأحد أن ينسى حشود المواطنين القادمين من مختلف الولايات الذين شدوا الرحال جماعات و فردى رجال ونساء وشيب و شباب لأداء أول صلاة جمعة في هذا المسجد التي نقلت شعائرها عبر القنوات الفضائية لمؤسسة التلفزة الوطنية. كما صنعت مراسيم الافتتاح لهذا القطب الديني التي تميزت بتلاوة جماعية للذكر الحكيم وقراءة البردة للإمام البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم إضافة إلى تنظيم عروض للفروسية بمحيط المسجد و تقديم أهالي المدينة أكلة الكسكسي للمواطنين الحدث البارز في الصفحات الأولى لليوميات و قنوات الفضائية الخاصة و شبكات التواصل الاجتماعي حيث وصف أحد المواطنين في تغريدة نشرها عبر الانترنت ب "اليوم المشهود في تاريخ الجزائر و الوهرانين". وفي هذا الشأن أكد الإمام الرئيسي لمسجد عيد الحميد بن باديس السيد محمد إبراهيمي "أن افتتاح هذا الصرح الديني الذي أنتظره الوهرانيون كثيرا "كان حدثا بارزا في سنة 2015 و إضافة جديدة لمدنية وهران في نشر الوعي الديني لدى الشباب و كافة شرائح المجتمع". تحفة معمارية .... بعد مخاض عسير لقد جاءت فكرة إنجاز مشروع المسجد القطب عبد الحميد بن باديس بمبادرة من الوهرانيين في السبعينيات من القرن الماضي و في سنة 2000 بعد تأخر تنفيذ المشروع دام قرابة ثلاثة عقود أسندت الأشغال لشركة جزائرية ثم واصلت الأشغال شركة صينية غير أنها توقفت بفعل نقص الاعتماد المالي المخصص لمشروع. واستأنفت الأشغال فيما بعد بفضل الغلاف المالي الذي خصصه للمشروع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من ميزانية الدولة 2008حيث بلغت تكاليف هذا المشروع الذي أسند استكماله لشركة تركية في سنة 2013 حوالي 5ر8 مليار دج حسب مديرية الشؤون الدينية والأوقاف. ويتميز مسجد عبد الحميد بن باديس بمنارته المغطاة بالزجاج البالغ ارتفاعها 104 أمتار زينت سماء مدينة و هران و بالطابع المعماري الأندلسي المغاربي. ويتوفر على قبة بعلو 64 مترا و8 أبواب اثنان منها مصنوعين من الخشب والبرونز. و يشمل المسجد الكبير "عبد الحميد بن باديس" الذي خصص له مساحة 4 هكتارات قاعة للصلاة للرجال وأخرى للنساء بالطابق العلوي وفضاءات أخرى للصلاة بطاقة إجمالية تقدر بنحو 25 ألف مصلي. ويتوفر هذا المركب الإسلامي المسمى ب "المسجد الرئيسي القطب " على هياكل أخرى على غرار معهد و مدرسة قرآنية و قاعة محاضرات تحمل إسم مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة " الأمير عبد القادر " تتسع ل 400 مقعد و 13 محلا تجاريا تم كراء 10 منها وحظيرة تتسع ل 400 سيارة ومكتبة غيرها من الهياكل وفقا لما ذكره مدير هذه المؤسسة السيد مويلح أحمد. و من أجل التكفل بأعباء المسجد القطب الذي تشرف على تسييره مؤسسة عمومية أنشأت لهذا الغرض فقد استفاد من إعانة استثنائية تقدر ب 20 مليون دج في إطار الميزانية الأولية للولاية لسنة 2016 حسبما ذكره مدير الإدارة المحلية خلال عرضه للميزانية في أشغال الدورة العادية الرابعة للمجلس الشعبي الولائي. المسجد ....مقصد روحاني و تثقيفي و سياحي وأصبح القطب الديني "عبد الحميد بن باديس" مند تدشينه مقصدا لآلاف المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية و التعليمية الذين يؤدون صلاة الجمعة يأتون من مختلف جهات الولاية و الوطن حيث شهد خلال شهر رمضان الماضي توافدا كبيرا لأداء صلاة التراويح حتى لم تعد قاعة الصلاة تكفي للوافدين مما اضطر آخرون على أداء الصلاة بالفضاءات الملحقة حسبما لوحظ. ويعد هذا الصرح الديني " إضافة جديدة " لمدينة وهران من النواحي الثقافية و العلمية و نشر الوعي و الإرشاد الديني لا سيما في هذا الظرف التي انتشرت فيها الوسائط الإعلامية يفيد الإمام الرئيسي لهذا المسجد. وفي هذا الإطار فإن هذا المركب الديني الذي يتوفر على عدة مرافق يسعى إلى استقطاب مختلف شرائح المجتمع لنهل من هذا المسجد الثقافة و المفاهيم الدينية الصافية و النقية البعيدة عن التشويه و ذلك حفاظا على المرجعية الوطنية يضيف السيد محمد إبراهيمي . مبرزا بأنه "مشروع نسعى إلى تحقيقه مع مختلف الشركاء الشؤون الدينية و الأوقاف و مديرية التربية و الجامعة". كما يعمل هذا الصرح الديني الذي تدعم بمجلس علمي على استقطاب فئة الشباب لتمكينهم من الاستفادة من تعليم القرآن و الدعم المدرسي ومحو الأمية مثلما أشير إليه. وفي هذا الصدد تم فتح أقسام لتعليم اللغات ( العربية و الفرنسية و الانجليزية) و لتقديم دروس الدعم لتلاميذ المقبلين على الامتحانات المختلفة مكيفة مع برنامج مديرية التربية و ذلك تحت إشراف أساتذة مسخرين من قبل ذات المديرتين و متطوعين مثلما لفت إليه مدير المؤسسة المسيرة لهذا الصرح الديني. و تلقى المكتبة التي تزخر بمخزون من الكتب يقدر ب 1.393 عنوانا في مختلف الاختصاصات والمجهزة ب مديتاتيك تضم 24 جهاز كوبيوتر إقبالا من قبل المسجلين من مختلف الشرائح الاجتماعية . كما ساهمت الكثير من الأنشطة الدينية و الثقافية و العلمية و الندوات والملتقيات المنظمة منذ افتتاح هذا المسجد في تنشيط الحركة العلمية و الثقافية بعاصمة الغرب الجزائري يقول أحد زوار هذا الصرح الديني. ونظرا لجمال الهندسة المعمارية التي يزخر بها القطب الديني "عبد الحميد بن باديس" فقد أدرج ضمن المسار السياحي للمدينة وأصبح وجهة للعديد من السياح المحليين و كذا السياح الأجانب من مختلف الدول الأوروبية و شخصيات أجنبية و وزيارة رجال الثقافة والدين كما سجل هذا المسجد جلسات لاعتناق الدين الإسلامي و فق الإمام الرئيسي لهذا الصرح .